الأحد 22 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ثقافة

أمينة عبدالله لـ«البوابة نيوز»: الشعر لغة التواصل بين المبدع والمتلقي.. «معركة الحياة والموت» توثق المشاهدات الإنسانية والإبداعية في تونس

الشاعرة أمينة عبد
الشاعرة أمينة عبد الله
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

مثّلت الشاعرة أمينة عبدالله، مصر في المهرجان الدولي خيمة علي بن غذاهم للشعر العربي، بدورته الخامسة والعشرين، التي أقيمت في قرية "جدليان" التابعة لولاية "القصرين" وسط غرب دولة تونس، تحت عنوان "الشعر والمواطنة ومهارات الحياة"، والذي جمع بين التنوع الثقافي والفني، ووظيفة الشعر وأهميته في التواصل بين المبدع والمتلقي وجها لوجه، وفي ختام فعالياته كرمهتا إدارة المهرجان، تقديرا لمنجزها الأدبي.
انتهت "عبدالله" من مجموعتها الشعرية الجديدة التي تحمل عنوان "جسر خشبي لا يسع شخصين معا"، التي رشُحت لجائزة الشاعر صلاح عبدالصبور ضمن القائمة القصيرة. كما قاربت على الانتهاء من ديوان جديد تحت عنوان مؤقت "رسائل إلى الله"، بالإضافة إلى أنها تعكف أيضا على كتابة مجموعة من المشاهدات الإنسانية والإبداعية على إثر رحلتها إلى تونس، تحت عنوان "معركة الحياة والموت".
التقت "البوابة نيوز" الشاعرة أمينة عبدالله، للحديث عن مشاريعها الأدبية المستقبلية، إلى جانب مشاركتها في المهرجان الدولي خيمة علي بن غذاهم للشعر العربي، وإلى نص الحوار.

*ماذا عن المهرجان الدولي لخيمة علي بن غذاهم للشعر العربي في "جدليان" التونسية ورؤيتك له؟
- مهرجان خيمة "علي بن غذاهم" والذي أقيم في قرية "جدليان" التابعة لولاية "القصرين" وسط غرب تونس، هو مهرجان سنوي يلعب الموقع فيه البطل الثاني، حيث تتعدد أماكن المشاركات والقراءات الشعرية، فمرة يقرأ الشعر في مسرح صغير معد لذلك، وأخرى في المنطقة الأثرية بـ"سبيطلة"، وكذلك في منطقة "العيون والغابات" وهي محمية طبيعية، وأرى في هذا التنوع في الأماكن والجمهور بالتبعية وظيفة الشعر وأهمية التواصل بين المبدع والمتلقي، حيث يلتقيان وجها لوجه.
وتقام هذه الدورة تحت عنوان رئيسي "الشعر والمواطنة ومهارات الحياة"، ويحمل المهرجان شعار ثابت لم يجد عنه أبدا طوال دوراته الخمسة والعشرين "لا للتطبيع" وهو ما يؤكده رئيس المهرجان بشكل دائم أن قضية فلسطين ستظل قضية العرب طوال الوقت. 
وهذه الدورة الـ25 في تاريخ الخيمة تعود أهميتها أنها أول فعالية حية بعد الدورتين الإليكترونيتين بسبب حظر فيروس "كورونا"، والسبب الآخر الاحتفال باليوبيل الفضي للمهرجان، وذلك شرف كبير لي أن أكون ممثلة لبلدي مصر في فاعلية بهذه الأهمية، وانتهز الفرصة، لأشكر القائمين على المهرجان وخاصة الرئيس الشاعر عبدالكريم الخالقي على هذه الدعوة الكريمة.

*من هو الشاعر علي بن غذاهم الذي يحمل اسم المهرجان؟
- أطلق اسم الشاعر الثائر على خيمة الشعر لما عرف به "علي بن محمد بن غذاهم" المولود في 1814 بحلق الوادي التابعة لولاية القصرين، وهو ينتمي لعرش أولاد مساهل من قبيلة ماجر البربرية، الذي ورث الشعر، والطب، والقضاء عن أبيه. 
أما ثورة علي بن غذاهم، هو الاسم الذي أطلق على الثورة الشعبية العارمة التي اندلعت سنة 1864 ضد نظام "محمد الصادق باي" وقد سميت على اسم قائدها "علي بن غذاهم" كان السبب المباشر لاندلاعها هو مضاعفة الدولة لضريبة الإعانة إلا أن لها جذورا أخرى أهمها تنامي النفوذ الأجنبي في البلاد. تمردت عدة قبائل في وسط وغرب البلاد وامتدت الثورة، لتشمل عدة مناطق في الساحل والجنوب. 
دامت الثورة عدّة أشهر لكن قوات الباي تمكنت في نهاية المطاف من القضاء عليها، لاذ باي المتمردين علي بن غذاهم بالفرار إلى مرتفعات غرب البلاد قبل أن يتم اعتقاله في فبراير 1866، وسمي أيضا "باي الشعب" مات بسجن حلق الوادي في 10 أكتوبر 1867.  

