تحل اليوم الأربعاء ذكرى وفاة الشاعر الكبير عبدالوهاب البياتي وهو واحد ممن كتبوا عن القضية الفلسطينية في قصيدة له يتحدث فيها عما وصل إليه أمر الفلسطينيون وحياتهم في الملاجئ، ويعد واحداً من أربعة أسهموا في تأسيس مدرسة الشعر العربي الجديد في العراق "رواد الشعر الحر"، الذي رحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم عام 1999.
ولد عبدالوهاب البياتي في بغداد سنة 1926 في محلة باب الشيخ، له ست أخوة جميعهم امتهنوا أعمال تجارية،تربّى البياتي في منزل جده وأبيه في منطقة باب الشيخ وتأثر جداً بتناقضات وتراجيديا هذا الحي البغدادي العريق، تزوج من السيدة هند نوري العبدان، و رُزِق بأربعة أبناء.
نال شهادة اللغة العربية وآدابها 1950م، واشتغل مدرسًا من عام 1950-1953م، مارس الصحافة عام 1954م في مجلة الثقافة الجديدة، لكنها أُغلقت، وفُصِل عن وظيفته، واعتقل بسبب مواقفه الوطنية؛ فسافر إلى الكويت ثم البحرين ثم القاهرة، وزار الاتحاد السوفييتي ما بين عامي 1959 و 1964 م، واشتغل أستاذًا في جامعة موسكو، ثم باحثًا علميًّا في معهد شعوب آسيا، وزار معظم أقطار أوروبا الشرقية والغربية. وفي سنة 1963م أُسقِطت منه الجنسية العراقية، ورجع إلى القاهرة 1964م، وأقام فيها إلى عام 1970م.
أقام البياتي في إسبانيا في الفترة (1980-1989) ، وهذه المدة يمكن تسميتها المرحلة الإسبانية في شعره، إذ صار أحد الأدباء الإسبان البارزين، وأصبح معروفًا على مستوى رسمي وشعبي واسع، وتُرجِمت دواوينه إلى الإسبانية.
جمع حوله كُتّابًا ومثقفين عربًا وإسبان ومن أميركا اللاتينية، وفي تلك السنوات التي لاذ خلالها بشبه صمت شعري، كان العامل الأول فيها الحرب العراقية الإيرانية 1980-1988، إذ لم يكن يُشارك الرأي في ضرورة قيام تلك الحرب التي أضعفت البلدين.
وكان من بين المقربين إليه في تلك المدة المستعربون بدرو مارتينيث مونتابيث، كارمن رويث برابو، فدريكو أربوس، والناقد المصري الدكتور خالد سالم، فضلًا عن عدد كبير من المثقّفين، وخرج من عباءته الكثير من المستعربين وتأثّر به كُتّاب من أميركا اللاتينية.
توجّه البياتي إلى الأردن ومنها إلى الولايات المتحدة الأمريكية قبيل حرب الخليج عام 1991م، بسبب وفاة ابنته نادية التي تسكن في كاليفورنيا؛ إذ أقام فيها ثلاثة أشهر أو أكثر، بعدها توجّه للسكن في عمان الأردن ثم غادرها إلى دمشق وأقام فيها حتى وفاته عام 1999.
يمتاز شعر البياتي بنزوعه نحو عالمية معاصرة مُتأتّية من حياته الموزعة في عواصم مُتعددة وعلاقاته الواسعة مع أدباء وشعراء العالم الكبار، مثل الشاعر التركي ناظم حكمت والشاعر الإسباني رفائيل ألبرتي والشاعر الروسي يفتشنكو والمقام الكبير فالح البياتي، وكذلك بامتزاجه مع التُراث والرموز الصوفية والأسطورية التي شكلت إحدى أهم الملاحم في حضوره الشعري وحداثته، وكانت تربطه علاقة خاصة بالشاعر بدر شاكر السياب.
يدخر تاريخه بالأعمال الأدبية منها:"ديوان ملائكة وشياطين 1950م، أباريق مهشمة 1954م، المجد للأطفال والزيتون 1956، رسالة إلى ناظم حكمت 1956م، أشعار في المنفى 1957م، عشرون قصيدة من برلين 1959م، كلمات لا تموت 1960م، طريق الحرية (بالروسية) 1962م، سفر الفقر والثورة 196، النار والكلمات 1964، الذي يأتي ولا يأتي 1966م، الموت في الحياة 1968م، تجربتي الشعرية 1968م، عيون الكلاب الميتة 1969م، بكائية إلى شمس حزيران والمرتزقة 1969م، الكتابة على الطين 1970."
كما صدر ديوان عبد الوهاب البياتي الذي ضم دواوينه المذكورة في 3 أجزاء نشْر دار العودة ببيروت 1972م، ومن أعماله الإبداعية الأخرى مسرحية محاكمة في نيسابور 1973م، ومن مؤلفاته بول اليوار، وأراجون، وتجربتي الشعرية ومدن ورجال ومتاهات وجمعت حواراته في كتاب كنت أشكو إلى الحجر.