الإثنين 23 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ثقافة

فى حكايات التجلي الأعظم.. لماذا اتخذ بنو إسرائيل جنوب سيناء كمسار للخروج؟

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

يستعرض خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو المجلس الأعلى للثقافة لجنة التاريخ والآثار نستكمل الحلقة السادسة عشرة بعنوان لماذا اتخذ بنو إسرائيل جنوب سيناء كمسار للخروج؟ في إطار استكمال حلقات "التجليات الربانية بالوادى المقدس طوى" منذ دخول يوسف الصديق وأهله آمنين إلى مصر ومسار نبى الله موسى بسيناء حتى الوصول إلى أعتاب المدينة المقدسة.

ويشير الدكتور ريحان إلى بنو إسرائيل لم يتخذوا طريق الفرما أى طريق شمال سيناء بعد نجاتهم من الغرق عند رأس خليج السويس رغم أنه أسهل الطرق ولكنه كان محميًا بالحصون المصرية القديمة ومؤدى إلى بلاد الفلسطينيين الأشداء المماثلين للمصريين القدماء، وقد جاء فى سفر الخروج نص صريح على سبب ترك طريق الفرما (وكان لما أطلق فرعون الشعب أن الله لم يهدهم فى طريق أرض الفلسطينيين مع أنها قريبة لأن الله قال لئلا يندم الشعب إذا رأوا حربًا ويرجعوا إلى مصر فأراد الله الشعب فى طريق برية بحر سوف) .

ويناقش الدكتور ريحان ما ذكر عن مسار خروج بنى إسرائيل حيث ذكر الدكتور عبد الرحمن العايدى أن الخروج كان عن طريق جنوب سيناء مستندًا إلى نظرية رندسبيرج حول توقيت الخروج الذى حدده فى عهد رمسيس الثالث، وبنى فرضيته على ذكر مدينة بيرعمسيس وأن الاضطهاد تم فى عصر الأسرة العشرين واعتمد على النص الوارد فى التوراة والذى يظهر أن بنى إسرائيل لم يدخلوا إلى فلسطين من الطريق الساحلى وهو طريق حورس الحربى الشهير الذى يبدأ من القنطرة شرق حتى غزة، وسلكوا مناطق جنوب سيناء خوفًا من هجمات شعوب البحر التى كانت تجتاح منطقة كنعان وسوريا وتصدى لهم رمسيس الثالث.

ويرى بتاك أنه بعد استبعاد الطريق الشمالى بساحل البحر المتوسط وكذلك طريق ممر متلا- نخل بوسط سيناء حيث لا توجد مياه كافية ولا يتسع لمرور هذا العدد الكبير من البشر أن طريق وادى فيران هو المرجح بعد استعراض المعطيات الجغرافية والنصوص الدينية، كما أكد روثنبرج تلك النظرية بعد دراسته للإصلاحات التى أنجزها الرومان بطريق وادى فيران بجنوب سيناء وكان عدد بنى إسرائيل قليل بنص القرآن الكريم  "إِنَّ هَٰؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ"  سورة الشعراء آية 54- 55.

ويتابع الدكتور ريحان بأن نبى الله موسى أخذ عظام يوسف الصديق معه لأنه كان قد استحلف بنى إسرائيل بحلف قائلًا: (إن الله سيفتقدكم فتصعدون عظامى من هنا معكم) سفر الخروج: الإصحاح الثالث عشر الآيات 17-1، (وارتحلوا من سكوت ونزلوا فى إيثام فى طرف البرية) سفر الخروج: الإصحاح الثالث عشر الآية 20، وأمر الله بنى إسرائيل بعمل مناورة لخداع فرعون فقال الرب لموسى (كلم بنى إسرائيل أن يرجعوا وينزلوا أمام فم الحيروث بين مجدل والبحر أمام بعل صفون مقابلة تنزلون عند البحر، فيقول فرعون عن بنى إسرائيل هم مرتبكون فى الأرض قد استغلق عليهم القفر، وأشدد قلب فرعون حتى يسعى وراءهم فأتمجد بفرعون وبجميع جيشه ويعرف المصريون أنا الرب ففعلوا هكذا) سفر الخروج الإصحاح الرابع عشر الآيات 2-4.

كما ورد فى التوراة (ثم ارتحلوا من إيثام ورجعوا على فم الحيروث التى قبالة بعل صفون ونزلوا أمام مجدل") سفر الخروج الإصحاح الثالث والثلاثون – الآية 7، ويرى بتاك أن طريق الخروج قد بدأ من مدينة رعمسيس أى تل الضبعة أو قنتير – مركز فاقوس- ثم اتجهوا إلى طريق الفرع البيلوزى أو ترعة بحر البقر حاليًا عبر طريق درب السلطان ثم ضواحى تل دفنة وهو موقع بعل صفون الذى ورد فى التوراة، ولكن هل ذهبوا إلى ناحية قلعة ثارو ناحية القنطرة شرق لكى يتحاشوا المرور من بحيرة البلاح لكى يصلوا إلى العيون المائية الشرقية لهذه البحيرة وهى المسماه يم سوف وهى باسوفى وقد ذكرت أحيانًا باسم شى حور وهى الحدود المائية التى وردت فى بردية أنستاسى 3 فى نشيد عن رعمسيس والتى كان يقصدها البدو لرعى قطعانهم .

