الأحد 24 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

كان زمان وجبر (2-1)

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

يوما ما قبل 150 عامًا، وتحديدًا في مطلع يوليو من العام 1872، تصاعدت احتجاجات أهالي الإسكندرية، بمجرد تواتر أخبار من الميناء، بقرب وصول تمثال محمد على باشا والى مصر قادما من فرنسا؛ لوضعه بميدان القناصل -المنشية حاليا- بناء على أوامر الخديوى إسماعيل، كان وراء الاحتجاجات وحالة الغضب بالطبع عدد من رجال الدين المتخصصين في تأجيج المشاعر الغاضبة محذرين من فتنة الأهالي وكانت الفتوى جاهزة "أنها العودة لعصر الوثنية".

ولم ينقذ الموقف إلا الإمام محمد عبده -الطالب بالأزهر الشريف وقتها- الذى أفتى فى الاتجاه المضاد، بعدم تحريم الأعمال الفنية، ومنها التماثيل، طالما أنها ليست محل عبادة أو تقديس، وإنما للتكريم.

وكان من المقرر أن تكون الأسود الأربعة الموجودة على كوبري الخديوى إسماعيل بالقاهرة -قصر النيل- مخصصة لوضعها حول تمثال محمد علي بميدان القناصل بالإسكندرية، قبل تغيير الخطة عقب ثورة الأهالي.

وتراجع إسماعيل عن فكرته بالنسبة للأسود ليتم تغيير تصميم القاعدة والميدان، ووضع التمثال داخل مستطيل، حماية له من التخريب مستقبلا من جانب الأهالي.

وكانت هذه هي المرة الأولى التي يقام فيها تمثال لشخص على متن جواد في ميدان عام في بلد مسلم. 

# المصدر: موقع (إسكندرية زمان)

ومرة أخرى ينقذ محمد عبده جهلة الأزهر عندما رفض المشايخ منذ حوالى 130 سنة إدخال المياه النظيفة للجوامع، وأصروا على أن يستمر المصلون فى الوضوء بالماء الراكد الموجود بأحد الأحواض داخل الجامع!!.. وكان المصلون يتناوبون على استخدام نفس هذا الماء القذر واحدا بعد الآخر يوما بعد يوم وشهرا بعد شهر!!..

والمصيبة أن من أراد تغيير هذا الوضع المزرى وأن يمد الجوامع بالمياه النظيفة، كانت سلطات الاحتلال البريطاني!! 

ونجح الأزهر فى فرض رأيه، واستمر الحال على هذا المنوال حتى عاد الإمام محمد عبده من أوروبا، فأعاد فتح الموضوع من جديد، وأوضح أن الماء الراكد ليس نظيفا وليس طاهرا، وأن ماء الصنور أفضل وأنظف وأنه ليس حراما ولا يخالف الشرع، وسانده فى ذلك أتباع المذهب الحنفي (الحنفية)، واشتدت الضغوط على الأزهر حتى اضطر فى النهاية للتراجع، ودخلت المياه النظيفة أخيرا للجوامع وتم تركيب الصنابير (الحنفيات).. ومنذ هذا التاريخ أطلق المصريون على "الصنبور" اسم "الحنفية".

ولكن المشايخ لم ينسوا لمحمد عبده ما فعله وكان له العقاب شديد فيما بعد، حتى أجبروه على الاستقالة من منصبه فى دار الإفتاء والأزهر.

كان الإمام محمد عبده يقول: "إذا تعارض العقل والنقل أخذ بما دل عليه العقل".. ولكل مسلم أن يفهم عن الله، من كتاب الله، وعن رسوله من كلام رسوله بدون توسيط أحد من سلف ولا خلف.

فالإسلام لا يوجد به سلطة دينية، ولم يجعل للقاضي أو المفتي «وهو كان مفتيا للديار المصرية» أو لشيخ الإسلام أدني سلطة علي العقائد وتقرير الأحكام.

وكان يرفض الخلط بين الدين والسياسة ويقول «من الضلال القول بتوحيد الإسلام بين السلطتين الدينية والمدنية فهذه الفكرة خطأ محض، ودخيله علي الاسلام، والانسان لم يخلق ليقاد بالزمام بل فطر علي أن يهتدي بالعلم».

