الثلاثاء 05 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

تقارير وتحقيقات

حلم يوليو الصناعى من "الإبرة إلى الصاروخ".. ثورة 23 يوليو.. خارطة طريق للنهضة الصناعية فى مصر والعالم العربى

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تعد ثورة 23 يوليو علامة فارقة فى التاريخ المصرى الحديث، نظرا لما حققته من إنجازات وتغييرات جذرية على مستوى مصر والوطن العربى بأكمله، فى كافة المجالات "السياسية، الاجتماعية، والاقتصادية"، فقد استطاعت مصر تحقيق نسبة النمو اقتصادى فى عامى 1969 و1970 وبلغت 8% سنويًا، كما تمكن الاقتصاد المصرى عام 1969 من تحقيق زيادة فى فائض الميزان التجارى لأول مرة فى تاريخ مصر بفائض قدرها 46.9 مليون جنيه، وأصبحت المحلات المصرية تعرض وتبيع منتجات مصرية من مأكولات وملابس وأثاث وأجهزة كهربية.

قطاع التجارة

قبل ثورة 23 يوليو 1952، كانت التجارة الخارجية حكرًا على الأجانب وقلة من المصريين الاقطاعيين، وكان القطن أهم الصادرات ويمثل حوالى 85% من إجمالى تجارة مصر الخارجية، تحت سيطرة بيوت التصدير الأجنبية التى كانت تسيطر فى نفس الوقت على المحالج والمكابس، والواردات التى كانت تمر حتما بالتوكيلات المحلية للشركات الأجنبية، ووكالات الاستيراد "والقومسيونجية" وكانت التجارة الخارجية تمثل فى ذلك الوقت حوالى 50% من الدخل القومى، ومعنى ذلك أن نصف الدخل القومى خارج السيطرة الوطنية.

و لم يختلف الأمر كثيرًا بالنسبة "للتجارة الداخلية" التى كان للأجانب والمتمصرين نصيب الأسد فيها، فتجارة الداخل فى القطن يشارك فيها الأجانب وخاضعة لتوجيهات بيوت التصدير الأجنبية والبنوك الأجنبية التى تمولها وتجارة الجملة حتى فى منتجات الصناعة المصرية يسيطر عليها أجانب ومتمصرون، والمحلات التجارية الكبرى كلها محلات أجنبية.

النهضة الصناعية

ومع الاحتفال بعيد ثورة 23 يوليو الـ70، نسترجع الثورة الصناعية الكبرى التى شهدتها مصر، فالقطاع الصناعى، كان له النصيب الأكبر من النمو والازدهار، فشهدت مصر نهضة صناعية حقيقية، حيث تطورت حركة التصنيع فى مصر بعد ثورة 23 يوليو تطورًا ملحوظًا، فقد كان حلم يوليو الصناعى هو تصنيع كل شىء من "الإبرة إلى الصاروخ" مع اهتمام خاص بالتصنيع العسكرى، وأعطيت الأولوية للصناعات (الكيماوية والغزل والنسيج والصناعات المعدنية خاصة الحديد والصلب والأسمنت)، لأول مرة فى تاريخ مصر.

حيث أنشأت مصر أكبر قاعدة صناعية فى العالم الثالث حيث بلغ عدد المصانع التى أنشئت فى عهد الثورة 1200 مصنع، منها مصانع صناعات ثقيلة وتحويلية واستراتيجية.

وأقامت الثورة مصانع الحديد والصلب من أجل تطوير الصناعات الثقيلة، ومجمع مصانع الألمونيوم فى نجع حمادى وهو مشروع عملاق بلغت تكلفته ما يقرب من 3 مليارات جنيه، وشركة الأسمدة كيما، ومصانع إطارات السيارات الكاوتشوك، ومصانع عربات السكك الحديدية سيماف، ومصانع الكابلات الكهربائية، وتوليد طاقة كهربائية من السد العالى تستخدم فى إدارة المصانع وإنارة المدن والقرى، كما تم بناء المناجم فى أسوان والواحات البحرية وأقيمت المصانع الحربية لسد حاجة الجيش المصرى من الأسلحة والذخائر وكانت نتيجة بناء تلك القلاع الصناعية فتح أبواب العمل أمام الملايين من أبناء مصر فى كل المجالات الصناعية والخدمية.

