في ضوء إصدار محكمة جنايات المنصورة، برئاسة المستشار بهاء الدين المري حيثيات حكمها بالإعدام شنقا للمتهم «محمد عادل» قاتل «نيرة أشرف» طالبة جامعة المنصورة، والتي تضمنت إتاحة نشر وإذاعة عملية تنفيذ حكم الإعدام، ولو جزء من بداية التنفيذ، لم يكن هذا الطلب الأول من نوعه، حيث تمت إذاعته من قبل في عام 1998.
وقالت المحكمة في حيثياتها في رسالة للمشرع في تنفيذ الإعدام على الهواء: «المَحكمةُ في نهاية حُكمها، تُـنَـوِّه بمناسبة هذه الدعوى، بأنه لمَّا كان قــد شَاعَ في المُجتمع -مُـؤخرًا- ذبحُ الضحايا بغَـير ذَنبٍ جَهارًا نهارًا والمَهوسُـونَ بالمِـيديا يـَبثُون الجُـرمَ على المَلأ فيرتاع الآمنونَ خَوفًا وهَـــلعًا، وما يَـلبَث المُجتمع أن يُفجَــعْ بمثلِ ذاتِ الجُـرم من جديد، فمِـن هذا المُنطلَـقِ، ألَـمْ يأنِ للمُـشرع أنْ يَجعلَ تنفيذ العقابِ بالحَق مَشهودًا، مِثلما الدمُ المَسفوحُ بغير الحَـقِّ صَار مَشهودًا».
«الأمر الذي مَعه تُـهيبُ المَحكمةُ بالمشرع، أنْ يَـتَـناولَ بالتعديلِ نَصَ المادةِ الخامسةِ والستين، من قانونِ تنظيمِ مَراكز الإصلاح والتأهيل المُجتمَعي المُنظمةِ لتنفيذِ عُـقوبةِ الإعدام؛ لِتُجـيزَ إذاعةَ تنفيذ أحكام الإعدام مُصَورةً على الهواءِ، ولو في جُــزءٍ يَسيرٍ من بَـدءِ إجراءاتِ هذا التنفيذ، فقد يكونُ في ذلكَ، ما يُحَـقــقُ الــرَّدعَ العامَ المُبتَـغَى الذي لم يَتحَقـق -بَعـد- بإذاعة مَنطوق الأحكام وَحــدَه. ﴿ويَشفِ صُدورَ قـومٍ مُؤمنين ويُذهِـبْ غيظَ قلوبهم﴾.
يُذكر أن المحكمة برئاسة المستشار بهاء الدين خيرت المري، رئيس المحكمة، وعضوية المستشارين: سعيد السمادوني، ومحمد الشرنوبي، وهشام غيث، وسكرتارية محمد جمال، ومحمود عبدالرازق، نظرت محاكمة المتهم نيرة أشرف طالبة جامعة المنصورة وقضت بإعدامه، فكان المستشار محمد لبيب المحامي العام الأول لنيابة جنوب المنصورة الكلية، أحال المتهم "محمد.ع.ع" إلى محكمة الجنايات المختصة في القضية رقم 1409 لسنة 2022 جنح أول المنصورة لأنه في يوم 20/6/2022 بدائرة قسم أول المنصورة – محافظة الدقهلية، قتل المجني عليها نيرة أشرف عبدالقادر – عمدا مع سبق الإصرار بأن بيت النية وعقد العزم على قتلها انتقاما منها لرفضها الارتباط به وإخفاق محاولاته المتعددة لارغامها على ذلك.
تضمن أمر الإحالة أن المتهم وضع مخططا لقتلها حدد فيه ميقات أدائها اختبارات نهاية العام الدراسي بجامعة المنصورة موعدا لارتكاب جريمته ليقينه من تواجدها بها وعين يومئذ الحافلة التي تستقلها وركبها معها مخفيا سكينا بين طيات ملابسه وتتبعها حتى وصلت أمام الجامعة باغتها من ورائها بعدة طعنات سقطت أرضا على أثرها فتابع الاعتداء عليها بالطعنات ونحر عنقها قاصدا إزهاق روحها خلال محاولات البعض الذود عنها وتهديده إياهم محدثا بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها.
أول حكم إعدام مذاع على التليفزيون المصري عام 1998
منذ 22 عاما، وتحديدا صباح يوم 21 أبريل 1998، نُفذ حكم الإعدام بحق 3 أشخاص، شقيقان وصديقهما، مُدانين بقتل المهندسة «نانيس وأبنائها هدير وأنس»، داخل شقتها بمدينة نصر، وسرقة الأموال والمصوغات الذهبية في يناير 1998، ونفذت وزارة الداخلية الحكم بحضور التلفزيون المصري، الذي رافق المحكوم عليهم حتى الممر المؤدي إلى غرفة الإعدام، وأذاع مشاهد توثيقهم وتلقينهم الشهادة على يد واعظ الأزهر من الشريف، وبحضور المستشار عمر مروان، وزير العدل الحالي، وكان حينها بدرجة رئيس نيابة بمكتب النائب العام، والذي حرر محضرا بأقوال المتهمين وبتنفيذ الحكم.
