تحدث الكاردينال لويس روفائيل ساكو، بطريرك الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية ، عن الفرق بين الحرية الدينية وحرية الضمير قائلاً : ان معظم دول العالم ومن ضمنها لبنان، تحترم الحرية الدينية والمعتقد وحرية الضمير لأنها مقدسة، أما في بلدان الشرق الأوسط فهي تعتمد فقط على حرية الدين، في الدستور العراقي المادة 2 الفقرة 24 تنص صراحة على ان لكل فرد حرية الفكر والضمير والعقيدة، لكن هذا فقط على الورق.
وأضاف “ساكو ” خلال المقال الذي تم نشره علي الصفحة الرسمية للبطريركية الكلدانية بالعراق : انه ينبغي التمييز بين حرية الديانة وحرية الضمير، أنهما موضوعان مختلفان، فالحرية الدينية تعني ممارسة الشعائر الدينية داخل المعابد، أما خارجها ثمة قيود في موضوع التبشير مثلاً وعدم إدراج التاريخ المسيحي والديانات الاُخرى في مناهج المدارس العامة التي تقتصر على ذكر الديانة الإسلامية واحياناً تتضمن بعض الكتب فقرات مسيئة للديانات الاُخرى.
وتابع “ساكو” : حرية الضمير أو الوجدان، تعني حرية الفرد في اعتناق الدين أو المعتقد الذي يشاء، عن طريق المعرفة والقناعة وليس عن طريق الوراثة التقليدية لكي يكون ملتزماً واعياً وفاعلاً نشِطاً، وحرية الضمير تؤمن حق تغيير الدين. وجاء في شرعة حقوق الإنسان المادة 18 و 6، أن لكل شخص الحق في أن يؤمن بما يشاء، ويرفض ما لا يقتنع به.
وأستطرد “ساكو” أللممارسة الدينية قيمة عندما تنبع عن الحرية الكاملة والقناعة الثابتة وليس عن إكراه. في ذلك يقول القرآن “إنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ” (سورة القصص؛ آية 56). الدين يُعرَض ولا يُفرَض. الإكراه هو اعتبار الفرد قاصراً، لذا يُفرض عليه دينه بالوراثة، ولا يجرؤ على الخروج منه. إن الإكراه ينسف كل مبادئ الحرية والكرامة.
وأشار “ساكو ” إلى ان الدين إيمان وقناعة يختاره الفرد عن وعي ويرتاح له، ويلتزم به بحماسة. يتقاطع مبدأ الحرية مع كل أشكال الإكراه.
وكشف" ساكو" ان الحرية الفردية مُصانة في المسيحية. إنها علاقة روحية وشأن بين الفرد وربِّه. يولد الإنسان حراً وقيمته في إختيار قراره بوعي ومعرفة والالتزام به. لا توجد في المسيحية ردةّ، أي إجبار شخص غيَّر دينه بالعودة اليه أو بالقتل.
وتابع “ساكو” : في مؤتمر عن الحرية الدينية عقد في الفترة الأخيرة، شارك به وزير الخارجيّة الأمريكي أنتوني بلينكن، إلى جانب سفير الحريّة الدينيّة الدوليّة رشاد حسين، تمّ التأكيد على أن “احترام الحرية الدينيّة ليس فقط من أعمق القيم، وحق إنسانيّ عالميّ، إنما أيضاً أولويّة حيويّة…، وبالتالي يجب علينا أن نفعل المزيد لمكافحة أشكال الكراهية المتزايدة”.
واشار “ساكو ” الى ان الوضع في بلدان الشرق الأوسط يحتاج الى الانفتاح والخروج من الموروث الديني التقليدي (غير العقائدي) وسَنّ تشريعات جديدة وإصلاح القوانين القديمة التي تتعارض مع الواقع المعاش. هناك محاولات في تونس وغيرها في هذا الصدد.
وتابع “ساكو” : في لقاء خاص قبل عدة أسابيع أجرته قناة الشرقية معي، أشرت الى الحرية الدينية حيث أجبر تنظيم القاعدة مسيحيين على اعتناق الإسلام، من دون تعليم ولا قناعة. وحاولتُ أن اُعالج الموضوع مع السلطات الحكومية فلم افلح. قلتُ في اللقاء المسجَّل: لماذا يمكن للمسيحي أن يُغير دينه ويُحرم غيره من التحول الى دين آخر. وتطرقتُ أيضاً الى موضوع الردة في الموروث الإسلامي.. قلتُ أن المسيحية تحترم حرية الضمير، وكررتُ: من يريد ان يصير مسلماً فهو حر، لكن بالمقابل يجب منح الحق لغير المسيحي في إختيار دينه.
واختتم الكاردينال لويس روفائيل ساكوبطريرك الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية ، اُقتطع الحوار وشوِّهَ، بحيث إعتمدت احدى النائبات “المسيحيات” قبل أيام على قناة الشرقية هذه العبارة المُقتطعة من سياق الحديث بطريقة غير نزيهة لإنتقادي، وكأنها أكثر حرصاً على المسيحية مني. ليسامحها الله ويمنحها الشجاعة الكافية لكي تراجع ضميرها وتعود الى اخلاقها المسيحية. فللحرية قيمة لمن يلتزم بالحقيقة.