وقد بدأ الاهتمام المركز بالصناعة منذ قيام الثورة، وأصبح التصنيع ضرورة اقتصادية واجتماعية لا بديل عنها، وقامت الدولة بإنشاء المجلس القومى للإنتاج فى عام 1955 الذى قام بدور المروج للمشروعات الصناعية.

وبعد العدوان الثلاثى، عملت الثورة على بناء اقتصاد وطنى حديث قائم على الصناعة، وقامت بإنشاء وزارة الصناعة فى يوليو عام 1957 وتم وضع أول برنامج قومى للتصنيع فى عام 1957 بلغت تكاليفه الكلية 250 مليون جنيه، ينفذ على 5 سنوات اختصرت إلى 3، وتضمن البرنامج الكثير من الصناعات "الكيماوية، وصناعات مواد البناء" وتبعته الصناعات المعدنية والهندسية.

وفى أواخر عام 1959 تقرر إعداد برنامج التصنيع الثانى ليغطى فترة السنوات الخمس التالية واستهدفت الخطة الخمسية الأولى، إعطاء دفعة قوية للصناعة فخصص لها 26.7% من الاستثمارات الكلية بهدف زيادة الصناعات التحويلية بنسبة 42% فى نهاية تلك الخطة.

ونجحت الثورة فى تحقيق أهداف التنمية، بوضع خطة مضاعفة الدخل الوطنى فى 10 سنوات وهو ما عرف باسم "الخطة الخمسية الأولى"، ثم الإقدام على التأميمات الكبرى ابتداء بتأميم "البنك الأهلى وبنك مصر فى فبراير 1960" ثم تأميمات يوليو 1961 وما بعدها، وقوانين يوليو الاشتراكية ليكون القطاع العام هو القاعدة الأساسية للتنمية.

ثم قامت الدولة بوضع "ميثاق العمل الوطنى وشق طريق التحولات الاقتصادية والاجتماعية" بهدف الوصول إلى الاشتراكية، بهدف تغيير المجتمع وإعادة بنائه لصالح مجموع قواه العاملة.

وقد ظل نصيب الاستثمارات الصناعية يدور حول نسبة 25% من الاستثمارات الكلية منذ عام 1960 فيما عدا الفترة من عام 1967 إلى عام 1947 حيث مرت البلاد بمرحلة اقتصاديات الحرب التى حدت من الاستثمارات الجديدة وأبطأت عملية التنمية وتضاعفت مشاكل الصناعة من حيث مشاكل استيراد الخامات وقطع الغيار مع القيام بدورها كاملًا فى سد الاحتياجات المحلية من المنتجات المتاحة.

ولاقى الاقتصاد المصرى فى ذلك الوقت العديد من الاشادات الدولية، فقد أعلن البنك الدولى فى تقريره رقم 870 أن مصر استطاعت عبر تلك الإجراءات تحقيق نسبة نمو من عام 1957-1967 بلغت ما يقرب من 7% سنويًا، وهذا يعنى أن مصر استطاعت فى عشر سنوات من عصر الثورة أن تقوم بتنمية تماثل أربعة أضعاف ما استطاعت تحقيقه فى الأربعين سنة السابقة على عصر الثورة.

كانت تلك نتيجة لا مثيل لها فى العالم النامى كله حيث لم يزد معدل النمو السنوى فى أكثر بلدانه المستقلة خلال تلك الفترة عن 2.5% بل أن هذه النسبة كان يعز مثيلها فى العالم المتقدم باستثناء "اليابان، وألمانيا الغربية، ومجموعة الدول الشيوعية".