*على مستوى التلقي بين مهرجانين شاركتِ في مهرجان طنطا الدولي للشعر في دورته السادسة  وحدث لغط كثير حول نصوصك لدى بعض المتلقي المصري، هل حدث ما يشبه ذلك من ردود أفعال المتلقى التونسي؟
- اللغط الذي حدث كان لدى بعض المتلقين المصريين وليس المتلقي المصري بشكل عام، قام بها بعض المهتمين بتسييد أفكار الإسلام السياسي في الأوساط الثقافية بشكل انتقامي من قوة مصر الناعمة، التي قامت بإسقاط شرعية مسئول ملف الرئاسة في جماعة الإخوان "محمد مرسي" ويعود اختلاف رد فعل الجمهور التونسي لخضوع الجميع في تونس لمظلة القانون التي تحترم الحريات بشكل شبه مقدس، وتحترم المرأة بدرجة لم تحدث في أي من القوانين العربية وبعض القوانين الأوروبية، وهذا فارق كبير، حيث من قام باللغط كان لا يرى الأزمة في تجسيد الإله بل كان يرى الأزمة في تجسيده كمؤنث، ولم تكن أزمته أن الكاتب رجل بل امرأة، وهذه أزمة مصرية خالصة للأسف.
وعلى العكس تلقى المتلقي التونسي النصوص باعتبارها نصوصا إبداعية والنص محور الخلاف تم تشريحه والتفرقة بين "نسوي/ أنثوي" وهما مفردتان اختلفا توظيفهما داخل النص وتحدث البعض عن الاستخدامات اللغوية الغير شائعة والأجمل هو من اعتبر النص إنساني ونسوي بامتياز ويخلو من تشنجات الفيمينست.
وفي الأخير لا تعد الجماعات الأدبية مقياسا لأي رد فعل في الحقيقة سواء في مصر أو تونس، المجتمع لا يرانا بل ولا يعترف بنا ولا بدورنا إذا كان لنا دور، وإذا كنا نقوم به، بل بالعكس نجحت الدراما في ترسيخ مفاهيم منفرة عن المثقف وبعض المثقفين دعموها أكثر من أعدائهم.

*ما هي رسالة الشاعرة التي توجهها للمتلقي عبر أعمالها الشعرية؟
- فكرة الرسالة بشكل مطلق صعبة ومثالية بعض الشيء إنما لي مجموعة تصورات عما أقوم بفعله والأثر الذي يترتب عليه يعنيني جدا أن ألقي حجر في الماء العفن، لأخرج بعض مما فيه ولهذا مرجعية دينية بدرجة متأثرة فيها بنمط تربيتي وارتباطي بمفهوم "إعمال العقل" لا تؤحذ الأشياء على علاتها أبدا، ضرورة التفكير وإيجاد التفسيرات الشخصية والعصرية والتأكيد أن الإبداع يستطيع مناقشة أي ظاهرة وأي شيء حتى التعاليم الدينية، ولا تستطيع الأديان أو التعاليم الدينية مناقشة كل شيء مما يعطي رسالة خفية أن الأديان سلوك شخصي وعلاقة شخصية بين الفرد وإلهه، وكلما تعمق الشخص في علاقته بإلهه انعزل مجتمعيا ولا يشغل باله بتقييم إيمان الآخرين أو كفرهم، وكذلك الإبداع نفسه سلوك شخصي يؤثر في المجتمع بالتراكم ولا يسمح للمبدع بالعزلة المجتمعية وإن انعزل حاكي ولم يبدع.
أميل لاستخدام أسلوب التلميح لا التصريح في الكتابة، لأحث المتلقي على التفاعل والبحث والتواصل وأن يشاركني فعل التلقي كما شاركته فعل الكتابة وذلك بتراكمه يصنع متلقي مدرب يفكر ويتفاعل ويقبل ويرفض ويناهض عقلية التلقين والعنعنة قدر الإمكان. واعتبر نفسي محظوظة أن نجحت ولا أُنّصب لنفسي مشنقة إن فشلت، فمحاولاتي الناجحة والفاشلة لن تجعل شخص يحمل سلاحا او يفجر نفسه أو يتزوج طفلة كلها مجرد مناوشات في الروح لقبول الحياة.

