أكد خبراء أن العلاقات المصرية الأمريكية تسير على قدم وساق، حيث إنها علاقات استراتيجية بالأساس، ولها تاريخ طويل تأسست على أهمية الدور المحوري الذي تقوم به مصر، وستعزز بعد قمة جدة، التي شارك فيها الرئيس عبد الفتاح السيسي، واللقاءات الثنائية التي أجراها الرئيس مع نظيره الأمريكي "جو بايدن".
وتزايد حجم التبادل التجاري بين مصر وأمريكا خلال السنوات الأخيرة، باعتبار أن الولايات المتحدة أحد أهم الأقطاب الاقتصادية في العالم، وأكبر كتلة اقتصادية في العالم بحجم ناتج محلي 22 تريليون دولار في 2021.
كشفت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن ارتفاع قيمة الاستثمارات الأمريكية في مصر لتسجل 9.2 مليار دولار خلال العام المالي 2020/2021 مقابل 7.7 مليار دولار خلال العام المالي 2019 /2020 بنسبة ارتفاع قدرها 19.8%.
وسجلت قيمة تحويلات المصريين العاملين بالولايات المتحدة الأمريكية 1.4 مليار دولار خلال العام المالي 2020 / 2021 مقابل 975.2 مليون دولار خلال العام المالي 2019 / 2020 بنسبة ارتفاع قدرها 40.9%، بينما بلغت قيمة تحويلات الأمريكيين العاملين في مصر 42.8 مليون دولار خلال العام المالي 2020 / 2021 مقابل 49.9 مليون دولار خلال العام المالي 2019 / 2020 بنسبة انخفاض قدرها 14.1%.
وأشار إلى ارتفاع قيمة التبادل التجاري بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية لتصل إلى 8.6 مليار دولار خلال عام 2021 مقابل 6.3 مليار دولار خلال عام 2020 بنسبة ارتفاع قدرها 37.4%.
وارتفعت قيمة الصادرات المصرية للولايات المتحدة الأمريكية لتصل إلى 2.5 مليار دولار خلال عام 2021 مقابل 1.6 مليار دولار خلال عام 2020 بنسبة ارتفاع قدرها 56.3%، وبلغت قيمة الواردات المصرية من الولايات المتحدة الأمريكية 6.1 مليار دولار خلال عام 2021 مقابل 4.7 مليار دولار خلال عام 2020 بنسبة ارتفاع قدرها 30.9%.
نمو استثماري أمريكي متوقع
وتوقع عمر مهنا، رئيس الجانب المصري لمجلس الأعمال المصري الأمريكي، نموًا في مستويات الاستثمار الأمريكي، موضحًا أن الإصلاحات التي قامت بها مصر خلقت المزيد من الفرص للمستثمرين الأجانب.
وقال مهنا، إن النمو الحالي في الاستثمار الأمريكي هو علامة إيجابية على دعم الولايات المتحدة للسوق المصري، وتوقع أن التعاون بين البلدين سيتعزز أكثر ربما بعد COP 27 مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ 2022.
ومن جهته قال أحمد عنتر، رئيس المكتب التجاري المصري بواشنطن، إن ما تتمتع به مصر من استقرار وما نفذته من إصلاحات تستهدف تشجيع الاستثمار، فضلا عن إبرام العديد من الاتفاقيات التجارية مع مناطق ودول مختلفة من العالم مثل أوروبا والدول العربية والأفريقية وغيرها كل ذلك ساهم في مزيد من تعزيز التعاون التجاري والاقتصادي والاستثماري بين مصر والولايات المتحدة.
استثمار تراكمي
وأوضح، أن العلاقات التجارية بين مصر والولايات المتحدة كثيفة خلال السنوات الأخيرة، حيث بلغت قيمة التبادل التجاري بين البلدين 9 مليار دولار عام 2021 منها 3.1 مليار دولار صادرات مصرية أهمها ملابس ومنسوجات ومنتجات غذائية وكيماويات، و5.8 مليارات دولار واردات أهمها طائرات ومنتجات بترولية وأجهزة ومعدات وقطع غيار وماكينات وأدوية وفول صويا ويتميز التبادل التجاري بتنوعه وبزيادة قيمته سنويًا.
