شهدت أزمة الخبز في لبنان انفراجه كبيرة حيث توفرت رابطات الخبز بمختلف المخابز والمتاجر واختفت الطوابير من أمام الأفران، وذلك نتيجة توافر القمح والدقيق لتغطية احتياجات لبنان لمدة شهر ونصف وذلك بعد وصول كميات من القمح إلى لبنان وتوزيعه على المطاحن المحلية التي انتجت الدقيق وقامت بتوزيعه على الأفران.
كما شددت الجهات المعنية من الإجراءات الرقابية لمنع تهريب القمح والدقيق المدعومين ووقف الاتجار بالخبز المدعوم في السوق غير الرسمية، بالتزامن مع وصول كميات من القمح المستورد إلى لبنان.
وكانت أزمة الخبز في لبنان قد تفاقمت حيث أغلقت أفران أبوابها في مناطق متفرقة بالبلاد، فيما اصطفت طوابير طويلة أمام الأفران التي وضعت ضوابط محددة لبيع الخبز بالسعر الرسمي المدعوم وأبرزها تقنين كمية الخبز التي يمكن أن يحصل عليها كل شخص.
ويواجه لبنان صعوبات في عمليات توفير القمح منذ بداية الحرب في أوكرانيا حيث أعلن وزير الاقتصاد اللبناني أمين سلام في الخامس والعشرين من فبراير الماضي أن لبنان يستورد حوالى 50 إلى 60 بالمائة من القمح من أوكرانيا، فيما يعتمد في تلبية بقية احتياجاته من بعض الدول التي تجاورها، موضحا أن مخزون القمح في البلاد يكفي لشهر ونصف فقط ولا يمكن تخزين أكثر من هذه الكمية في البلاد، مشيرا إلى أن لبنان يحتاج بين 40 و50 ألف طن شهريا من القمح لتغطية حاجة السوق المحلية، إلا أن قدراته التخزينية لا تتعدى شهر أو شهرين على الأكثر وذلك لأن الكميات تخزن في المطاحن مباشرة لعدم وجود مخزون احتياطي بسبب الدمار الذي لحق بصوامع القمح الموجودة في ميناء بيروت البحري جراء الانفجار المدمر الذي وقع في الرابع من أغسطس عام 2020.
وأوضح أنه خلال فترة الاستهلاك، يتم طلب بواخر جديدة لتصل قبل نفاد الكميات الموجودة معتبرا أن هذه الآلية تتم من قبل وزارة الاقتصاد لأنها تعطي اوامر السماح بدخول واستيراد القمح بالتنسيق مع مصرف لبنان، والذي يدعم القمح بنسبة مئة بالمئة، مشيرا إلى أن لبنان به حوالي 12 مطحنة، وللمطحنة قدرة استيعابية معينة تستطيع تخزين مخزون شهر فقط.
ونتيجة لارتفاع تكلفة انتاج الخبر، رفعت الوزارة أسعار ربطة الخبز مرتين منذ شهر فبراير وحتى اليوم الذي لا تزال فيه الأسعار ثابته ولكن الخبز نفسه مفقود وسط أزمة نقص حادة في الدقيق لم يسبق لها مثيل.
وفي محاولة لحل الأزمة، أصدرت وزارة الاقتصاد عدة قرارات منها رفع الدعم نهائيا عن القمح المخصص لإنتاج جميع المخبوزات بخلاف الخبز العربي، وهو ما نتج عنه زيادة كبيرة في أسعار المناقيش والمنتجات الأخرى التي يعتمد عليها اللبنانيون بشكل أساسي كوجبات يومية. كما صدر قرار بخفض حصص الأفران الكبيرة من الدقيق المخصص لإنتاج الخبز العربي منعًا لاستعماله في صناعة المعجنات الأخرى المتنوعة والموجودة أكثر لدى الأفران ذات الحصص الكبيرة، وتشجيعًا للأفران الصغيرة المتوزعة في القرى والمناطق البعيدة على زيادة انتاجها وحمايتها من المنافسة والمضاربة.
كما كثفت وزارة الاقتصاد من حملاتها الرقابية وأحالت الوزارة عددا من المطاحن والأفران إلى النيابة العامة.
على صعيد متصل، أقر مجلس النواب اللبناني في جلسته التشريعية الاخيرة اتفاقية قرض مقدم من البنك الدولي بقيمة 150 مليون دولار أمريكي لتنفيذ مشروع الاستجابة الطارئة لتامين إمدادات القمح، وهو ما يكفي لبنان لتأمين القمح لمدة 9 أشهر على الأقل، حيث من المقرر أن تدخل الاتفاقية في حيز التنفيذ خلال شهر سبتمبر المقبل بعد إقرارها بشكل نهائي من قبل رئيس الحكومة وتنتظر موافقة رئيس الجمهورية.