كتب - حسام الحداد
كشفت تقارير عن مخطط جديد لتنظيم داعش الإرهابي، بنقل ثقله إلى قارة أفريقيا، بعد تراجع حظوظه فى سوريا والعراق،ونجاحات التحالف الدولى والعراق فى دحر التنظيم.
ودعا تنظيم ولاية غرب أفريقيا التابع لتنظيم "داعش" (ISWAP) ، فى مقطع فيديو، عناصر التنظيم فى الولايات التابعة له فى الشرق الأوسط ووسط وجنوب آسيا بالانضمام اتباع ومقاتلى التنظيم إلى فروع داعش فى أفريقيا.
وحذرت تقارير استخباريةمن تعاظم دور التنظيم الإرهابى فى القارة الأفريقية، وتحول أفريقيا إلى أرض خصبة لاستعادة دولة الخلافة،مع الهشاشة الأمنية وغياب التنسيق والتعاون الأمني والاستخباراتى بين دول القارة السمراء فى مواجهة التنظيم، وتحول التنظيم إلى سرطان ينتشر فى الجسد الأفريقي.
وتشكل ولاية غرب أفريقيا أبرز الولايات النشطة، لداعش، وأظهرت الإحصائيات بين يناير ويونيو الماضي، تنفيذ فروع التنظيم الإرهابي ما يقرب من نصف هجمات داعش حيث شن التنظيم نحو ٥٨٣ من أصل ١٢١٩ عملية إرهابية فى الدول الأفريقية، بنحو ٤٨٪ من العمليات التى شهدتها القارة السمراء.
ونفذ تنظيم داعش غرب أفريقيا، ٣١٤ عملية إرهاية بنحو ٢٤ عملية إرهابية فى القارة الأفريقية،فى ظل قدرة التنظيم الإرهابى على جذب مقاتلين جدد، والحصول على دعم مادي، مستغلا حالة الهشاشة الأمنية التى تشهدها دول الساحل والصحراء وغرب أفريقيا،كتشاد ومالي، والنيجر،ونيجيريا و بوركينا فاسو.
وشهدت منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وقوع ٤٨٪ من الوفيات الناجمة عن الإرهاب العالمى فى عام ٢٠٢١، وفقًا لتقرير مؤشر الإرهاب العالمى لعام ٢٠٢٢ الصادر عن معهد الاقتصاد والسلام، وهو مؤسسة بحثية عالمية مقرها فى سيدني، ولها فروع فى نيويورك ومكسيكو سيتى وأكسفورد.
وأوضحت تقارير استخباراتية إلى أن عناصر التنظيم الإرهابى تقدر بما يقرب من ٨٠٠٠ عنصر ينشطون فى صفوفه فى جميع أنحاء نيجيريا والنيجر، فضلًا عن الكاميرون المجاورة، من جنسيات متعددة، ويحصلون على السلاح والدعم المالى من خلال عمليات التهريب فى الصحراء الكبرى ، وأيضا عمليات فرض الإتاوات والخطف والفدية والضرائب على المناطق التى تتراجع فيها السيادة الأمنية للدول الأفريقية.
كذلك يقدر عدد عناصر تنظيم داعش في خليج غينيا، بنحو ١٠٠٠ مقاتل، وفى موزمبيق بنحو ١٢٠٠ مقاتل، كما أن للتنظيم أيضًا فروعا فى الصومال وليبيا، ويسعى إلى تأسيس فروع جديدة فى جنوب القارة الأفريقية.
كما يلعب داعش على تهريب السجناء فى سجون الدول الأفريقية، وقام بتهريب نحو ٨٠٠ سجين، من السجون النيجيرية، فى محاولة لدعم صفوفها بالمقاتلين.
كتاب يهدى وسيف يعين
وتباينت وتيرة الهجمات ضد المدنيين من قبل الجماعات الإرهابية فى أفريقيا فى مناطق الساحل والصومال حوض بحيرة تشاد وشمال موزمبيق وشمال أفريقيا – مما يؤكد الدوافع والاستراتيجيات المتمايزة لهذه المجموعات.
ويعول تنظيم داعش على محورين أساسيين فى التحشيد والتجنيدلصفوفه فى القارة السمراء، وتشير "النبأ" المتحدثة بلسان التنظيم الإرهابي، إلى أن ولاية غرب أفريقيا تسلك حاليًا مسارين متزامنين: طريق التوحيد لتوجيه المسلمين فى دينهم ومسار المجاهدين لمحاربة الكفار والمرتدين.
