بين الماضى والحاضر، يقف مسجد الرفاعى الذى يعد أحد أهم المساجد الأثرية، التى تعلقت بها قلوب المصريين، نظرًا لتميزه، وما يحتويه من تحف نادرة، شُيدت بحس مرهف، فتميز بدقة زخارفه، ومهارة تصميمه، وقيمة مقتنياته وأثاثه، فتدفق عبق التاريخ بأرجائه، وتحول مع الوقت من دار عبادة، إلى مزار أثرى مهم، أسهم فى تشكيل شكل تاريخ وحضارة الأمة فى فترة من أزهى فترات رخائها وتقدمها.
يقع مسجد الرفاعي، فى القاهرة، بحى الخليفة، فى ميدان صلاح الدين، وهو أحد أهم المساجد الأثرية، وكان موقعه قديمَا "زاوية الرفاعي"، المدفون بها الشيخ على أبى شباك الرفاعي، وأمرت خويشار هانم، والدة الخديوى إسماعيل عام ١٨٨٠م، ببناء المسجد، وبعد وفاتها توقف البناء نحو ٢٥ عاما، حتى عهد الخديوى عباس حلمى الثاني، عام ١٩٠٥م، وأتم بناء المسجد عام ١٩١١م، حيث كانت أول صلاة فيه عام ١٩١٢م.
يظن البعض أن الشيخ أحمد الرفاعي، رضى الله عنه، مدفون بالمسجد، لكن الضريح الكائن بالمسجد يرقد به الشيخ على أبى شباك، وعلى الجانب الآخر، توجد مقابر الأسرة الملكية (خويشار هانم وولدها الخديوى إسماعيل وزوجاته وأولاده، وأيضَا السلطان حسين كامل وزوجته، والملك فؤاد الأول، والملك فاروق الأول)، ويوجد به قبر شاه إيران «محمد رضا بهلوي».
واستخدمت الأبسطة المصنوعة فى مشاغل هركة بتركيا، والمشكاوات الزجاجية المصنوعة على طراز مشكاوات مساجد مصر الأثرية فى القرنين الرابع عشر والخامس عشر الميلادي، ومنها نحو ٢٤٠ مشكاة مطلية بالميناء صنعت فى بوهيميا وزينت بكتابات قرآنية وتاريخية، وبلغت تكلفة الإنشاءات حتى عام ١٨٨٠ مبلغ ٥٠٠ ألف جنيه، زاد عليها خلال أعمال استكمال البناء ١٣٢ ألفًا و٥٠٠ جنيه، وأضيف عليها بعض المصاريف الأخرى.
مساحة المسجد من الداخل تبلغ ٦٥٠٠ متر، الجزء المخصص للصلاة منها تبلغ مساحته ١٧٦٧ مترا، وبقية المساحة خصصت للمدافن والملحقات. وللمسجد منارتان أقيمتا على قواعد مستديرة مثل منارتى مسجد السلطان حسن، أما المداخل فهى شاهقة وتكتنفها العمد الحجرية والرخامية بتيجانها العربية، وحليت أعتابها بالرخام، وغطيت مداخلها بقباب وسقوف مزخرفة ومذهبة، وللوجهات شبابيك نحاسية ذات تصميم خاص.