ارتبط النخيل بأهالي مناطق شبه جزيرة سيناء ، فأصبحت العلاقة بينهم وثيقة، وهي أهم شجرة عرفها إنسان هذه المنطقة، حيث أشتهرت محافظة شمال سيناء منذ القدم بزراعة النخيل وتصدير التمور وصناعة العجوة .وتأقلم أهالي سيناء منذ القدم مع وجود النخلة .
واكد الباحث السيناوي محمود الشوربجي أن النخلة يعتني بها الأهالى في المناطق التي تتواجد فيها النخيل ويزرعها ويجني ثمارها ويعطيها السماد والعناية طوال العام، وهي تعطيه غذاءه الرئيسي ويبني بها منزله ويستفيد من أجزائها أيما استفادة، فيستفيد من ساقها وورقها وثمرها ومن كل شيء منها حتى من أشواكها، ولذا رافقته النخلة منذ ولادته حيث يوضع في مهد مصنوع من جريد النخل إلى حين موته ودفنه في لحد يغطى بجذوعها والحصر المصنوعة من خوصها.
وأضاف الشوربجي أن نخيل البلح ينمو بجانب شاطئ شبه جزيرة سيناء خاصة في المنطقة الشمالية من شبه الجزيرة والتي يتخللها غابات رائعة من النخيل والتي أعطت للمنطقة جمالاً طبيعياً في غاية الأناقة ، وتتباين خضرته مع الأماكن الخالية الفضاء والتي تتكون فيها الكثبان الرملية التي تحيط به ، جاعلاً الأراضي المهجورة صالحة لإقامة الزراعة فيها بفضل حمايتها لها . وهو يظلل بفروعه اليانعة النباتات العشبية الحساسة التي تتأثر بأشعة الشمس. كذلك ينمو هذا النخيل على شاطئ مدينة العريش وبئر العبد والشيخ زويد ، وهو شائع في شمال شرق مدينة العريش إبتداءً من حي أبو صقل شرقاً خاصة في المنطقة القريبة من مصب وادي العريش ، ويتواجد بكثرة في منطقة الريسة شرق العريش على البحر مباشرة حتى أن أمواج البحر ترتطم في جذوعه .
وتابع أن نخيل البلح يعتبر إستثناءً لافتاً للنظر في عائلة النخيل بوجه عام بسبب جذعه الشامخ ، وجذره الذي يأخذ شكل مخروط مستطيل قليلاً ينبت منه كثير من الجذور المحلولة والمتفرعة والجذع اسطواني ممشوق يختلف طوله وفقاً لعمره ، فبعض أشجار النخيل بالقرب من المستنقعات المائية والمدن ترتفع حتى 20 متراً ، وأشجار نخيل الزراعات الجميلة ترتفع في العادة من 10 إلى 13 متراً ، والجذع يبلغ سمكه من 40 إلى 60 سنتيمتراً . تغطيه حراشف أو قشور متراكبة على شكل حلزوني تسمى ( ليف ) كما يغطي هذا الليف ويحميه قاعدة الحراشف التي تدعى ( كرانيف ) حتى تعطي للجذع شكلاً جميلاً ، وتتم عملية التجميل والصيانة والتقليم المنتظم للأوراق سنوياً .
ويعد النخيل من أهم الزراعات شيوعاً في سيناء لذا صدرت القوانين من جانب الدولة بحمايتها ورعايتها بانتظام ، ولكل قبيلة أو عائلة من قبائل وعائلات شبه جزيرة سيناء قسم محدد من الأراضي داخل غابة النخيل، وتتخلل الغابات بنايات غالبيتها أرضية من الطوب الأسمنتي والحجارة الغشيمة ، وبعضها من سعف النخيل. و يأتون للحديقة في موسم البلح من كل عام يباشرون نخيلهم وزراعاتهم ويقضون الموسم كاملاً ثم يغادرون إلى أماكنهم في شبه جزيرة سيناء فلا يبقى في الحديقة إلا جماعة ممن يعتنون بالنخل والقائمين عليه وهم من السكان القريبين من حدائق النخيل ويعرفون بـ "عرب التَّبَنَة" يلقحون ويباشرون نخيلها ويزرعون في البلاد بعض الزراعات الموسمية ، وبعضهم ينسجون الحصير من سعف النخيل وآخرين يصنعون الأدوات التي تستخدم في جمع البلح مثل "المسلات والقفف والمشنات ومُطلاع النخيل" .