تشهد دول أوروبا الغربية هذه الأيام موجة حر لافحة ومميتة، حيث سجلت بريطانيا وفرنسا درجات حرارة قياسية تتخطى الأربعين درجة مئوية، بينما تستمر حرائق الغابات في شبه الجزيرة الإيبيرية وجنوب غرب فرنسا نتيجة موجة الحر الشديد التي تضرب المنطقة، وهي الثانية هذا الصيف.
ويعزو العلماء تزايد تواتر موجات الحر لظاهرة الاحتباس الحراري والتغير المناخي، إذ سجلت عدة دول في غرب أوروبا أعلى درجات حرارة في تاريخها منذ بدء التسجيل خلال السنوات العشر الأخيرة.
وقالت المفوضية الأوروبية إن نصف أراضي الاتحاد الأوروبي تواجه راهنا خطر الجفاف بسبب الانحسار الطويل للأمطار، ما يعرض دولا مثل فرنسا ورومانيا وإسبانيا والبرتغال وإيطاليا لتراجع مرجح في المحاصيل الزراعية.
وبحسب وكالة "فرانس برس" يتوقع أن تصل الحرارة في غرب أوروبا لمستويات قياسية، إذ يمكن أن تتجاوز الأربعين في بريطانيا للمرة الأولى في تاريخ البلاد فيما تضرب موجة حر غرب أوروبا مخلفة حرائق غابات خصوصا في جنوب غرب فرنسا.
للمرة الأولى، أصدرت وكالة السلامة الصحية البريطانية إنذارا من الدرجة الرابعة الأعلى محذرة من مخاطر الحر حتى على الشباب أو الأشخاص المتمتعين بصحة جيدة. وستبقى بعض المدارس مغلقة في حين يتوقع حدوث اضطرابات في حركة النقل العام.
على الصعيد السياسي، اتهمت الحكومة بالتعاطي باستهتار مع موجة الحر. وانتقد رئيس الوزراء المستقيل بوريس جونسون لتغيبه عن اجتماع طارئ بشأن هذه الأزمة الأحد مفضلا حضور حفلة وداعية في مقر إقامته اللندني.
وسجلت هولندا الاثنين الحرارة الأعلى خلال هذه السنة مع بلوغها 35,4 درجة مئوية في مدينة فيستدوربه في جنوب غرب البلاد. والثلاثاء قد تصل الحرارة إلى 39 درجة في جنوب البلاد ووسطها لتقترب من المستوى القياسي البالغ 40,7 والمسجل في 25 يوليو 2019.
وتتوقع بلجيكا تسجيل مستويات قياسية أيضا مع احتمال أن تصل الحرارة إلى 40 درجة مئوية بحسب المعهد الملكي للأرصاد الجوية. وقد حددت ساعات عمل معينة لبعض المهن التي تتأثر بالحر.
ولا تزال فرنسا تواجه حريقين هائلين في منطقة بوردو التهما حتى الآن 17 ألف هكتار من الغابات.
وقد تم إجلاء 16 ألف شخص في المنطقتين المعنيتين فيما تجاوزت الحرارة الأربعين درجة مئوية ما رفع عدد الأشخاص الذين أخلوا مساكنهم إلى 32 ألفا في غضون ستة أيام.
وتسيطر موجة حر خانق على إسبانيا منذ أكثر من أسبوع، ما أدى إلى اندلاع حرائق عدة اجتاحت عشرات آلاف الهكتارات.
واستمر الإنذار الأقصى باحتمال وقوع حريق في غالبية مناطق البلاد الاثنين. ويتوقع أن تشهد إسبانيا التي تعاني منذ العاشر من يوليو من موجة الحر هذه وتتجاوز الحرارة فيها الأربعين درجة مئوية، بعض التحسن لفترة قصيرة في مطلع الأسبوع الحالي.
وقال رئيس الحكومة الإسباني بيدرو سانشيز "التغير المناخي يقتل أفرادا (..) ويقضي كذلك على نظامنا البيئي وعلى تنوعنا الحيوي".
أما في البرتغال التي تشهد بعض التحسن على صعيد درجات الحرارة المرتفعة، يستمر عناصر الإطفاء بمكافحة أربعة حرائق في وسط البلاد وشمالها. وقال الدفاع المدني إن حرائق الغابات حصدت أرواح أربعة أشخاص وتسببت بإصابة خمسة أشخاص بحروق وبإجلاء 960 شخصا.