الإثنين 23 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة لايت

هانم على الرصيف.. من عز القصور إلى بيع الكمامات.. أكرموا عزيز قول ذل

أمينة هانم
أمينة هانم
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

على رصيف ميدان رمسيس، بجانب مدخل مترو الأنفاق، تجلس بجوار بضاعتها من الكمامات التي تبيعها لتحصل على جنيهات قليلة تكفيها الحاجة وابنها الوحيد، لم ينجح الشقاء والفقر وجلسة الشارع المرهقة في القضاء على بقايا حُسن وسمات عِزٍّ من زمن فات.

الهانم، هكذا يُطلِق عليها روادها الحريصون على شراء الكمامات منها رغبة منهم في الحديث معها والاستماع إلى لهجتها المصرية المميزة المختلطة بلكنة لبنانية واضحة لا تخطئها أُذن، اسمها أمينة محمد عبدالسلام، تبلغ من العمر 67 عامًا، ليس لها مَورِد رزق إلا بيع الكمامات، وُلِدت في حلوان لعائلة ميسورة الحال، والدها مدير عام سابق لشركة المبيدات الحشرية بكفر الزيات، تزوجت صغيرة كما كان مُتَّبعًا في ذلك العهد، وبسبب حُسنها المميز، زوَّجها والدها من رجل طيب مُكِد ومكافح، استطاع بجهده أن يكوِّن شركة للمقاولات وأعمال الدهان، تعمل في لبنان، ويحصل على صفقات من الحكومة اللبنانية وبعدها الحكومة الليبية، لم تُنجب إلا ابنًا واحدًا؛ محمد، أو كما تُطلق عليه "حمادة"، الذي ورث العمل عن والده في الدولتين، إلا أن الرياح تأتي دائمًا بما لا تشتهي السفن.

تسببت أحداث عام 2011م، في تراجُع عمل زوجها الراحل الذي يتولاه ابنه في لبنان وليبيا، حتى الإفلاس، فاتخذت قرارًا بالعودة نهائيًا إلى مصر.

تقول أمينة محمد عبدالسلام بلهجة مصرية تخالطها اللكنة اللبنانية: "دائما كانت مصر في قلبي فأنا مصرية من مواليد حلوان، كنت أرفض قضاء إجازات العائلة في دول أوروبا مُعارِضة رغبة زوجي الراحل، وكنت حريصة على العودة لمصر سنويًا، حتى ابني رفضتُ أن يولد خارج مصر، فجاء ميلاده في بلادي الحبيبة، كنا نعيش إجازاتنا بين حَيَّي الدقي والمهندسين، وعندما قررنا العودة نهائيًا بعد تردي الأوضاع في الخارج، افتتح ابني شركة للمقاولات والدهانات، وحصل على العديد من الأعمال من شركات استثمارية ومقاولين، لكنهم كانوا يتقاعسون عن إعطائه مستحقاته؛ فاضطر أن يبيع معدات غالية بثمن بخس، لتسديد مستحقات العمال و"الصنايعية"، ألجأتنا الحاجة إلى بيع أثاث الشقة الوحيدة التي حرصنا عليها حتى تأوينا وتحمينا أنا وابني من النوم في الشارع، شقة خاوية في منطقة الظاهر، نفترش الأرض وليس بها من الأثاث إلا بوتاجاز قديم مستعمل ننضج عليه ما تيسر من أطعمتنا".

تابعت "الهانم" في حزن واضح على ملامحها: "حينما ضاقَ بنا الحال اقترح رجلٌ على ابني أن نبيع كمامات، فكان الحال، فكرت كثيرًا في الانتحار وكِدتُ أن أقدم عليه لولا مواساة و"طبطبة" رجال الشرطة التابعين لقسم الأزبكية والمسؤولين عن ميدان رمسيس الطيبة، واهتمامهم بي وبابني ومعاملتهم الحسنة وحمايتي من الباعة الجائلين وبطشهم".

ترفع "الهانم" يديها إلى السماء طالبة من الله الستر والرحمة، وتناشد الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، أن ينظر إليها وابنها الوحيد لما تسمع عنه من الناس من دلائل رحمته واهتمامه بالمصريين.