*ديوان "بنات للألم" أحدث حالة من الجدل في الجماعة الإبداعية في الداخل، فهل امتدت حالة الجدل عربيا؟ ما رد فعل المتلقي العربي عن هذا الديوان؟
- أغلب ما كتبت يُثير حالة من الجدل منذ ديواني الأول "رغاوي البيرة" أو حتى نصوصي التي أحرقتها قبل أن أطبعها، وذلك لأنني لا أرى أي إبداع في الكتابة الآمنة والمقبولة والجيدة اللا مميزة ماذا سأستفيد إذا كتبت أحبك أو أكرهك كما كتبها جميع من سبقوني ما وجه الاستفادة من زيادة عدد المحاكين للنمط الإبداعي الآمن أو من آلات حفظ القرآن أو زيادة عدد العمم الأزهرية كلها منظومة واحدة، التي تخاف من الإبداع وتُثير الجدل ترسخ للمحاكاه والتلقين وزيادة نفوذ العمم ولا يخالجني شعوري بالهوس الديني وخلطه بكل ماهو حياتي، لذلك أُثير فزع المدافعين عن الدين الذي لم يقترب منه أحد بالأصل والذي أراه أنا منتهى الإساءة للأديان والآلهة ألا نثق بهما وبقدرتيهما على الدفاع عن أنفسهما ونفس الجدل عند نفس الجماعة مصريا وعربيا في محيط أقل نسبيا، لكن على قناة الأئمة السلفية الأردنية تم اهدار دمي على مرأى ومسمع من الجميع وعلى صعيد آخر تفاعل إيجابيا معي اتحادات كتاب وإذاعات عربية ومواقع وقراءات تجاوزت الـ18 قراءة منها 13 قراءة عربية أشادت بالديوان وطريقة كتابته مما دفع الشاعر والمترجم أستاذ اللغة الإنجليزية بجامعة طرابلس الدكتور "رضوان الناجي" للتعرف إلى وترجمة الديوان كاملا بل وتحمست إحدى دور النشر الليبية لطباعة الديوان بالعربية والإنجليزية .
والجدل الذي قامت قائمته أراه انتقاميا من المرأة المثقفة لدورها في إسقاط شرعية النظام الإخواني وليس الإسلامي، فالهوية الدينية لي كمبدعة لا تعني المتلقي في شيء بل لا تعني أحدا على الإطلاق إلاي، حيث لم أطرح كتابا للفقه او التفسير. وقد اختبرت قبول المتلقي العادي الخارج عن الجماعة الأدبية بكل تعقيداتها وأدوارها مع وضد السلطة لم يتم رفض النصوص بل وقفت سيدة في قصر ثقافة دمنهور قائلة: "عبرتي عن آلامنا ونحن كالنعام" وهذا مسجل صوت وصورة الحقيقة الجدل واللغط قام به من تأطرت ذهنيتهم بفكر جماعات الإسلام السياسي بل ويعملون تحت مظلتها.

*ما هي آخر مشاريعك الإبداعية التي تعملين عليها الآن؟
- أتمنى ألا يأتي أبدا آخر مشاريعي وأن أكتب إلى أن أموت وأنا أعبر عن نفسي وغيري بالكتابة بعد "بنات للألم" أتممت مجموعتي الشعرية "جسر خشبي لا يسع شخصين معا" الذي رشح لجائزة الشاعر صلاح عبدالصبور، ودخل قائمتها القصيرة ولأول مرة في تاريخ الجائزة يكون لها قائمة قصيرة مما يشي بالضغوط التي واجهها القائمون على الجائزة لعدم قبول ديواني بعد أزمة "بنات للألم" وعدم قدرتهم أيضا على تجاوزه، والآن أكتب ديواني تحت عنوان مؤقت "رسائل إلى الله" قاربت على الإنتهاء منه، كما أعكف على كتابة مجموعة من المشاهدات الإنسانية والإبداعية على إثر رحلتي إلى تونس تحت عنوان "معركة الحياه والموت".

*هل هناك شيء آخر تريدين توجيهه للقارئ؟
على كل إنسان أن يعبر عن ذاته بطريقته ويقينه بنفسه وعن نفسه والثقة في الله؛ فالله لا يحتاج مدافعين عنه. يكفي المرء أن يدافع عن نفسه من أذاه النفسي فقط ولتكن الفنون سفينة نجاة، فلن تجد مبدع يحمل قنبلة أبدا، فشكرا للكتابة التي منحتني روح مقاتل عنيد وشريف.