وهو ما يشكل تحولا فى استراتيجية التنظيم الإرهابى من نقل ثقله من الشرق الأوسط وخاصة العراق وسوريا إلى أفريقيا.
وفى هذا السياق قالت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية إنه "إذا كان الشرق الأوسط هو مهد تنظيم داعش، فإن أفريقيا باتت المكان الذى يشهد فيه التنظيم الآن أكبر طفرة فى النمو".
وذكرت المجلة فى تقرير لها أن كبار المسئولين والدبلوماسيين الأمريكيين فى مجال مكافحة الإرهاب، التقوا نظراءهم من دول أخرى فى مدينة مراكش المغربية، فى مايو الماضي، فى اجتماع سنوى للتحالف الدولى لهزيمة داعش، موضحة أن المشاركين فى الاجتماعأقرّوا بأن التنظيم يحقق مكاسب بأسرع وتيرة فى أفريقيا.
وأضافت أنه بعد سنوات من الإخفاقات العسكرية فى سوريا والعراق، وسّعت الجماعات التابعة لتنظيم داعش، فضلًا عن الجماعات المتمردة والإجرامية الأخرى التى تسير على خطاه، سيطرتها وكثفت هجماتها على الأهداف المدنية والعسكرية فى بعض المناطق الأكثر اضطرابًاسياسيًا فى غرب أفريقيا.
وأصدر تنظيم داعش سلسلة من مقاطع الفيديو القصيرة من فروعه المركزية فى سوريا والعراق تشيد بنظرائها فى أفريقيا وتستمر فى الدعوة إلى الهجرة هناك. هذا الشكل من الدعاية من الفروع المركزية لداعش يسلط الضوء مرة أخرى على الوزن والتركيز الذي يمنحه داعش لأفريقيا.
كما استفاد تنظيم داعش من تردى الأوضاع الاقتصادية وارتفاع معدلات الفقر والبطالة والسخط الشعبى ضد الحكومات لدعم نفوذه فى القارة السمراء.
أيضا لعب التنظيم على الصراعات الدينية والعرقية وضعف الحكم فى المنطقة، التنظيم يلعب على وتر المظالم لمسلمى أفريقيا،ومحاولة تجنيد عناصر من متمردين سابقين فى مواجهة الحكومات والقوات العسكرية والأمنية في هذه البلاد.
و أصبحت التوترات القبلية شديدة الاستقطاب في المناطق المتنازع عليها فى الساحل. لقد استغلت الجماعات الإرهابية وفى مقدمتها داعش بذكاء حالة التنافس على الموارد والحقوق بين المجتمعات المحلية وداخلها.
كما اسستهدف داعش غرب أفريقيا، إلى جانب قوات الجيش والشرطة فى هذه البلاد، الجماعات المسيحية،فى مناطق وقرى تخف فيها القبضة الأمنية، ولعب داعش دورا فى استهداف كنيسة مسيحية فى نيجيريا أدى إلى مقتل ٤٠ شخصا.
كما أدت عقود من الإهمال الحكومى ونقص الاستثمار الممنهج إلى جعل ”كابو ديلجادو” أفقر مقاطعة فى موزمبيق. وقد خلق هذا إحساسًا واسع النطاق بالاستياء والإحباط، لا سيما بين الجماعتين العرقيتين “مواني” و”ماكوا”، إذ تلقيان باللوم على هيمنة نخب الأعمال من عرقية “ماكوندي” والمسؤولين المحليين – المجموعة العرقية للرئيس “فيليب نيوسي” – على الإقصاء السياسى والاقتصادى لكل من “مواني” و”ماكوا”. أدى اكتشاف الياقوت فى “مونتيبويز” فى عام ٢٠٠٩ والغاز الطبيعى السائل فى قاع البحر قبالة “بالما” فى عام ٢٠١٠ إلى تفاقم التوترات،حيث إن المجتمعات التي فقدت الوصول إلى مناطق الصيد الخاصة بها أو تم تهجيرها من أراضيها المزروعة فى “كابو ديلجادو” لم تشهد إلى الآن أى وعود بفرص العمل أو تحقق الازدهار.
وانضم عشرات من شباب “مواني” و”ماكوا” فى نهاية المطاف إلى جماعة أهل السنة والجماعة (ASWJ) المتحالفة مع تنظيم داعش الإرهابي.
