لم تقتصر الحرب الروسية الأوكرانية وصراع الشرق والغرب علي مئات أو ربما آلاف القتلي والمصابين وتناثر الصواريخ والقنابل وحرب المخابرات والتجسس وانما اندلعت بالتوازي معها حربا اقتصادية شنتها الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها الأوروبيون والتي تمثلت في أكثر من 11 ألف عقوبة استهدفت جميع مفاصل الاقتصاد الروسي ومن يقف معه في نفس الخندق.
ومن المجالات التي شهدت هذا الصراع مجال الحبوب كالقمح والذرة والشعير حيث استهدفت العقوبات ومن قبلها الصواريخ والقنابل صادرات القمح الروسي والأوكراني وبدا أن العالم علي شفا مجاعة وأزمة غذاء كبري اعتمادا علي أن روسيا واوكرانيا يصدران ما يقرب من ثلث احتياجات العالم من القمح والحبوب بشكل عام.
وشنت امريكا حملة علاقات عامة تحذر فيها من أن أفعال روسيا أدخلت العالم في أزمة غذاء أوقفته علي أبواب مجاعة فتاكة.. وفي هذه الأجواء تخطط امريكا لكي يحل محصولها من القمح محل صادرات روسيا وأوكرانيا.
في هذه الأثناء وبعد وجود ملايين الأطنان من القمح العالقة في الموانئ الأوكرانية والروسية التي لا تجد طريقا للأسواق العالمية
ارتفعت العقود الآجلة للقمح الأمريكي في بورصة شيكاغو التجارية إلى 10.1 دولار للبوشل والذي يعادل 27.2 كيلو بعد أن كانت عند 9.8 دولار منذ شهر.
وضغط المستثمرون على القمح الأمريكي بعد صعوبة الحصول علي القمح الروسي والأوكراني نظرا لخطورة الحرب والاعلام وارتفاع تكاليف الشحن والتأمين والصعوبات اللوجستية
ما جعل أسعار القمح الأمريكي ترتفع لأعلى مستوى لها في أكثر من 8 أعوام كما شهدت أسعار العقود الأمريكية الآجلة للقمح زيادة قياسية في ظل الطلب القوي على خلفية شح في الإمدادات العالمية
وجاء صعود أسعار القمح بعد موجة صفقات في سوق التصدير أبرزها صفقة ضخمة حجمها 1.3 مليون طن اشترتها السعودية.
وينتظر المتعاملون نتائج مناقصة من مصر أكبر مشتر للقمح في العالم وخلال الفترة الماضية شهد سوق القمح ارتفاعا إلى مستويات جديدة وسط طلب عالمي قوي.
وسجلت الأسعار في بورصة شيكاغو التجارية أعلى مستوى لها منذ يناير 2013 في حين صعدت الأسعار في بورصة باريس يورونكست إلى أعلى مستوى في 13 عاما ونصف العام.
وساعد علي انتعاش القمح الأمريكي حصاد ضعيف للقمح الروسي فضلا عن رسوم تصدير التي فرضتها موسكو علي المصدرين.
وبلغ اجمالى إنتاج العالم من محصول القمح خلال عام 2018 نحو 763.06 مليون طن.. وتحتل الولايات المتحدة الأمريكية المركز الثاني عالميا في إنتاج القمح بـ 26.1 مليون طن سنويا فيما تأتي كندا في المركز الثالث فيما تحتل الولايات المتحدة المرتبة الأولى في حجم صادرات المحاصيل يتم تصدير ما يقرب من 50 ٪ من إجمالي إنتاجها من القمح وهناك 8 انواع من القمح الأمريكي: دوروم القمح، القمح الربيعي الأحمر الصلب، القمح الشتوي الأحمر الصلب، القمح الشتوي الأحمر الناعم، القمح الأبيض الصلب، القمح الأبيض الطري، القمح غير المصنف، والقمح المختلط ويمثل القمح الشتوي 70 إلى 80 % من إجمالي الإنتاج في الولايات المتحدة ويتم تصدير محصول القمح الربيعي الأحمر الأمريكي إلى أكثر من 70 دولة كل عام بنسبة 55٪. يتم تصدير 50٪ من إجمالي القمح المنتج في البلاد بقيمة 9 مليار دولار أمريكي.
وخلال أشهر قليلة وبالتحديد منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية أصبح القمح الذي طالما كان رمز السلام في العالم سلاحا مؤثرا بين الأطراف المتصارعة وأصبح ما يقارب 200 مليون شخص في العالم مهددين بالجوع بحسب الأمم المتحدة ما يهدد باندلاع "مجاعة" وصارت اسواق الولايات المتحدة الأمريكية البديل الأمن والضروري للقمح الروسي والأوكراني فرغم ان الصين هي أكبر منتج في العالم للقمح إلا أنها مستورد كبير ورئيسي وإنتاجها لا يكفي لإطعام سكانها البالغ عددهم 1.4 مليار شخص وبعد ضعف السوق الروسي والأوكراني لم يتبق إلا الولايات المتحدة وكندا وأستراليا.