واستخدم نهجه العقلاني في تفسير القرآن «ككتاب دين» واستنكر موقف الذين يبحثون عن حقائق العلوم الطبيعية في القرآن.

ومن معركة الحنفية إلى معركة القهوة حيث إنها بدعة وكل بدعة هي ضلالة وفي النار هكذا أفتى رجال الدين بشأن شرب القهوة.

 دخل البن إلى مصر عن طريق طلبة الأزهر من اليمنيين وقد انتشر منهم إلى باقى الطلبة كونه منبها ويساعد على التركيز وخرج إلى الشارع المصرى واانتشر فى أوائل القرن الـ16 وأقبل عليه المصريون فحرمه رجال الدين وكفرو شاربه.

وأفتى الفقيه الشافعى “أحمد بن عبد الحق السنباطى” بحرمتها لأنها من المؤثرات على العقل كما استند.

وفى عام 1572 م صدرت فتوى من الشافعية بتحريمها وتم تداول الفتوى فى خطب الجمعة لتمر القاهرة بموجة من الغضب الشديد جعلت الناس يكسرون فى المقاهى.

ومات أحد مؤيدى التجار المعارضين للفتوى أثناء المشاجرة فلاذ الشيخ ومؤيدوه بأحد المساجد فحاصر التجار المسجد وأنظم إليهم أهل القتيل وبقدوم الليل أحضروا البطاطين وأقاموا صوانًا بأعمدة خشبية ليقيهم من البرد وقاموا بتوزيع القهوى على كل المحتجين وكانت قهوة سادة بدون سكر قدموها ليضايقوا الشيخ ومؤيديه المحاصرين داخل المسجد.

واستمر الحصار 3 أيام إلى أن وصل صيته إلى السلطان العثمانى “مراد الثانى“ الذى أمر بتعيين مفتى جديد أباح شرب القهوى وشربها فكان انتصارًا للتجار ومؤيديهم. 

وهنا جاءت عادة الصوان والقهوة السادة فى العزاء وسرعان ما انتقلت من التجار فى القاهرة إلى غيرهم وإلى كبار الأعيان فى الأقاليم المصرية واستمرت حتى يومنا هذا.

 (المصدر: أميمة بكر- بوابة المحروسة - موسوعة مصرية)

وفى كتاب "من النهضة إلى الردة" للمفكر العربى چورچ طرابيشى، قال: "أصدر مفتى حلب فتوى بتحريم أكل الطماطم باعتبارها مؤخرة الشيطان واستجاب الأهالى وامتنعوا عن أكلها وزراعتها"!! 

•• وعند ظهور الدراجة الهوائية لأول مرة فى بعض قرى ومدن نجد، أطلق عليها رجال الدين اسم "حصان إبليس🐎"!! وأفتوا بأنها تسير بواسطة شياطين الجن!!.. وأن من يركبها لا تجوز شهادته!!.. وأمروا الناس أن يستعيذوا بالله منها 7 مرات!!.. وأمروا النساء بالبصق عليها وتغطية وجوههن عنها وعدم النظر لها!!

•• وأفتى رجال الدين أيضا بأن من يلعب النرد (الطاولة) فقد عصى الله ورسوله، لأنها من الألعاب التى تنهى عن ذكر الله!!.. وجاء على موقع "إسلام ويب" أن لعب النرد حرام بإجماع العلماء والفقهاء الأربعة !! 

(فتوى رقم 114681 بعنوان "حكم لعب النرد")

•• وأما بالنسبة للشطرنج فقد حرمها ابن تيمية، وقال إنها محرمة باتفاق العلماء لأنها تشغل الناس عن الصلاة!!.. 

(مجموع الفتاوى 32/218، 240)

وعلى موقع "الإسلام سؤال وجواب" نجد الفتوى رقم 14095 التى تحرم الشطرنج!!

هكذا كان المشايخ دائما وعلى مر الزمان ولكنه زمان وجبر يريد البعض إعادته مرة أخرى (يتبع)