أبو زكريا.. فى شرق آسيا
الدعوة الداعشية لأتباعها خلق نوعا من التغير الاستراتيجى فى أهداف التنظيم، للتحول من الشرق الأوسط وشرق جنوب أسيا إلى أفريقيا، فالنجاحات الأمنية لدول جنوب وشرق اسيا فى مواجهة التنظيم الارهابي، ادت إلى تحول عيون التنظيم إلى القارة الإفريقية،الدول الغنية بالمواردوالهشة امنيا ، وتعانى من عدم استقرار فى غالبية دولها.
فى أوائل أبريل ٢٠٢٢، نشرت ما تسمى بـ"ولاية شرق آسيا" التابعة لداعش فى الفلبين شريط فيديو يوثق عناصرها وهم يبايعون زعيم داعش الجديد المدعو "أبوحسن الهاشمى القرشي" الذى تولى المسئولية بعد مقتل الزعيم السابق المدعو "أبو إبراهيم الهاشمى القرشي"، إذ ادعى رجل ملثم يتحدث العربية فى الفيديو، أن عناصر التنظيم فيما تسمى بـ"ولاية شرق آسيا"، وخاصة أولئك الذين يعملون فى الفلبين، فى حالة ممتازة على الرغم من الصعوبات وقد بقوا موالين لداعش، ودعا عبدالرحمن المسلمين فى جميع أنحاء العالم للانضمام إلى داعش.
ولكن التنظيم تعرض لضربة قوية بمقتل زعيم التنظيم داعش فى شرق آسيا، والتى تضم إندونيسياوماليزيا والفلبين، وتايلاند، "جير ميمبانتاس" والمعروف بـ"أبوزكريا" ويُعرف أيضا باسم "فخر الدين حاج ستار"، وهو زعيم لجماعة إرهابية داعمة لتنظيم داعش فى جنوب الفلبين تُعرف بـ"ماوت"، من قبل القوات المسلحة الفلبينية.
وفقا لتقارير فلبينية،كان أبو زكريا جزءا من عناصر التنظيم الإرهابى التى نفذت هجمات ضد القوات الحكومية فى مدينة، فى مايو ٢٠١٧، واستمرت الاشتباكات بين التنظيم الإرهابى والقوات الحكومية لأكثر من ٥ أشهر، قُتل خلالها حوالى ١٢٠٠ شخص، معظمهم من المسلحين، فيما دُمر جزء كبير من المدينة.
تشير الإحصاءات الرسمية إلى أن المعارك أدت إلى تهجير ٣٦ ألف شخص لكن الجمعيات الإنسانية تتحدث عن مغادرة ٤٦٧ ألف شخص منازلهم. وفى ساغياران وهى قرية قريبة من ماراوى لجأوا إلى مدرسة ابتدائية، حيث ينام الأطفال على الأسطح أو الأرض.
وجاء إعلان السلطات الفلبينية عن "أبو زكريا" قبل نحو أسبوع على إعلان التنظيم الإرهابى خليفته الجديد المزعوم، والذى لقب بأبو الحسن الهاشمى القرشى فى ١٠ مارس الماضي.
مقتل زعيم داعش فى شرق آسيا، أدت إلى تراجع مواجهة العنف خلال الفترة ما بين عامى ٢٠١٩ – ٢٠٢١.
وفى منطقة لاناو، ضعفت بقايا جماعة «ماوتي» التى شكلت الجزء الأكبر من القوات الجهادية خلال معركة «ماراوي»، ولكن يبدو أنها لا تزال تقوم بالتجنيد، فالمجموعة ممولة بشكل جيد.
فى أرخبيل سولو، تبدو شبكة الجماعات الإجرامية المتشددة التابعة لجماعة «أبو سياف» والمعروفة أيضًا باسم «فصيل سولو» فى وضع دفاعي، لكن خطرها لم يتوقف.
وتعد مقاطعة «ماجنداناو» جنوب الفلبين، ففي، اكثر فروع التنظيم الإرهابي ولاية شرق اسيا نشاطا، ولا يزال جماعة «مقاتلى بانغسامورو الإسلاميين» وفروعهم المنفصلة المستوحاة من داعش نشطة ومتورطة فى عمليات مضايقة وابتزاز للمدنيين فى المنطقة،إذ لا تزال خططهم العدائية تركز على القوات الحكوميةوالمنشآت الأمنية نحو الانتقام لخسائرها الماضية،ومن أكثر هذه الفروع المنفصلة تشددًا والمؤيدين لداعش، جماعة «المهاجرين والأنصار» أو «داعش- طريفة» تيمنًا باسم زعيمها المدعو « إسماعيل عبدالملك» أو «أبو طريفة».