وكان طريق بنى إسرائيل من شرق الدلتا حتى وصولهم إلى فلسطين كما جاء فى التوراة كالتالى: بررعمسيس- سكوت- طريق برية بحر سوف- فم الحيروث- إيثام- فم الحيروث (بين مجدل والبحر فى مواجهة بعل صفون)- مجدل  العبور فى وسط البحر إلى البرية فى خلال ثلاثة أيام- مارة- إيليم ذات الإثنى عشر عين ماء والسبعون نخلة - بحر سوف- برية سين- دفقة- ألوش- رفيديم التى لا يوجد بها ماء- برية سيناء- قبرة هتأوة- حضيروت- رثمة- رمون فارض- لبنة- رسة- قهيلانة- جبل شافر- حرادة- مقهيلوت- تاحت- تارح- مثقة- حشمونة- مسيروت- بنى يعقان- حور الجدجاد- يطبات- عبرونة- عصيون جابر- برية صين وهى قادش- جبل هور فى طرف أرض أدوم) سفر العدد: الإصحاح الثالث والثلاثون- الآيات 5-37.

وحقق الدكتور ريحان محطات مسار خروج بنى إسرائيل عبر شمال سيناء مستندًا إلى عدة آراء منطقية منها ما ذكره نور الدين عبد الصمد أن المناطق المذكورة أولًا بالتوراة حتى بحر سوف تمتد من منطقة شرق الدلتا حتى رأس خليج السويس على الضفة الغربية لقناة السويس حاليًا غير منطقية  لأن نقطة العبور كانت الحد الفاصل بين الطريق من الدلتا حتى عبور سيناء، لذلك فإن المناطق من بررعمسيس حتى العبور فى وسط البحر إلى البرية هى نهاية الرحلة قبل العبور إلى سيناء وأن مارة وإيليم داخل حدود سيناء، وإيليم هى عيون موسى الحالية 35كم من نفق أحمد حمدى وهى فعليًا على أرض سيناء وإداريًا حاليًا تتبع محافظة السويس.

ويوضح الدكتور ريحان المحطات التى وردت فى التوراة وهى سكوت حيث ظهرت كلمة "ثكو" فى وثائق الأسرة التاسعة عشرة مع مخصص العصا والبلاد الأجنبية دون مخصص المدينة المعروف فى اللغة المصرية القديمة والذى يستخدم للدلالة على أن المدينة تقع داخل مصر، وكانت هذه المنطقة تقع ضمن المقاطعة الثامنة فى الوجه البحرى كما كانت تعتبر من المناطق الحدودية، وقد عبّر المصريون عن المدن المصرية التى يتم فيها تجهيز الجيوش والتى بها حاميات لتأمين القوافل التجارية بمخصص البلاد الأجنبية باعتبارها إحدى النقاط التى تتعامل فى الشئون الأجنبية ولا يعنى هذا أن هذه المدينة أو المنطقة تقع خارج الحدود المصرية.

أمّا إيثام فمن المحتمل أن تكون قريبة من بيثوم أو تل المسخوطة الحالية الواقعة شرق وادى الطميلات إلى الغرب من مدينة الإسماعيلية، وقد حزفت كلمة بر مثلما حزفت بر عند ذكر مدينة برر عمسيس، وهى تقع على حافة الصحراء والمقصود هنا صحراء سيناء إلى الشرق من موقع إيثام وشرق بحيرة التمساح.

ويؤكد الدكتور ريحان رأيه بخروج بنى إسرائيل عن طريق جنوب سيناء بوجود 12 قلعة محصّنة على طول طريق شمال سيناء الحربى تبدأ من ثارو (شمال شرق مدينة القنطرة شرق) حتى غزة، كما جاء فى الدراسات الحديثة لعلماء الآثار ومنهم آلان جاردنر الذى اعتقد أن أول موقع على هذا الطريق هو تل أبو صيفى إلى الشرق من مدينة القنطرة شرق على الرغم من أن هذا التل يحوى بعض المنشئات المعمارية تمثل أحد الحصون وميناء وتعود جميعها إلى العصر الرومانى، وفى عام 1983 تم الكشف عن قلعة ثارو شمال مدينة القنطرة شرق بحوالى 3كم وكانت عبارة عن أسوار ضخمة من الطوب اللبن بداخلها مجموعة من الصوامع والمخازن .

وأثبتت الدراسات الحديثة أن ثارو كانت محاطة بالماء، وكانت القلعة فوق مكان مرتفع عن مستوى سطح الأرض، وكانت منطقة "حبوة 1" المشيد بها القلعة عبارة عن جزيرة ضمن نطاق منطقة البلاح، ويظهر فى نقش سيتى الأول الشهير بالكرنك الملك عائدًا من حملة بفلسطين وقسّم الفنان المنظر إلى قسمين، جعل الملك على اليسار وحصن ثارو إلى اليمين وبينهما قناة.