انطلقت اليوم الإثنين، أولى ندوات المهرجان القومي للمسرح المصري برئاسة الفنان القدير يوسف إسماعيل بالمجلس الأعلى للثقافة ضمن الملتقى الفكري العام بالدورة الخامسة عشرة، وكانت بعنوان "البدايات وظهور مفهوم المخرج المسرحي" وأدارها الناقد جرجس شكري وتحدث خلالها كل من : الدكتورة نجوي عانوس عن " يعقوب صنوع والمسرح الكوميدي مخرجاً " ، والناقد عبد الغنى داود تحت عنوان " زكي طليمات وبداية المفهوم العلمي للإخراج المسرحي" ، والدكتور عمرو دوارة الذي تحدث عن " البدايات المسرحية و مفاهيم الإخراج المسرحي 1870- 1925" .
افتتح الندوة الفنان القدير يوسف إسماعيل مرحبا بالحضور مؤكدا أن المهرجان كما يحرص علي العروض وانتقائها يهتم جدا بالجانب النظري والنقدي ، من خلال الأبحاث والدراسات والنقدية أيضاً ، ويعتبر التراث المسرحي جانب إنساني وواجب وطني ، وأختتم حديثه قائلاً: " ١٥٢ عام فقط هم العصر الحديث للمسرح ونمتلك تراث مسرحي كبير تمكنا من الحفاظ عليه " .
وقال الناقد جرجس شكري الذي أدار الندوة أن هذه الدورة تعد استثنائية واعتبرها جزء ثالث مكمل للدورتين السابقتين فإلقاء الضوء على شتى أطياف المسرح ساهم في الدفاع عن هوية المسرح وتاريخه تحت عنوان "150 عام على ولادة المسرح المصري الحديث"
بدأ الدكتور عمرو دوارة حديثه عن البدايات المسرحية ومفاهيم الإخراج المسرحي ، وأستهل حديثه بحزنه علي عدم تعاون الجهات المعنية بإصدارات المهرجان من توثيقها بإصدار " رقم إيداع " فوجوده مهم ويحفظ جهود من يقدمون الكتب .
وقال أيضا: عدم توافر منهج شامل ومدروس للمخرج المسرحي المصري هي حقيقة رغم تمصير بعض المسرحيات ولكن نفتقر لإنتاج مدارس مختلفة تتوارثها الأجيال، وأختتم كلامه عن الظلم الذي يتعرض له المسرح بعدم التوثيق فهناك 90 عاما على الأقل من المسرح الحديث لم توثق ، وعبرعن حاجة المسرح للبحث الدؤوب والتعاون التام بين مختلف الإدارات لتسهيل عملية التطوير مع مراعاة تطوير دور النقاد ووصى بإنشاء دورة خاصة بالنقاد ، وطالب بتخصيص دورة من المهرجان القومي للمسرح المصري باسم " الناقد المسرحي " مثلما خصصت دورات للكاتب والمخرج والآباء المؤسسين .
الدكتورة نجوى عانوس أثنت على كلام د. دوارة وتضامنت مع رأيه في ضرورة أن تحمل الدورة القادمة من المهرجان اسم الناقد المسرحي ، ثم تحدثت عن ظهور مصطلح المخرج المسرحي ، فقد كان يسمى المدير الفني ، وفي مسرح خيال الظل يسمى الريس ، ثم قالت : تعددت مواهب صنوع فلم يكن مخرجا فقط فقد تعددت مهامه بدء من التأليف والتمثيل والعزف على الآلات ، ولم تقف عند حد توزيع منشورات دعائية .
وقال الناقد عبد الغني داوود : زكي طليمات هو الذي أسس منهج علمي لدور المخرج المسرحي وتعليم فن الإخراج ، وانتقد أسلوب معاصريه مثل يوسف وهبي وعزيز عيد ، وأعلن قدحه لمناهجهم قائلا ان الإخراج فن وعلم وبدأ بكتابة أسس الإخراج المسرحي ، وبعد أن د طرد من مصر لأسباب سياسية أسس العديد من معاهد الفنون المسرحية في الوطن العربي .
وفي الجلسة الثانية من الندوة والتي حملت عنوان (سنوات الإزدهار وتعاظم دور المخرج المسرحي) تحدث فيها كل من : د. سيد خاطر عن " أثر ثورة يوليو والتحول الإشتراكي علي المخرج المسرحي " ، والفنان حسن الجريتلي عن " صورة المخرج المسرحي في زماننا " .
بدأ الدكتور سيد خاطرحديثه عن ثورة يوليو والتحول الاشتراكي على ابداع المخرج المسرحي، قائلا : عندما نقوم برصد تعلق المسرح بفترات سياسية واجتماعية وثقافية، سنجد أن علماء الاجتماع دائما مايربطون بين الفن والاجتماع، وعندما يتم رصد تلك الفترة نجد أن سنوات قيام الثورة وتطور وسائل الدعاية للثورة كانت عن طريق المسرح اولا في ظل قلة الوسائل الإعلامية قي ذات الوقت، وأن مرحلة الستينات كانت مزدهرة جدا وبداية رصيد مصر المسرحي كان في مرحلة الستينات دون سرقات ودون اقتباس، مثل روايات نجيب محفوظ التي عرضت على المسرح المصري، لأنه للأسف المخرجون المصريون يعتنقون مبادئ الإخراج الأجنبي وليس بينهم صاحب منهج، وانه ليس لدي المسرح المصري الفيلسوف المسرحي، وحتى فترة ازدهار المسرح في الستينات لم تنتج الفيلسوف المسرحي، وهذا يشير الى أننا مازلنا حتى الآن نحبو في منهج المسرح .
