تزامنا مع حوار بطرسبرج للمناخ في ألمانيا، الذي انعقد منذ يومين تمهيدا لقمة المناخ العالمية بشرم الشيخ، نوفمبر المقبل، لاتخاذ قرارات إلزامية لخفض الانبعاثات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري، التي قد تسبب الحرائق، لم توقف الطبيعة غضبها وانتشرت موجة من الحرائق في دول عدة بالاتحاد الأوروبي والمغرب.
الحرائق في المغرب
واصلت أجهزة الإطفاء المغربية، السبت الماضي، مدعومة بمزيد من التعزيزات، مكافحة حرائق اجتاحت مناطق نائية في شمال المملكة، وفق ما قالت السلطات المحلية لوكالة «فرانس برس».
وفي إقليم العرائش، تضرر نحو 4660 هكتارا من الأراضي وطالت ألسنة النيران النصف منها تقريبا، حيث رصدت بؤرة حريق كبيرة وسُجلت حالة وفاة واحدة.
وجرى حتى الآن إجلاء 1325 أسرة موزعة على 19 دوارا (قرية)، استنادا إلى مصادر محلية، وانتشرت تعزيزات إضافية من الجيش ورجال الإطفاء منذ الجمعة، لا سيما في منطقة القصر الكبير، إحدى أكثر المناطق عرضة للخطر ويصعب الوصول إليها.
كما دمرت مئات الهكتارات من أراضي الغابات في أقاليم وزان وتطوان وتازة المجاورة، وتسببت درجات الحرارة المرتفعة جدا، التي اقتربت من 40 درجة مئوية، والرياح العنيفة في اندلاع النيران.
وبحسب السلطات لا تزال أسباب هذه الحرائق مجهولة لكن العامل البشري غير مستبعد، وفي محاولة لوقف اتساع رقعة الحرائق، تنفّذ أربع طائرات من نوع "كانادير" تابعة للقوات الجوية وأربع طائرات أخرى من نوع "توربو ثراش"، طلعات جوية، توازيا مع انتشار مئات من عناصر الإطفاء وحماية الغابات والدفاع المدني والقوات المساندة والقوات المسلحة الملكية وأعوان الإنعاش الوطني والمتطوعين.
الحرائق في البرتغال وإسبانيا وفرنسا وإيطاليا
وعلى الجهة الأخرى من مضيق جبل طارق، تشتعل الحرائق في جنوب أوروبا، من البرتغال إلى اليونان مرورا بإسبانيا وفرنسا وإيطاليا.
ويكافح الآلاف من رجال الإطفاء للسيطرة على حرائق الغابات في البرتغال وإسبانيا وجنوب غربي فرنسا التي اندلعت إثر موجه ارتفاع درجات الحرارة التي لا يبدو أنها ستهدأ قريبا.
ولقي طيار حتفه، في شمالي البرتغال، عندما تحطمت طائرته الإطفاء التي كان يقودها، في منطقة فوز كوا، بالقرب من الحدود مع إسبانيا، ودمرت الحرائق منطقة جيروند الفرنسية، حيث أُجلي أكثر من 12 ألف شخص.
وفي جنوب إسبانيا، بالقرب من كوستا ديل سول، اضطر حوالي 2300 شخص إلى الهرب من الحرائق المنتشرة في تلال ميخاس، وشاهد المصطافون على شاطئ توريمولينوس سحب دخان كثيف تتصاعد في التلال، حيث تحاول الطائرات التعامل مع النيران.
وفي إيطاليا، أعلنت الحكومة حالة الطوارئ في وادي "بو" القاحل، حيث أطول نهر في البلاد، والذي لا يزيد على خيط من الماء في بعض الأماكن.
وفي اليونان، يتعامل رجال الإطفاء مع الحرائق في منطقة فيريزا، على بعد حوالي 50 كيلومترا جنوب شرق العاصمة أثينا، وأيضا بالقرب من ريثيمنو على الساحل الشمالي لجزيرة كريت. وقد أُخليت سبع قرى بالقرب من ريثيمنو.
وشهدت فرنسا ارتفاعا شديدا في درجة الحرارة بلغت حوالي 40 درجة مئوية ويُتوقع أن ترتفع أكثر الأسبوع المقبل، ووضعت 16 منطقة في حالة تأهب من الدرجة البرتقالية تحسبا للطقس القاسي.
وحذر رئيس اتحاد رجال الإطفاء في فرنسا من تأثير الاحتباس الحراري على الحماية المدنية، إذ قال غريغوري أليوني: "رجال الإطفاء والأمن المدني هم من يتعاملون مع التأثيرات على أساس يومي ، وهذه التأثيرات ليست في عام 2030، إنها الآن".
وأصبحت موجات الحر أكثر تكرارا وأكثر كثافة وتستمر لفترة أطول بسبب تغير المناخ الناجم عن الإنسان، حيث ارتفعت درجات حرارة العالم بالفعل بنحو 1.1 درجة مئوية منذ بدء العصر الصناعي، وستستمر درجات الحرارة في الارتفاع ما لم تقم الحكومات في جميع أنحاء العالم بتخفيض حاد لانبعاثات الكربون.
أوروبا خالية من السحب لأول مرة
وتشهد الكرة الأرضية خلال الأيام الجارية ارتفاع غير مسبوق في درجات الحرارة خاصة في دول أوروبا، وتسجل قارة اوروبا ثاني أعلى ارتفاع حراري مسجل في التاريخ هذه الأيام، ومن النادر أن تحصل الأقمار الصناعية على منظر خالي تمامًا من السحب لأوروبا بأكملها، ولكن اليوم التقط القمر الصناعي الأوروبي للطقس Eumetsat صورة تبين عدم وجود السحب في قارة اوربا.
ويحدث لأول مرة بتاريخ السجل المناخي وصول الحرارة 40° درجة بمدينة لندن في بريطانيا ودول أخرى في أوروربا، وكانت الأرصاد الجوية، أول أمس الثلاثاء، سمت الكرة الأرضية بـ"الكرة الملتهبة" ونشرت خريطة حرارية للأرض تظهر أغلب مناطق النصف الشمالي من الكرة الأرضية بدرجات حرارة عالية غير مسبوقة بالاضافة لعاصفة شمسية قوية تؤثر على الاتصالات وتسبب شفق قطبي يصل إلى 30 درجة.