أفادت وكالة "بلومبرج" بأن ماريو دراجي رئيس الوزراء الإيطالي الذي أعلن استقالته اليوم الخميس، نجح قبل 10 سنوات، في الحفاظ على تماسك اليورو في ذروة أزمة الديون السيادية عام 2012، لكنه فشل الآن في الحفاظ على الأحزاب السياسية الإيطالية في صفها - تمامًا في الوقت الذي تصارع فيه منطقة اليورو أزمة جديدة للطاقة والتضخم.
واستقال رئيس الوزراء اليوم الخميس، بعد أن سحب ثلاثة من حلفاء التحالف دعمهم لحكومته، مما أدى إلى تحطيم الوحدة التي دفعته إلى السلطة في فبراير 2021.
توقيت هو الأسوأ
وذكرت الوكالة أن توقيت الاستقالة يعد الأسوأ؛ إذ جاءت في اليوم الذي رفع فيه البنك المركزي الأوروبي الذي كان يرأسه من قبل، سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 50 نقطة أساس، وهي أول زيادة منذ 11 عامًا، فيما كشفت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاجارد وزملاؤها النقاب عن أداة يأملون أن تضمن عدم قيام الأسواق برفع تكاليف الاقتراض بقوة في الاقتصادات الضعيفة.
وقد تراجعت السندات الإيطالية، التي غرقت بعد استقالة دراجي، في أعقاب تحرك البنك المركزي الأوروبي، حيث يواجه الاقتصاد الأوروبي تضخمًا قياسيًا، وتباطؤًا في النمو ونقصًا في الطاقة بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، الأمر الذي أدى إلى توتر المستثمرين.
وأضافت الوكالة أن نوبة الاضطراب الجديدة في السندات ستجعل من الصعب على البنك المركزي الأوروبي تشديد السياسة النقدية دون خلق ضغوط جديدة داخل اتحاد العملة.
تعهد بالحفاظ على العملة الموحدة
كما أضافت الوكالة أنه من المفارقات أن خروجه من السلطة، يأتي قبل فترة وجيزة من الذكرى العاشرة لتعهده في 26 يوليو 2012، بالقيام "بكل ما يتطلبه الأمر" للحفاظ على العملة الموحدة في مكانها.
دراجي في رئاسة الوزراء
وذكرت "بلومبرج" أن دراجي عندما أصبح رئيسًا للوزراء، قدم انتعاشة للأسواق؛ إذ جلب زخمًا للإصلاحات والاستقرار المؤقت للسياسات الإيطالية غير المستقرة حينها.
واختار الرئيس سيرجيو ماتاريلا، الرجل البالغ من العمر 74 عامًا لرئاسة الحكومة الإيطالية رقم 67 منذ الحرب العالمية الثانية بعد أن فشلت الأحزاب في حل مأزق سياسي. سرعان ما شرع في تجديد الاقتصاد الراكد الذي لا يزال بحاجة إلى استعادة الأرض التي فقدها بسبب جائحة Covid-19.
طفرة إصلاحية وقيادة تكنوقراطية وفطنة سياسية
وأوضحت الوكالة أن إيطاليا تحت قيادة دراجي التكنوقراطية، انخرطت في طفرة إصلاحية أولية؛ إذ نما الاقتصاد في الربع الأول من ذلك العام بشكل أسرع مما توقعه الاقتصاديون وتفوق على أقرانه الأوروبيين في الربع الثاني.
وأضافت، كل ذلك أصبح الآن موضع تساؤل، بعد أسابيع من التوترات السياسية المتصاعدة التي بدأت عندما رفضت حركة الخمس نجوم، وهي حليف رئيسي في التحالف، دعم دراجي في التصويت على الثقة في 14 يوليو / تموز 2022.
وذكرت الوكالة أنه على الرغم من كونه تكنوقراطيًا، إلا أن دراجي لا يفتقر إلى الفطنة السياسية بعد سنوات من التنقل في المؤسسة الإيطالية كمسؤول في وزارة الخزانة، ثم كمحافظ للبنك المركزي الإيطالي، وأخيرًا كرئيس للبنك المركزي الأوروبي، والذي تمكن في بعض الأحيان من التفوق في المناورة على بنك البوندسبانك الألماني؛ لكن أسلوبه المتشدد تجاه الأحزاب وطريقة عمله لم يكن دائمًا جيدًا في الألعاب السياسية البيزنطية في روما، مما جعل خروجه مفاجئًا.
وقالت روزاماريا بيتيتي، الخبيرة الاقتصادية والمحاضرة في جامعة لويس في روما: "كان دراجي يعمل بشق الأنفس على إصلاح البلاد خطوة بخطوة، والعديد من الأساسيات أفضل"، وأضافت: "لكن لم يكن لديه سوى القليل من الوقت، ولا تزال هناك مشكلات طويلة الأجل".