ألقى الحزنُ بظلاله على قرية «ذات الكوم»، التي تقع بمركز منشأة القناطر، أقصى شمال محافظة الجيزة، ليعكر الأجواء الهادئة في تلك القرية الريفية، بعد وقوع جريمة قتل لأحد أبناء المنطقة، بعدما عثروا على جثة «مدرس إنجليزي»، ممزقة بعدة طعنات، وملقاة في أرض زراعية.
كان المدرس مشهود له بالسمعة الطيبة، ونبل أخلاقه في القرية، وسادت حالة من الحزن في قريته، عقب معرفة خبر وفاته وطريقة مقتله، بعدما تم تسديد أكثر من 15 طعنة له، بسبب الخلافات على فلوس «جمعية» بينه وبين صديقه المتهم «محمد محمود الدويك»، 25 سنة، الذي كان يماطل في دفع المبالغ المستحقه عليه، ليقرر استدراج المجني عليه إلى منزله وينهال عليه بالطعنات وبعدها يتخلص من جثته بالزراعات.
في هذا السياق؛ التقت «البوابة نيوز» بأسرة المجني عليه، والذين كشفوا كواليس الجريمة، فقالت والدة المجني عليه، إنها لم تكن تعرف أن نجلها قد قتل، فالأخبار التي كانت سائدة في البلد هي عبارة عن مقتل شخص غريب عن القرية، وإلقائه في الأرض الزراعية، لم تشغل الأم بالها بما حدث، لأن القتيل يقولون في بداية الأمر إنه من خارج القرية، وإنه لو كان من القرية لتعرفوا عليه، حيث إن أهالي المنطقة يعرفون بعضهم جيدا.
مر بضع ساعات، واتصلت والدة المجني عليه بنجلها، لتطمئن عليه بعد تأخره في عمله، وعدم رجوعه إلى منزله، إلا أن هاتفه كان مغلقا، مر الوقت ولم يرجع بعد، ازداد قلق الأم على نجلها لتأخره، لتكشف الحقيقة بعد ذلك، ويخبرها أهالي المنطقة أن الشخص المقتول في الزراعات هو نجلها، انفطر قلب الأم، في تلك اللحظات العصيبة، لتخرج هائمة علي وجهها في الشارع، لرؤية نجلها والأطمئنان عليه، لكن الأهالي حاولوا الإمساك بها، وتم نقل الجثمان إلى مشرحة زينهم لإنهاء إجراءات الدفن.
وذكرت والدة الضحية لـ«البوابة»، أن نجلها محمود ماهر، يبلغ من العمر 29 عاما، وكان يعيش وقتا طويلا في السعودية، من أجل كسب الرزق، وأنه متزوج حديثا ولديه طفل لم يكمل عامه الأول، ورجع إلى مصر بعدما ضاقت به الظروف في السعودية خلال فترة «كورونا» ليعمل مدرسا خاصا في إحدي مدارس المنطقة.
والتقط أطراف الحديث شقيق الضحية، ويدعي «أحمد»، ويعمل محاسبا، قائلا: إن شقيقه اشتري قطعة أرض ليبني بها منزلا، وكان ينقصه مبلغ 60 ألف جنيه، من أجل إتمام شرائها، فقرر عمل جمعية، لجمع المبلغ، واشترك مع المتهم.
وعندما جاء موعد سداد المتهم المبلغ المستحق عليه في الجمعية، أخذ يماطل في السداد، ويتهرب «كان كل شوية يقول بكره بعده»، وكان المتهم يعطيه مواعيد للدفع، لكنه لم يلتزم كالعادة، ليقرر بعدها «المجني عليه» الشكوى إلى كبير عائلتهم، كما هو متبع في عادات أبناء الريف، ليغضب المتهم، ويقرر الانتقام منه.
وبعدها استدرج المتهم الضحية لمنزله، بحجة إعطائه الفلوس، ليسيطر عليه شيطانه ويقتل صديقه، بطعنات متفرقة في جسده، والتي تجاوز عددها 15 طعنة، ثم يلقي جثته في زراعات الذرة الموجودة بالمنطقة.
وأوضح شقيق الضحية، أنه عندما توجه إلى مشرحة زينهم للتعرف على جثة شقيقه، لم يعرفها في بداية الأمر، نظرا للتغيرات الكبيرة التي طرأت على جثمانه، فالطعنات الكثيرة التي بجسده وتشويه وجهه وجسده المنتفخ، بسبب حرارة الجو، وإلقائه في الزراعات، جعلت شكله يتغير بدرجة كبيرة، لكنه تعرف عليه بصعوبة في النهاية، وذلك عن طريق تفحص يده، والتأكد من وجود خياطة «غرز» آثار عملية جراحية كان قد أجراها قبل ذلك، فتلك العلامة هي التي عرف من خلالها جثة شقيقه.
وطالبت الأسرة بسرعة معاقبة المتهمين، والقصاص العادل منهم.
وقرر قاضي المعارضات بمحكمة جنح مركز إمبابة وكرداسة، استمرار حبس مالك سوبر ماركت، ١٥ يومًا، على ذمة التحقيق، لاتهامه بقتل صديقه، بسبب خلافات مالية.
وكان المقدم إكرامي البطران، رئيس مباحث مركز شرطة منشأة القناطر، بمديرية أمن الجيزة، قد تلقى إشارة من غرفة عمليات النجدة، مفادها العثور على جثة أحد الأشخاص مقتولا، وملقى بمنطقة زراعية بدائرة المركز.
وبالانتقال والفحص؛ تبين العثور على جثة مدرس؛ به آثار طعنات، وبجمع المعلومات وعمل التحريات، وفحص علاقات المجني عليه، تبين أن وراء ارتكاب الواقعة، صديق المجني عليه، والذي يعمل صاحب سوبر ماركت، بسبب خلاف على مبلغ مالي قدره 60 ألف جنيه، اقترضها المتهم من المجني عليه، ورفض سدادها، وعند تكرار مطالبة المجني عليه له، قرر التخلص منه، فاستدرجه إلى مكان بعيد، وسدد له عدة طعنات أودت بحياته، وتم نقل الجثة إلى ثلاجة المستشفى تحت تصرف النيابة العامة.
وعقب تقنين الإجراءات واستصدار إذن مسبق من النيابة العامة؛ أمكن تحديد مكان اختباء المتهم وضبطه وجرى اقتياده إلى ديوان المركز، وتم اتخاذ كل الإجراءات القانونية اللازمة حيال الواقعة، وتولت النيابة العامة مباشرة التحقيقات.