تلقت النيابة العامة من وزير العدل الأسبق المستشار فاروق سيف النصر، الكتاب "22 إعدام"، بموافقة رئيس الجمهورية على الحكم، سطّر نهاية المحكوم عليهم، حيث تضمن ما يفيد إقرار حكم إعدامهم، وتصديق رئيس الجمهورية الأسبق محمد حسني مبارك، لتحدد وزارة الداخلية حينها بقيادة اللواء حبيب العادلي، وزير الداخلية الأسبق، يوم 21 أبريل 1998 لتنفيذ الحكم، وذلك بعد 3 أشهر فقط من تنفيذ الجريمة التي هزت مصر وأصبحت حديث الرأي العام حينها.
تحقيقات النيابة قبل حكم الإعدام
أكد التحقيقات التي باشرتها النيابة العامة، أن "كمال" زوج المجني عليها ووالد الطفلين، استعان بالمتهمين لتغيير دهان الشقة، وأنهم ترددوا على المنزل عدة مرات ولاحظوا المصوغات الذهبية بحوزة الزوجة، المجني عليها، فخططوا لسرقة الأموال لسداد ديونهم التي تراكمت بسبب تعاطي المخدرات، وفي يوم التنفيذ راقبوا المنزل حتى تأكدوا عدم وجود الزوج، وصعدوا وطرقوا الباب وأخبروا المجني عليها أنهم بحاجة لرفع مقاسات الحوائط، فانقضوا عليها خنقا وطعنا بمطواه قرن غزال، ثم على طفليها واستولوا على المصوغات والأموال ولاذوا بالفرار
وتمكنت مباحث مديرية أمن القاهرة والأمن العام من تحديد المتهمين والقبض عليهم، وبحوزتهم مسروقات لم يتمكنوا من تصريفها وبيعها، واعترفوا بارتكاب الجريمة، وأحيلوا للمحاكمة الجنائية العاجلة أمام محكمة جنايات القاهرة بتهم القتل العمد المقترن بجنحة سرقة، وأصدرت حكما بإعدامهم شنقا، ثم طعنوا أمام محكمة النقض، وبجلسة 10 مارس 1998 رفضت طعنهم وقضت بإقرار حكم الإعدام، وبتاريخ 14 أبريل 1998 صدّق الرئيس الأسبق حسني مبارك على الحكم بعدما رُفعت له أوراق القضية بمعرفة وزير العدل.
إعدام الإرهابي هشام عشماوي
بعد تنفيذ حكم الإعدام بحق الإرهابي «هشام عشماوي»، تم عرض صور ومشاهد على التليفزيون من إعدامه عقب تنفيذ حكم المحكمة به وإنزال جثته من على حبل المشنقة.
علانية حكم الإعدام في القانون
تنص المادة (473) من قانون الإجراءات الجنائية على أن «تنفذ عقوبة الإعدام داخل السجن، أو في مكان آخر مستور»، كما تنص المادة (65) من قانون تنظيم السجون على أن «تنفذ عقوبة الإعدام داخل السجن أو في مكان آخر مستور بناءً على طلب كتابي من النائب العام إلى مدير عام السجون يبين فيه استيفاء الإجراءات التي يتطلبها القانون» وهو ما يشير إلى عدم جواز التنفيذ العلني لأحكام الإعدام.
كما تنص المادة (474) من قانون الإجراءات الجنائية على أن «يكون تنفيذ عقوبة الإعدام بحضور أحد وكلاء النائب العام ومأمور السجن وطبيب السجن أو طبيب آخر تندبه النيابة العامة ولا يجوز لغير من ذُكر أن يحضروا التنفيذ إلا بإذن خاص من النيابة العامة ويجب دائمًا أن يؤذن للمدافع عن المحكوم عليه بالحضور»، وتنص المادة (66) من قانون تنظيم السجون على أن «يكون تنفيذ عقوبة الإعدام بحضور مندوب من مصلحة السجون وأحد وكلاء النائب العام ومندوب من وزارة الداخلية ومدير السجن أو مأموره وطبيب السجن وطبيب آخر تندبه النيابة العامة، ولا يجوز لغير من ذُكروا أن يحضر التنفيذ إلا بإذن خاص من النيابة العامة، ويجب أن يؤذن للمدافع عن المحكوم عليه بالحضور إذا طلب ذلك.