تناولت الصحف البريطانية زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى إيران وتأثيراتها الدولية لا سيما على الصراع في سوريا، بالإضافة إلى العمليات العسكرية الإسرائيلية الأخيرة ضد إيران.
ونشرت صحيفة التليجراف تقريرا بشأن زيارة بوتين إلى طهران وتأثيراتها الدولية، وهي الرحلة الخارجية الثانية له منذ بدء غزو أوكرانيا في فبراير الماضي.
ووصف التقرير بوتين بأنه معزول دوليا بسبب حربه غير المبررة على أوكرانيا، موضحا أن هجوم بوتين غير المبرر على جارة روسيا الجنوبية أدى إلى عزلة على الساحة الدولية لروسيا، كما تضرر الاقتصاد الروسي من تأثير العقوبات الغربية القاسية.
ويرى التقرير أنه قد تم الكشف عن المدى الحقيقي للصعوبات المالية التي تواجهها موسكو الشهر الماضي عندما تخلفت روسيا عن سداد ديونها السيادية الخارجية لأول مرة منذ الثورة البلشفية.
وأضاف التقرير أن عزلة موسكو الدولية تجسدت في الدعم الضئيل الذي اجتذبته في تصويت الأمم المتحدة في مارس لإدانة الغزو الأوكراني، حيث لم تنضم إلى روسيا سوى أربعة دول وهي كوريا الشمالية وإريتريا وسوريا وبيلاروسيا.
وأوضح التقرير أن بوتين في حاجة ماسة إلى حلفاء جدد ولا شك أن هذا هو الهدف الأساسي من زيارته إلى طهران.
الغرض من قمة طهران
ويرى التقرير أن الغرض الحقيقي من قمة طهران هو استكشاف ما إذا كان من الممكن لهذه القوى المتنافسة أن تضع خلافاتها جانبا وتتحد في القضية المشتركة المتمثلة في مقاومة الضغط الغربي.
ويشير التقرير أنه بصرف النظر عن الحفاظ على الحملة العسكرية الروسية للاستيلاء على مساحات شاسعة من الأراضي الأوكرانية، فإن الهدف الرئيسي الآخر لبوتين هو كسب الدعم لجهوده للتهرب من تأثير العقوبات الغربية.
وأضافت الصحيفة "كثيرا ما ندد الزعيم الروسي بالعقوبات ووصفها بأنها إعلان حرب اقتصادية من قبل الغرب وهو يبحث يائسا عن طرق للالتفاف على الإجراءات".
وذكّرت بأن "إيران التي لديها سنوات عديدة من الخبرة في التهرب من العقوبات الغربية - عرضت بالفعل مساعدة روسيا على بيع نفطها في الأسواق الدولية باستخدام النظام المصرفي والمالي السري الذي وضعته طهران بالفعل للتهرب من العقوبات الغربية".
وأضاف التقرير "في الآونة الأخيرة، كانت هناك مؤشرات على تعاون عسكري أوثق بين طهران وموسكو، حيث أفاد مسؤولون أمريكيون بأن إيران عرضت تزويد روسيا بمئات الطائرات من دون طيار لدعم المجهود الحربي في أوكرانيا".
ورأى أنه "في المقابل، ستسعى إيران للحصول على دعم روسي لأنشطتها في سوريا، حيث يعزز الحرس الثوري الإيراني وجوده العسكري لتهديد أمن إسرائيل".
وقال "ستكون محاولة ضم تركيا إلى الركب تحديا أكثر أهمية للزعيم الروسي، لأسباب ليس أقلها أن أردوغان لعب دورا رئيسيا في مساعدة القوات الأوكرانية على مقاومة المحاولات الروسية لغزو بلادها".
وأضاف "كان للطائرة بدون طيار بيرقدار تي بي 2 التركية الصنع تأثير مدمر على ساحة المعركة، حيث أدت قنابلها خفيفة الوزن الموجهة بالليزر إلى تدمير القوات الروسية".