وأضاف، كما بلغت قيمة الاستثمار المباشر التراكمي الأمريكي في مصر 22.5 مليار دولار حتى منتصف عام 2021 في قطاعات مختلفة منها على سبيل المثال البترول والبتروكيماويات والأغذية والمشروبات والتكنولوجيا الرقمية والكيماويات.
وأوضح رئيس المكتب التجاري المصري بواشنطن، أن السوق المصري يعتبر من أكثر الأسواق العالمية جذبًا للاستثمارات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث لدى مصر شبكة من الاتفاقيات التجارية التي تجعل منها منطقة جذب للتصنيع من أجل التصدير بدون رسوم جمركية للدول الموقع معها هذه الاتفاقيات مثل كافة الدول العربية (اتفاقية الجافتا) وكافة الدول الأفريقية (اتفاقية التجارة الحرة القارية) والاتحاد الأوروبي ودول الميركسور (البرازيل والأرجنتين وأوروجواي وباراجواي) وأيضًا بروتوكول المناطق الصناعية المؤهلة مع الولايات المتحدة نفسها حيث يمكن التصنيع في مصر والتصدير لأمريكا بدون رسوم جمركية.
وتابع، لقد اتبعت مصر برنامج إصلاح اقتصادي شاملًا وطموحًا منذ نوفمبر عام 2016 تعويم العملة الوطنية وإلغاء الدعم على مراحل وتنفيذ مشاريع إنشائية عملاقة وأيضًا مشاريع زراعية ومدن جديدة، بالإضافة إلى تعديلات تشريعية هامة ومستمرة مثل قانون الاستثمار الجديد لعام 2017 وقانون التنمية الصناعية واستراتيجية صناعة السيارات وقانون إنشاء المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وحوافز الاستثمار بها وخلافه كلها أمور جعلت مصر من أكبر مقاصد الاستثمار في المنطقة وننتظر تواجدًا أكبر من الشركات الأمريكية في إطار الشراكة بين البلدين.
لقاءات ناجحة
ومن جهته أكد الدكتور عبدالمنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، عمق العلاقات المصرية الأمريكية، والتي تمتد منذ عام 1830، وقد شهدت تطور هذه العلاقات بشكل كبير وهناك فترات كبيرة كانت في اوجها خاصة أوائل التسعينيات.
وأضاف، أن العلاقات المصرية الأمريكية قائمة على المصالح المشتركة، وتتفهم واشنطن أهمية الدور المصري، وحرصها على تعزيز العلاقات بينهما وتطويرها في المجالات كافة، موضحًا أن مصر شريك حيوي واستراتيجي لأمريكا وقد تتأثر العلاقات المصرية الأمريكية سلبيًا في بعض الفترات وتمرض أحيانًا، ولكن لا تموت فمصر تعد أكبر عنصر استقرار حاليًا في المنطقة وسط إقليم مضطرب، ونجاحها في تنفيذ مشروعات كبرى في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية، مع استمرارها خلال الوقت نفسه في تطبيق سياسة نشطة لمكافحة التطرف والإرهاب وزيادة قدرتها العسكرية.
وتابع، كما زاد من أهمية الدور المصري في المنطقة، اكتشافات الغاز الطبيعي وإنشاء منظمة غاز شرق المتوسط، التي تضم في عضويتها (مصر والأردن وفلسطين وإسرائيل وإيطاليا وفرنسا وقبرص واليونان،) وكلا من الولايات المتحدة ودولة الإمارات "كمراقبين"، كذلك سعي مصر لأن تكون مركزًا إقليميًا لإسالة الغاز، وأبرمت اتفاقيات مع إسرائيل وقبرص بهذا الشأن، وطورت علاقاتها السياسية مع كل من قبرص واليونان.