وتحدث المخرج جمال ياقوت، عن تجربة المسرح التجريبي وعن نوادي المسرح، وأنه كان من المهم التحدث عن تجربة المسرح وبالرغم من انها بسيطة الا انها أثرت في المسرح المصري، مشيدا بتجربة فرقة اسكندرية المسرحية وأنهم كان لديهم جنوح دائم عن تقديم اشياء غير تقليدية، وان تجرية النوادي بشكل عام كانت قائمه علي فكرة التثقيف و ان الهدف الاساسي منها ليست التجربة فقط، ولكن الإيمان بأن التدريب واعطاء مجموعة من الورش التدريبية لتطوير المسرح مهم لمخاطبة الشباب الذين لديهم فكر غير تقليدي، مؤكدا ان المسرح التجريبي هذا العام يقدم ( 200 ) عرضا وهذا شيء إيجابي يشجع على الابداع ، مشيرا إلى وجود عرض سابق اسمه "اخر الشارع" بطولة شريف الدسوقي كان يمس الجمهور لأنه كان يدور حول حق الفنان في المسرح برغم المعوقات الإدارية وكان يتناول نقد بالأسماء عن أي مشاكل ادارية تقابل الفنان وبالفعل هذا العرض أثر بشكل إيجابي على المسؤلين، ومن هنا نجد ان الفن المسرحي احيانا يستخدم في التأثير على صاحب القرار .
وأضاف ياقوت، ان الهدف الأساسي من تجربة نوادي المسرح كان وجود غرفة يشاهد فيها الشباب عروض مجمعة بهدف التثقيف، ولكن تحولت الى عروض ليس لها قيمة وجعلت الجمهور يشعر ان المسرح التجريبي ليس الا للصفوة، ولكن نوادي ٢٠٠٦ كانت فارقة جدا في اهتمام المسرح التجريبي لإستعادة جميع فئات الجمهور، مشيرا الى أنه مؤمن بالفطرة وأنه من الممكن عمل عرض تجريبي في الشارع او في منطقة اثرية مثل معبد الكرنك، والمهم ان يكون ابداع غير تقليدي، وأن تجربة نوادي المسرح ربما تكون غيرت في صورة المخرج المسرحي لدى الشاب المسرحي، ولكن تظل نوادي المسرح التجريبية ليست مرتبطة بالشباب الذي يبدأ طريق الابداع ولكن ارتبطت بكل شخص يريد ان يقدم شيء مبدع جديد .
بينما تحدث المخرج حسن الجريتلي مؤسس فرقة الورشة المسرحية عن تعاظم دور المخرج المسرحي من خلال صورة المخرج المسرحي في زماننا، وان الحكي في ورشة التمثيل صفة مهمة وأساسية للتدريب المسرحي وان علاقة الحرية بالفن وطيدة ، وان اختلاف دور المخرج حاليا يكون حول فكرة العمل مع مجموعة من الفنانين كل شخص في تخصصه وف الاخر النتاج هو نتاج المجموعة.
وبالنسبة لمنهجه أكد الجريتلي، ان رؤيته تتكون من خلال الشورى في الامر بالرغم من مسؤليته عن الإخراج، وانه يتعاون مع أعضاء فرقته بشكل مشترك ويقوم بدور تنظيمي في شغل المجموعة اكتر من الدور التنفيذي للمجموعة المسرحية، وانه يعمل مع مجموعة كبيرة كل شخص منهم له رؤيته وعمله، وان دوره هو تأسيس فرقة مسرحية يلعب فيها دور القائد لكنه أحد أعضاء فريق العمل أيضا، بحيث تتسع المادة الفنية حيث تتلاقى أفكار كل فريق الابداع لتقديم شيء هادف في النهاية.
وقرر الجريتلي ان يقدم للحضور خلال الندوة أحد تلامذته ناجي شحاته، ليقوم بعمل ورشة حكي مسرحية سريعة خلال الندوة بعنوان حكاية " الديب والكلب" والتي تهدف الى ان الحرية اهم من المال والجوع وان ربط هذه القصة بأهمية دور المخرج المسرحي واهمية الحرية في الفن وأنه لا يوجد فن حقيقي بلا حرية.
وفِي ختام الجلسة الفكرية تحدث الفنان يوسف اسماعيل رئيس المهرجان القومي للمسرح المصري، عن دعم المهرجان للفرق المستقلة المستمر وأنه يقدم كل دورة ما يقرب من حوالي ثمانون عرضا مستقلا بالرغم من انها فرق غير مستمرة، وليس لها تاريخ كبير، وأشاد اسماعيل بالمقارنة في الفترة التي طرحها الدكتور جمال ياقوت حول التمييز بين جمهور النوادي وبين جمهور المسرح من خلال المؤهل الدراسي، وان المسموح له بحضور عرض مسرحي كان صاحب المؤهل العالي فقط وان النوادي لأصحاب المؤهلات المتوسطة، وأنه كان لابد من أن ينتهي هذا التمييز بين جمهور المسرح المصري .