يطلق عليها عبادة السر أو الخبيئة الصالحة وهي عبادة او طاعة يقوم بها العبد دون أن يخبر بها أحد او يراه سوى الله خالصة لله وحده قيل فيها أنها زينة العبد في خلوته وزاده من دنياه لآخرته بها تفرج الكربات وتسمو الدرجات وتكفر السيئات
ولا تكون تلك الطاعة إلا من العبد الذي فاض حب الله -عز وجل- في قلبه حتى وصل إلى مرحلة إنكار نفسه وإخفاء عمله فهو يبتغي من الخبيئة التجرد إلى الله سبحانه وتعالي ليتقبل عمله.
وهي دليل على صدق العبد وإخلاصه لله- عز وجل -وفيها علامة على محبة الله تعالى لها بأن بلغه إياها فالله ييسرها للأنقياء أما المنافقون فلا يستطيعون القيام بها ولا يتقنها إلا مؤمن صادق
فمن تدرب علي طاعة الله في الخفاء أعتاد علي الثبات في المحن والشدائد والبعد عن الرياء والسمعة
ولقد تعلمنا أن الحسنة الخفية لها أجر مضاعف فهي أكثر أجرًا وأعظم أثرًا وهي رصيد للعبد في وقت الأزمات ووسيلةٌ لطهارة القلب وصلاحه.
فحين يصل العبد لمرحلة أن لا يعنيه مدح ولا ذم ولا ينتظر ثناء من أحد فقد وصل الي مبتغاه
فلا يجد حلاوة الآخرة رجل يحب في الدنيا أن يعرفه الناس فلا يثبت عليها إلا المؤمنون الصالحون الذين ملأ حب الله وخشيته أركان قلوبهم فذهبوا إليه وحدهم في الخفاء لا يرجون إلا رضاء الله بعيدًا عن العيون والأنظار في أجواء إيمانية صافية لا تشوبها شوائب طلب السمعة والشهرة أو التعلق بالمدح والثناء أو شائبة الرياء
فلتكن لنا خبيئة صالحة ندخرها ليوم فقرنا وذلنا ليوم تشخص فيه الأبصار ليوم تبلى فيه السرائر ليوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم
ولتكن تلك الخبيئة مغلفة بالصدق محاطة بـالكتمان فكثيرا مانرى أناس ينفقون ويوثقون عملهم الخيري بالتصوير والنشر وكأنهم في مارثون لعرض اعمالهم الخيرية فيدخل الرياء في أعمالهم فيفسدها كما يفسد الخل العسل فللأسف نحن في عصر النجومية وحياتنا منشورة علي الملأ ولكن التجارة مع الله هي الرابحة
وما الربح إلا ربح الآخرة {فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ۗ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ}
وقد ضرب لنا السلف الصالح أعظم الأمثلة في حرصهم على الخبيئة الصالحة كان ابن المبارك حين يقاتل يضع على وجهه لثامًا حتى لا يعرفه الناس وبقي داود بن أبي هند يصوم أربعين سنة دون أن يعلم بصيامه أهل بيته حيث كان يحمل طعامه من البيت صباحًا فيتصدق به ثم يرجع عند العشاء إلى أهله فيفطر معهم.
الزبير ابن العوام -ررضي الله عنه الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم "من إستطاع منكم أن يكون له خبء من عمل صالح فليفعل "
ومن الأعمال الخفية التي لا يطلع عليها أحد من الناس الخالية من الرياء الخالصة لله تبارك وتعالى صلاة النافلة في جوف الليل أو صدقة السر أو صوم تطوع او صدقه لا يعلم عنها أحد شيء أو درء أذي عن مؤمن أو أي عمل آخر من الأعمال الصالحة التي تكون خالصة لوجه الله وقد حث رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته على صدقة السر فقال صلى الله عليه وسلم: «وصدقة السر تطفئ غضب الرب»
هدانا الله وإياكم لطاعته ودلنا علي باب القبول وصرف عنا شيطان الإنس والجن وحبب إلينا طاعته في الخفاء كما في العلن.