وكشف "السيد" عن حجم التبادل التجاري بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية، والذي بلغ 9.1 مليار دولار خلال العام الماضي 2021، حيث بلغت قيمة صادرات مصر لأمريكا 3.4 مليار دولار خلال العام الماضي، بينما وصلت قيمة واردات مصر من أمريكا 5.7 مليار دولار.
وشدد "السيد" علي أهمية زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن، الأولى إلى الشرق الأوسط، بعد مرور عام ونصف على دخوله البيت الأبيض، مؤكدا ان هذه الزيارة تتزامن أيضًا مع الارتفاع الحاد في أسعار موارد الطاقة نتيجة الحرب "الروسية الأوكرانية"، موضحًا أنه لاشك أن هذه الزيارة لها عدة أهداف سياسية واقتصادية.
وقال مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، من أبرز الفوائد من قمة جدة، وضع حد للارتفاع الحاد في أسعار النفط، وتقليل اعتماد العالم على الصادرات الروسية من موارد الطاقة عن طريق زيادة الانتاج العربي"، حيث أدركت الولايات المتحدة أنه لا غنى عن نفط الخليج لما يشكله من كتلة كبيرة في السوق، وأن دول الخليج قادرة على رفع الأسعار أو تخفيضها، بالإضافة إلى حاجة حلفائها في أوروبا اليوم للنفط العربي، خصوصًا مع محاولتهم التخلص من واردات النفط والغار الروسي؛ لذلك يعد الهدف الأول المعلن لزيارة بايدن للسعودية، كما أن هناك زيادة في الاعتماد علي الغاز الطبيعي العربي خاصة بعد أن أصبحت مركز للطاقة والغاز الطبيعي المسال وزيادة الغاز المصدر إلي أوروبا لتقليل الاعتماد علي الغاز الروسي.
من جانبه قال هشام فهمي، رئيس غرفة التجارة الأمريكية بمصر في واشنطن، إن هناك العديد من نماذج النجاح في علاقات التعاون الاقتصادي والاستثماري بين مصر والولايات المتحدة سواء في مجال المواد الغذائية أو المنسوجات، مشيرًا إلى أن المميزات النسبية الكبيرة لمصر في قطاع الطاقة زادت من جاذبيتها للمستثمر الأمريكي إلى جانب الحجم الكبير للسوق المصري.
قالت الدكتورة يمن الحماقي، أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس، إن العلاقات الاقتصادية بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية قوية جدًا، فتعد أمريكا أحد الشركاء الرئيسيين في الاقتصاد المصري، وتأتى فى المرتبة التاسعة من حيث الدول الأجنبية المستثمرة فى مصر.
وأضافت الحماقي، أن البلدين تربطهما علاقة تجارية وطيدة، حيث اتفاقية "الكويز" الخاصة بالملابس الجاهزة، بالإضافة إلى الاستثمارات الأمريكية المباشرة الضخمة، كما أن الدولة تسعى للوصول إلى منطقة تجارة حرة مع الولايات المتحدة منذ زمن.
وأوضحت، أن مصر تمتلك فرصًا استثمارية كبيرة لزيادة النشاط الاقتصادي غير المشروط بين البلدين، حتى تستطيع كل دولة الوصول إلى أكبر استفادة ممكنة من هذا النشاط.
وأشارت إلى أن مصر لديها فرص واعدة للاستثمار في قطاع الادوية، إنتاج اللقاحات، التعليم، والخدمات، وهذه الفرص تناسب المستثمر الامريكي، خاصة وأن الدولة المصرية بدأت تطبيق سياسة الملكية الفكرية، التي طالب بها هؤلاء المستثمرين.
وأكدت الحماقي على أهمية اللقاء بين الرئيس الأمريكي جو بايدن، والرئيس عبد الفتاح السيسي، وبعض القادة العرب، في ظل ارتفاع كبير في أسعار الطاقة، فضلا عن كون السعودية والامارات أكبر الدول المنتجة للبترول.
