رحل عن عالمنا بعد صراع مع المرض الموسيقار فتحي الخميسي، انامل ونغم الخمايسة الذي شرفت بالتعارف عليه منذ أن عشت في موسكو من 1978 وحتى 1987 للدراسة، وفيها تعرفت على الخمايسة، القاص أحمد وأستاذة الصحافة عزة والموسيقار فتحى والممثلة ضياء والصحفية عائشة، وفى إحدى رحلاته للخليج عرفنى الأب القديس على ابنه الأكبر عبد المالك، ومن خلالهما تعرفت على والدهم، الفنان والشاعر والمبدع فى التمثيل والصحافة والتأليف الإذاعى والإخراج السينمائى وتعريب الأوبريت، بل وتأليف الموسيقى والأغانى كتابة ولحنا، ومذيعا عرف بأنه «صاحب الصوت الذهبى، وكان يلقبه أصدقاؤه بالقديس
ورث كل فرد من الخمايسه موروثا من ميراث القديس وكان فتحي النغم الذي بكاة البيانو وسالت له دموع الموسيقي بكافة اوتار العود ومهنة الكمان وندب الطبلة.
كان موسكو في مطلع سبعينيات القرن الماضي ملاذا الخميسي الكبير الذي اشتهر بالقديس، نلت شرف الاقتراب والسفر مع الخميسى فى مختلف بقاع الأرض، ورأيته ينحنى للفقير ويواجه الرؤساء والملوك، كتب الشعر والقصة فى مجلات عظيمة مثل «الرسالة» لأحمد أمين، و«الثقافة» لحسين هيكل، ولكن ظروفه الصعبة أرغمته أن يعمل بائعا وكمساريا ثم مصححا لغويا، ومعلما، والنوم على أرائك الحدائق العامة، وكيف جاب الريف المصرى مع فرقة أحمد المسيرى، دخل عالم الصحافة بصحيفة المصري لسان حال حزب الوفد القديم في موسكو، إبان حكم السادات كان الخمايسة شجرة مورقة يستظل من دفء أغصانها اغلب المطاردين من الحكم، وكان منزل القديس وزوجته طنط شفيقة هو سفارة مصر إبان مقاطعة السادات لموسكو، لا يوجد دارس مصري لم يستقبله احد الخمايسة الشاعر احمد او الدكتورة عزة او الموسيقار فتحي، ويحط الدارس في خان الخمايسة ويتزود بالزوادة والملبس حتى تتولاه الحكومة الروسية، ويوزع علي احدي الجامعات التي سيدرس فيها، ورث فتحي عن أبيه الفن والانامل والجمجمة، وكانت أسرة عبدالله النديم التي أسسها الخمايسة مع الراحل ابو بكر يوسف واخرين هي النادي الثقافي للمصريين المهمومين بحب الوطن، وكانت الأسرة تقدم السياسة والأدب على انغام فتحي الخميسي وغناء جوقة الخمايسة،ولن انسي "اغنية دلال المغربى " الشهيدة الفلسطينة وغيرها، جاء فتحي الخميسي الي كنسسفاتوارموسكو دارسا من جديد رغم انه كان معيدا في مصر وصار أستاذ علوم الموسيقى درس الموسيقى وحصل فيها على الدكتوراه من الاتحاد السوفييتي. كان يعمل، أستاذا للموسيقى بأكاديمية الفنون، وله العديد من المؤلفات الموسيقية منها سيمفونية بعنوان (غضب النيل). كما أعد الموسيقى التصويرية لعدد من الأعمال الفنية فى السينما والمسرح، كان آخرها الموسيقى التصويرية لمسرحية شكسبير (يوليوس قيصر) يذكر أن الخميسي قدم الموسيقى التصويرية لعدة أفلام منها "ست الستات" و"عائلات محترمة".
كان خفيف الظل شأن كل الخمايسة ويمتلك جمجمة فرعونية، وانامل آلهة الفن الفرعونية القديمة، حيث استدل علماء التاريخ والمصريات، على أن المصري القديم كان صاحب عاطفة جياشة، عبر ما تركه من رسم آلاته الموسيقية على جدران المعابد، فقد كان فتحي الخميسي حفيد الالهة الفنية الفرعونية القديمة،صاحب مشاعر راقية اكتسبها من خلال الموروث الفرعوني للمصري القديم، عبر الدعوات التي كان يترنم بها داخل المعابد والابتهالات التي كان ينصت لها حين يؤديها الكهنة منحته حسًا ذوقيًا رائعًا جعلته ينجذب نحو كل نغم، وينصت أمام كل لحن.
كتبت الصفحة الرسمية لأكاديمية الفنون: "بخالص الحزن والأسى تنعى الدكتورة غادة جبارة رئيس أكاديمية الفنون والدكتور هشام جمال نائب رئيس الاكاديمية وأسرة المعهد العالى للموسيقى العربية، الدكتور فتحى الخميسى الأستاذ المتفرغ بقسم علوم الموسيقى بالمعهد العالى للموسيقى العربية....رحم الله الفقيد والهم أسرته وزملائه وطلابه الصبر والسلوان".
يذكر أن صدر حديثًا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب برئاسة الدكتور هيثم الحاج على كتاب "فى النقد الموسيقي"، تأليف د. فتحي الخميسي، الملحن والمؤلف الموسيقي وصاحب سيمفونية "غضب النيل" والرئيس السابق لقسم علوم الموسيقى بأكاديمية الفنون
ويأتى هذا العمل مساهمةً من الكاتب فى إرساء دعائم النقد الموسيقي المعاصر؛ حيث يعتقد الخميسى أن النقد الموسيقى غائب تمامًا فى مصر المعاصرة؛ في النقد الذي نجده على صفحات الجرائد والمجلات إما فى الشعر والأدب أو فى السينما والدراما، بالإضافة إلى عدم وجود مطبوعة دورية متخصصة فى الموسيقى، رغم أن مصر عرفت في السابق نوعًا من النقد الموسيقى الجاد فى "مجلة الموسيقى" و"مجلة آفاق مصرية" وكتابات الدكتور "حسين فوزي" والدكتور "فؤاد زكريا".
وداعا صديق العمر وابن القديس وروح الفن وكل العزاء لاسرة وقبيلة الخمايسة في كل بقاع الشعر والفن والنغم، وسيظل فتحي الخميسي أنامل تعزف لروح الوطن حتى نلقاه في عالم لا يعرف الالم ولا الحزن.