بينما قال جون درينان من معهد الولايات المتحدة للسلام في تصريحات نشرتها شبكة "سي ان بي سي" الأمريكية، معلقا علي زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإيران، أن بوتين أراد أن يُظهر أن موسكو لا تزال مهمة في الشرق الأوسط من خلال زيارته لإيران، ولكن بدلاً من ذلك، أظهرت الزيارة "يأس" روسيا.
وأوضح درينان إن الهدف كان إجراء مناقشة مع قادة إيران وتركيا حول عملية السلام في سوريا.
ونوهت الشبكة إلي أن بوتين التقي بالرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي والمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي خلال زيارته لإيران، وفقا للموقع الرسمي للرئاسة الروسية (الكرملين( .
قال بوتين: "نحن نعزز تعاوننا في مجال الأمن الدولي ونقدم مساهمة ملموسة في تسوية الصراع السوري".
كما التقى بوتين بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان في إيران.
وعقب درينان علي ذلك قائللا: "أعتقد أن الروس يحاولون إظهار الاجتماعات كدليل على أنهم ليسوا معزولين، وأنهم لا يزالون لاعبًا رئيسيًا في الشرق الأوسط".
وأضاف: "لكنني أعتقد أن ذلك يظهر بعض اليأس من جانب الروس، حيث يضطرون للذهاب إلى الإيرانيين للحصول على الدعم العسكري".
بينما قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي للصحفيين في البيت الأبيض، في وقت سابق، إن زيارة بوتين لإيران "تظهر مدي عزلة بوتين وروسيا بشكل كبير." وأضاف في إشارة إلي الروس: "عليهم الآن اللجوء إلى إيران طلباً للمساعدة".
في حين، قال البيت الأبيض إن المسؤولين الروس تفقدوا خلال زيارتهم لإيران طائرات مسيرة قادرة على حمل أسلحة والتي قد ترغب موسكو في الحصول عليها من أجل حربها في أوكرانيا.
وفي حديثه في منتدى آسبن الأمني، قال مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وليام بيرنز، إن اهتمام روسيا بالطائرات المسيرة الإيرانية هو انعكاس "لأوجه القصور في صناعة الدفاع الروسية اليوم، والصعوبات التي تواجهها بعد خسائر كبيرة حتى الآن في الحرب ضد أوكرانيا ومحاولة من موسكو لسد النقص في مخزونها من الأسلحة أيضًا ".
وأضاف بيرنز أن: "الروس والإيرانيون بحاجة لبعضهم البعض الآن. وكلا البلدين يخضعان لعقوبات شديدة، وكلاهما يتطلع إلى كسر العزلة السياسية أيضًا ".
وأوضح بيرنز إن الدولتين تريدان مساعدة بعضهما البعض في تفادي العقوبات وإظهار أن لديهما خيارات، لكن هناك حدود لمدى تعاونهما، مضيفا إن طهران وموسكو لا تثقان ببعضهما البعض لأنهما متنافسان في مجال الطاقة ومنافسان تاريخيان.
فيما قال درينان إن المنافسة على تصدير الطاقة الخاضعة للعقوبات هي قضية هيكلية تمنع تعميق العلاقات الروسية الإيرانية.
بينما ذكرت وكالة الأنباء الروسية المملوكة للدولة "تاس" أن الجانبين أقتربا من التوصل إلي اتفاق تعاون استراتيجي. وكشفت وكالة الأنباء التابعة لوزارة النفط الإيرانية (شانا) هذا الأسبوع أن شركة النفط الوطنية الإيرانية وجازبروم الروسية وقعتا مذكرة تفاهم تبلغ قيمتها حوالي 40 مليار دولار.
وأشارت الشبكة إلي أن إيران وقعت اتفاقية تعاون مع الصين في عام 2021، لكنها تبقي معزولة في المنطقة، حيث أن العلاقات مع كل من السعودية والإمارات والبحرين متوترة.
ولفتت الشبكة إلي أن الولايات المتحدة أعادت فرض العقوبات على إيران بعد انسحاب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من الاتفاق النووي لعام 2015.
ونوهت الشبكة إلي أن العديد من الدول الغربية فرضت عقوبات على روسيا بعد غزوها أوكرانيا في فبراير الماضي.