فى التاسعة مساء 16 يونيو عام 1952؛ اجتمع مجلس إدارة نادى الضباط بالزمالك، والذى كان التنظيم قد اكتسح انتخاباته بنجاح، ووقف العقيد رشاد مهنا، مقرر الجلسة، وأعلن عدة اقتراحات وصلته، من بينها عدم تمثيل سلاح الحدود فى مجلس الإدارة، وتمت الموافقة على هذا الاقتراح ما عدا صوت واحد.
كان ذلك بمثابة تحدي واضح للملك فاروق ورجله الفريق محمد حيدر، الذي كان أحد الحضور فى الاجتماع، وحاول التخلص من مجلس الإدارة مُعتمدًا على تقديم الأعضاء استقالاتهم من خلال إيهام كل عضو على حدة بأن باقى الأعضاء قدموا استقالاتهم.
بعد شهر من ذلك الاجتماع؛ أصدر حيدر باشا، قراره بحل مجلس إدارة النادي، على أمل استرضاء الملك واستعادة مركزه ونفوذه.
كان هذا القرار ناقوس خطر، أشعر قيادة التنظيم باقتراب التضييق عليهم. هكذا عقدت اللجنة العُليا للتنظيم اجتماعات متتالية فى أيام 17 و18 و19 يوليو، للرد على قرار حل مجلس إدارة النادي، وتقرر حينها تاريخ الخامس من أغسطس موعدًا لقيام حركة الجيش؛ لكن جاءت خطوات رجال الملك مُتسارعة، ففى 20 يوليو قدم حسين سرى عامر استقالة وزارته، وجاءت الأنباء بتقلده منصب وزير الحربية، كبداية لتنفيذ سياسة انتقامية من هؤلاء، الذين تحدوا الملك والتنكيل بهم، إما بالطرد من الخدمة أو الاعتقال.
يقول المؤرخ العسكري الراحل جمال حماد: "هنا كان السؤال الدائر فى أذهان مجلس قيادة النادي، هل سيتمكنون من الغداء به قبل أن يتعشى هو بهم؟" كان الرد سريعًا بقدر الفعل نفسه، فقد اجتمعت اللجنة العليا للتنظيم فى مقر اجتماعهم المعتاد، بمنزل خالد محيى الدين، وتحددت ليلة 23 يوليو لتنفيذ خطة الحركة، بعد ساعات قليلة من حلف اليمين الدستورية لوزير الحربية.
وفى ظهر 22 يوليو؛ اجتمع ضباط من قيادات الحركة، فى منزل خالد محيى الدين، لاستعراض الخطة بصورة نهائية، وتقرر أن يظل الأمر طى الكتمان، حتى تمام الساعة 8 مساء، وكانت كلمة السر "نصر".
روى الرئيس الراحل محمد نجيب، فى مذكراته "كنت رئيسًا لمصر": "من كان يعلم بخطة ليلة الثالث والعشرين من يوليو عشرة ضباط فقط، أما البقية فتم تحديد مهام معينة لهم، فعلى سبيل المثال، عبد اللطيف البغدادي، كانت مهمته الاستيلاء على القاعدة الجوية بمطار ألماظة، وحسين الشافعى وخالد محيى الدين، كان عليهما الاستيلاء على سلاح الفرسان، وكان على عبد المنعم أمين، الاستيلاء على سلاح المدفعية، وكان على صلاح سالم وجمال سالم، الاستيلاء على القوات فى العريش، وكان عليّ البقاء فى المنزل حتى الاستيلاء على مقر القيادة".
كانت الخطة مرتكزة على السيطرة على مبنى القيادة العسكرية بكوبرى القبة، ثم اعتقال بعض كبار ضباط الجيش لضمان عدم تحريك قوة عسكرية للتصدى لهم، ثم محاصرة قصر عابدين، وإغلاق مداخل القاهرة، والسيطرة على المطارات الثلاثة الرئيسية فى العاصمة «ألماظة، ومصر الجديدة، وغرب القاهرة».
فى تمام الثالثة فجر 23 يوليو كان الجزء الأول من الخطة تم تنفيذه، القيادة العسكرية تحت السيطرة، وقيادات الجيش فى سجن الكلية الحربية، وجمال عبدالناصر يبلغ اللواء محمد نجيب هاتفيًا بآخر التطورات. يقول نجيب: "هاتفنى من الإسكندرية وزير الداخلية حينها محمد المراغي، وأبلغنى وهو يتوسل لى كضابط وطنى إيقاف هذه الحركة، فالضباط إذا لم يتوقفوا سيتدخل الإنجليز، لأتلقى مكالمة مماثلة للأولى من وزير التجارة ثم رئيس الحكومة، إلى أن اتصل بى الصاغ جمال حماد، لإبلاغى بنجاح المرحلة الأولى من الخطة، تحركت إلى كوبرى القبة، واستقبلنى اليوزباشى إسماعيل فريد".