أكد الدكتور محمد زاهر، رئيس لجنة التعدين بغرفة التجارة الأمريكية بمصر، أن القطاع الخاص ساهم بدور فعال وواضح في تدعيم العلاقات الاقتصادية بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية حاليًا وخلال السنوات الماضية فى شتى المجالات على رأس مجال البترول والغاز والطاقة.
وأضاف، أن الاستثمار الأمريكى فى زيادة مستمرة فى مصر، حيث ارتفع لنحو 24 مليار دولار حاليًا بخلاف التزايد فى حجم التبادل التجارى بين البلدين الذى بلغ العام الماضى نحو 9.1 مليار دولار، لافتًا إلي أن القطاع الخاص نجح كثيرًا فى تغيير وجه النظر الأمريكية نحو مصر ونحو العديد من القضايا بما يدعم العلاقات الثنائية بين البلدين.
وأشار إلي أن مصر تسعى الفترة المقبلة لعقد اتفاقية تجارة حرة مع أمريكا، ونأمل أن تتم لصالح البلدين بجانب رفع قيمة الصادرات المصرية لأمريكا سواء من خلال الكويز أو من خلال مختلف الصادرات.
ونوه إلي أن القطاع الخاص ساهم فى جذب كبرى الشركات للعمل فى مصر من خلال الشراكة من جانب والمساهمة فى تذليل العقبات أمام الاستثمارات الأمريكية فى مصر من جانب أخر بالتنسيق مع الجهات الحكومية، معتبرًا أن قطاع الطاقة الأمريكي يمكنه الإسهام بشكل كبير فى تطوير ذلك القطاع فى مصر والمساهمة فى نموه بشكل كبير لاسيما بعدما تحولت مصر لمركز إقليمى لتصدير الغاز لأوروبا وبعض الدول الأخرى بفضل جهود وزارة البترول.
قال الدكتور رشاد عبده، رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، إن العلاقات الاقتصادية بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية جيدة وقوية، حيث يتعاون الطرفان في الكثير من المجالات.
وأضاف، أنه من المتوقع فتح ملف الطاقة والنفط، حيث أن مصر لها الآن شأن كبير في هذا المجال، بالإضافة إلى تعاونها مع الاتحاد الأوروبي في تزويده بالغاز الطبيعي كبديل لروسيا، وأيضًا تعتبر السعودية ودول الخليج من أكبر الدول المنتجة للبترول.
قال مدحت البسيوني، خبير اقتصادي، إن الولايات المتحدة تعتبر شريكًا استراتيجيًا رئيسيًا لمصر، وتهدف القاهرة إلى تعزيز العلاقات الثنائية والتعاون مع واشنطن.
وأوضح، من المتوقع أن تزداد الاستثمارات الأمريكية في قطاعات الطاقة والاتصالات والبنية التحتية، لاسيما وضم الوفد الأمريكي ممثلين عن 40 شركة تعمل في مجالات متنوعة.
وبحسب البسيوني، على الرغم من آثار الوباء والحرب بين روسيا وأوكرانيا، تتوقع مصر انفراجًا في العام المقبل على صعيد الاستثمار الخارجي، وخاصة من الولايات المتحدة.
وقال الخبير الاقتصادي، إن الحكومة المصرية تركز حاليًا على تمهيد الطريق لمزيد من الاستثمار الأجنبي المباشر وغير المباشر سواء من خلال التعاون الحكومي أو بالسماح لشركات القطاع الخاص بالمشاركة في مشروعات استثمارية يكون الأمريكيون الشريك الرئيسي فيها.
وأكد السفير راجي الأتربي، المدير التنفيذي المناوب لمصر بمجموعة البنك الدولي على أهمية علاقات الشراكة بين مصر والبنك الدولي في مجالات متعددة من الاقتصاد، مشيرًا إلى أهمية ما قامت به مصر من برنامج الإصلاح الاقتصادي.
ونوه إلى أهمية برنامج التعاون الإنمائي بين مصر والبنك الدولي بعد التأثيرات العالمية للأزمة الروسية الأوكرانية وتداعيات جائحة كورونا.