نشرت صفحة "المؤرخون المصريون" على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك وثيقة تمثل ورقة من دفتر اليوميات والمخاطبات الرسمية لعالم الآثار الألماني بورخاردت أثناء قيامه بأعمال الحفائر في بدايات القرن العشرين وتحديدًا في الفترة بين عامي 1911 و1914م في منطقة تل العمارنة بمحافظة المنيا بناءً على تصريح رسمي من الحكومة المصرية آنذاك وتم الكشف عن رأس تمثال نفرتيتي "أحد أشهر القطع الأثرية في العالم".
وأشتر خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة إلى أن بورخاردت قام بالتدليس بتزييف الحقيقة ووصف التمثال بغير حقيقته على أنه مجسم مصنوع من الجبس لإحدى الأميرات من عصر العمارنة، وقام بتخزينها في صندوق خشبي ووضعها في غرفة صغيرة رديئة الإضاءة ليتم تصويرها بشكل سيء لا يُظهر قيمتها وشحنها لمخزن البعثة وبعدها تم تهريب التمثال إلى منزله في حي الزمالك بالقاهرة، ومن هناك تم تهريبه إلى ألمانيا مخفيًا ضمن قطع فخار محطمة غير ذات قيمة، مرسلة إلى برلين للترميم دون عرضها على الجانب المصري.
وأضاف : في الخطاب يذكر بورخارت أن التمثال غاية في الروعة ولا مثيل له قط ولم يرى في حياته شبيهًا له ولا يجب أن تحتفظ به مدينة غير برلين واختتم بأنه مذهل لا يمكن وصفه.. يجب أن تراه بعينيك، بالإضافة لرسم مبدأي للتمثال، وهذه وثيقة لا تقبل الطعن تُثبت أحقية مصر في إستعادة التمثال وتشهد على التدليس وتزوير الحقائق مما يؤكد الخروج الغير شرعى لرأس تمثال نفرتيتى
وأوضح ريحان إنه من خلال جميع التقارير الخاصة بالحفائر آنذاك فإن بورخاردت كان يدرك مدى الأهمية الفنية والتاريخية لتمثال نفرتيتى بمجرد اكتشافها وقام بإخراجها من مصر عام 1913 بالمخالفة لعملية اقتسام الآثار المتشابهة آنذاك.
ورصد مجهودات عالم المصريات الدولى الدكتور زاهى حواس وزير الآثار الأسبق والذى أرسل ثلاثة خطابات رسمية لنقلها إلى الحكومة والسلطات الألمانية المختصة يطالب فيها باستعادة تمثال رأس نفرتيتى المعروض بمتحف برلين بألمانيا وأرسل حواس الخطابات لكل من الدكتور هيرمان باتسنجر رئيس مؤسسة التراث البروسي الثقافى ببرلين، وهي مؤسسة حكومية تشرف علي جميع المتاحف الألمانية ومن بينها المتحف الجديد ببرلين الذى يضم تمثال الملكة نفرتيتى، كما تم إرسال طلب إلي العلاقات الثقافية بوزارة الخارجية لإرساله للمؤسسة الألمانية فى حين تم إرسال نسخة من الخطاب إلي السفير الألمانى بالقاهرة.
ولفت ريحان الى ان ذلك تم بعد موافقة الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء الأسبق والفنان فاروق حسنى وزير الثقافة الأسبق على طلب الدكتور حواس بإرسال هذه الخطابات للمطالبة رسميًا برأس نفرتيتى بعد سلسلة من الاجتماعات التى عقدتها اللجنة القومية لاسترداد الآثار المصرية بحضور عدد من السفراء وخبراء القانون الدولى وعلماء الآثار فى مصر وإثبات أحقية مصر فى استعادة نفرتيتى.
ونوه إلى أن الطلب الرسمى المصرى لاستعادة نفرتيتى استند إلى المادة 13 ـ ب من اتفاقية اليونسكو عام 1970 الخاصة بمنع وتحريم الاستيراد والتصدير والنقل غير القانونى للممتلكات الثقافية، وهي المادة التى تطالب جميع أطراف الاتفاقية بضمان التعاون فى تسهيل استرداد الممتلكات لأصحابها الأصليين فى أسرع وقت ممكن، وكان عالم الآثار الألمانى لودفيج بورخاردت وفريقه الأثرى قد عثروا على تمثال نفرتيتى في السادس من ديسمبر عام 1912 فى ورشة "أتيليه" الفنان الملكى تحتمس بمنطقة تل العمارنة بمحافظة المنيا والذى كان من أهم فنانى عصر العمارنة والملك إخناتون الذى حكم من 1353 إلى 1336ق.م.
وكان الرد الرسمى الألمانى على طلب حواس استعادة تمثال رأس نفرتيتى هو رفض وزير الدولة الألمانى للشئون الثقافية بيرند نويمان إعادة أو حتى مجرد إعارة التمثال النصفى للملكة الفرعونية نفرتيتى لمصر، وقال متحدث باسم نويمان إن إعادة تمثال نفرتيتى ونقله المترتب على ذلك أمر مستبعد تمامًا انطلاقًا من مبدأ المحافظة على التمثال.
وذكر أنه لا يوجد طلب رسمى من الحكومة المصرية لاسترداد التمثال .. مضيفًا لا يمكن أن يكون هناك مفاوضات حول هذا الأمر لأن الحصول على التمثال تم بطريقة قانونية آنذاك
وفى المقابل تنفى مؤسسة الإرث الثقافى البروسى في برلين أن يكون عالم الآثار الألماني بورشارت "أو بورخاردت كما يكتب فى بعض المصادر" الذى اكتشف التمثال النصفى الملون لزوجة الملك إخناتون فى ديسمبر عام 1912 فى منطقة تل العمارنة بمحافظة المنيا جنوبى مصر قد ضلل المفتش المسئول فى ذلك الوقت عن الآثار فى العاصمة المصرية القاهرة .
ونقل عن صحيفة "الإندبندنت" إن ألمانيا رفضت المطالب المصرية باستعادة تمثال رأس نفرتيتى ونقلت عن المتحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية قوله إن الطلب الذى تقدم به الدكتور زاهى حواس أمين عام المجلس الأعلى للآثار الأسبق ليس طلبًا رسميًا مشيرًا إلى أن الطلب الرسمى يكون من قبل حكومة إلى أخرى، وأضاف أن التمثال هش للغاية لدرجة تعوق إعارته إلى مصر وأن حكومته ستستمر فى رفض المطالب بإعادة نفرتيتى.
وتابع ريحان تاريخ المطالبة باستعادة رأس نفرتيتى من ألمانيا حيث تقدمت مصر بطلبات استعادة تمثال نفرتيتى من مجلس قيادة الحلفاء بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وهو المجلس الذى كان يسيطر على الأوضاع في ألمانيا بعد هزيمتها فى هذه الحرب حيث أرسل الملك فاروق الأول ملك مصر والسودان بمذكرة رسمية بتاريخ 14 أبريل 1946 إلى مجلس قيادة الحلفاء يطلب فيها استعادة تمثال نفرتيتى.
كما أرسلت الحكومة المصرية طلبًا مماثلًا عبر السفير المصرى بالولايات المتحدة لوزارة الخارجية الأمريكية فى الحادى والعشرين من فبراير 1947 وتلقت الحكومة المصرية ردًا فى الثامن من مارس 1947 من مجلس قيادة الحلفاء بأنه ليس لديهم السلطة لاتخاذ مثل هذا القرار، ونصح الحكومة المصرية بإعادة مخاطبة الحكومة الألمانية التي سيعاد تشكيلها.