يعد المخرج المسرحي عصام السيد أكثر مخرجي جيله حرصًا على تطوير أدواته الإخراجية والبحث والاطلاع على المدارس المسرحية والسينمائية العالمية الحداثية للاستفادة من كل ما يفيد تجربته الإخراجية ويمنحها تجددًا وبهاءً، لذلك تبدو أعماله أكثر شبابية من مخرجين شباب يكتفون بما تلقوه في معاهد دراسة الفنون، فالمتتبع لرصيده سيكتشف أيضًا تمسكه بنشر التنوير والبحث عن غد أفضل وتقديم قراءات تحليلية لما يدور من حولنا.
يُشير الناقد باسم صادق في كتابه "عصام التنوير.. وسيد الكوميديا الجادة" الصادر عن المهرجان القومي للمسرح المصري في دورته الـ15، إلى مشواره ينقسم إلة ثلاث محطات أساسية الأولي هي محطة "درب عسكر" وبعض عروض تاليه لها تشابهت معها في الإخراج، فهذه المحطة تتحدث عن تاريخ فن الارتجال من قبل 1918 حتى 1956وقد جعله يستعين بمشاهد للمرتجلين ويدفع الممثلين للارتجال عليها من جديد وكانت هذه التقنية جديدة وقتها، كذلك الأمر بالنسبة لعرض "عجبي" الذي قدم على خشبة القومي 1985، عن قصة حياة صلاح جاهين بشكل غير تقليدي معتمد على مشاهد منفصلة متصلة بخيط درامي يروي تطور جاهين الرسام والشاعر المرتبط بتطور الحركة السياسية بمصر.
"أهلا يا بكوات" هي المحطة الثانية التي قدمت عام 1989، ورشحه لها الكاتب المسرحي لينين الرملي، تلك التجربة قدمت بطريقة كلاسيكية بحته، لكن بطريقته أيضًا، حتى أنه وظف إغلاق الستار في نسيج الدراما، وكان استخدامًا جديدًا وقتها، أشاد به الجميع، ثم أخرج مسرحية "الأرنب الأسود" بنفس الطريقة، حى عاد مرة أخرى لإسلوبه المعتاد في المشاهد المنفصلة المتصلة في عرض "اللي بنى مصر" عام 1991، ومسرحية "شرم برم" عام 1993.
أما المحطة الثالثة فكانت بعرض خارج كل السياقات وهي احتفالات أكتوبر 1993، التي كانت بمثابة نقلة مختلفة تمامًا بسبب تعدد مستويات العمل المتعددة والمعقدة، حتى جاءت احتفالات أكتوبر 2009، في الإسماعيلية، وتجرى على 4 مستويات وهي: خشبة المسرح، وتحتها أرض الجيش الثاني بمساحة ضعف استاد القاهرة، وعلى اليسار قناة السويس، وفي الجو الطيران، فقام باستغلال تلك المستويات في العرض، فتخيل أن تقود 8000 جندي، إلى جانب الممثلين، والراقصين، وطلبة التربية الرياضية، ومعدات المدرعات، والمجاميع القتالية على بعد 4 كليومترات، فالحديث عنه كمخرجًا يطول، وأيضًا كاداريا ناجحا، فاستطاع بخبرته وحرفيته الشديدة أن يرسم الأطر العامة لتلك المسئوليات التي قادها.
ويقول الفنان حسين فهمي عنه، إنه فنان مسرحي من طراز فريد، وتركيبة سياسية ثقافية رائعة، عملت معه منذ فترة وقدمنا سويا عروضًا على مسرح الدولة والخاص أيضًا، والتي حققت نجاحًا كبيرًا، لقد وجدت فيه مخرجًا واعيًا لروح النص الذي نقدمه، فخشبة المسرح هي ملعبه الخاص، والممثل يصول ويجول فيها بكل حرية مع مرعاة زاوية المشاهد من كل زوايا المسرح، وإحساس الكوميديا غير عادي، فالحديث عن هذه الشخصية بكل أبعادها يطول.
ثقافة
عصام التنوير.. وسيد الكوميديا الجادة
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق