بدأ رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، اليوم الأحد، زيارة رسمية إلى فرنسا هي الأولى له منذ توليه رئاسة الإمارات، وذلك لبحث أهم الملفات العربية والإقليمية وآفاق التعاون والعمل المشترك في مختلف الجوانب حيث سيبحث مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في هذا الظرف الدولي والأقليمي الحرج أبرز الملفات ذات الإهتمام المشترك كما سيعززان التعاون الثنائي في مجالات طاقة المستقبل وتغير المناخ والتكنولوجيا المتقدمة، إضافة إلى تعزيز التعاون في قطاعات التعليم والثقافة والفضاء والأمن والتسليح، في ضوء تعميق الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي تجمع البلدين.
وسيبحث الزعيمان مسألة الاستمرار في محاربة الإرهاب، وتعزيز الشراكة في مجالات الأمن والدفاع والتكنلوجية وتقنيات المستقبل وزيادة الاستثمارات الإماراتية في فرنسا كذلك تعزيز التعاون في مواجهة التحديات العالمية، ولا سيما الاستجابة لأزمة الطاقة التي فرضتها الحرب الروسية حيث تعتبر الإمارات إحدى الحلول القوية لتعويض النقص في مخزون الكاقة الاستراتيجي الفرنسي وكذلك سيكون هناك تعاون في مجال تسريع تحولات المناخ.
برنامج الزيارة:
تعرض "البوابة نيوز" من قصر الاليزيه، البرنامج الكامل لزيارة الدولة لرئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى فرنسا، والذي وصل مساء، اليوم الأحد، في زيارة تستغرق ثلاثة أيام حافلة باللقاءات الهامة والأعمال، وتعتبر فرنسا الشيخ محمد بن زايد أحد أهم حلفائها الاستراتيجيين الرئيسيين في منطقة الشرق الأوسط، لذلك أعد الرئيس ماكرون له زيارة الدولة وهي أرقى الزيارات وأعلى التكريم في البروتوكول الفرنسي، وسبق أن أعدها للرئيس عبد الفتاح السيسي لأهمية مصر ودورها المحوري والاستراتيجي في الشرق الأوسط وأفريقيا.
ووصل الشيخ محمد بن زايد فرنسا في تمام الساعة 5:00 مساءً، وتم استقباله لأول مرة كرئيس دولة الإمارات العربية المتحدة من قبل برونو لومير، وزير الاقتصاد والمالية والصناعية والسيادة الرقمية، وذلك في الجناح الفخري بمطار أورلي.
وتبدأ الزيارة الرسمية، غدا الإثنين، في تمام الساعة 11:40 صباحًا - عبر حفل استقبال رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، في قصر الأنفاليد، وسيستقبله سيباستيان ليكورنو، وزير القوات المسلحة، ويتم التكريم الفرنسي بإطلاق المدافع وعزف النشيدين الإماراتي والفرنسي، وقصر الأنفاليد التاريخي يعني (معطوبي الحرب) يحتوي على مجمع من المباني يقع في الدائرة السابعة من باريس، وأمر بتأسيسه ملك فرنسا لويس الرابع عشر في الرابع والعشرين من فبراير عام 1677، من أجل استقبال معطوبي الحرب ولكن بعد سقوط الملكية أصبح رمز تكريم ضيوف فرنسا الكبار.
يحتوي القصر العسكري على متاحف ونصب تذكارية تتعلق بالتاريخ العسكري الفرنسي، فضلا عن مستشفى ودار للمتقاعدين من قدامى المحاربين، وبه أيضا متحف الجيش الفرنسي ومتحف التاريخ المعاصر، ولكنه يشتهر لمونه أيضا موقع لدفن بعض أبطال الحرب في فرنسا وأبرزهم نابليون بونابرت.
وفي تمام الساعة 12:20، سيتنقل رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ، من قصر الأنفاليد إلى قصر الإليزيه في موكب مهيب مع مرافقة كبيرة مختلطة من الحرس الجمهوري وقوات الجيش الفرنسي.
وفي تمام الساعة 12:30 سيتم الترحيب بضيف فرنسا الكبير من قبل رئيس جمهورية فرنسا إيمانويل ماكرون في قصر الإليزيه يليه غداء لشخصين حيث يلتقيان وجها لوجه.
وفي تمام الساعة 3:35 بعد الظهر - سيكون هناك ترحيب لرئيس دولة الإمارات العربية المتحدة ، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ، من قبل جيرار لارش ، رئيس مجلس الشيوخ ( الغرفة البرلمانية الصغرى)، في مقر مجلس الشيوخ، وكجزء من الزيارة، ستقام مراسم توقيع اتفاقية بين البلدين في وزارة الخارجية الساعة 6:00 مساءً.
فيما أعد الرئيس الفرنسي الساعة 8:40 مساءً - عشاء رسمي على شرف رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة ، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ، في قصر جراند تريانون بمدينة فرساي القريبة من باريس.
وفي يوم الثلاثاء في تمام الساعة 09:00 - سيتم الترحيب برئيس دولة الإمارات العربية المتحدة ، من قبل إليزابيث براون بيفيه ، رئيسة الجمعية الوطنية ( مجلس النواب- الغرفة البرلمانية الكبرى )، في مقر الجمعية.
وفي الساعة 10:30 صباحًا - ستكون هناك مراسم وضع إكليل من الزهور على قبر الجندي المجهول في قوس النصر بحضور باتريشيا ميراليس ، وزيرة الدولة لدى وزير القوات المسلحة، المسئولة عن قدامى المحاربين وإحياء الذكرى.
وفي الساعة 10:50 صباحًا - سيلتقي الشيخ محمد بن زايد بإليزابيث بورن ، رئيسة الوزراء في قصر ماتينيون ( مقر رئاسة الحكومة ).
وفي الساعة 11:50 صباحًا - المغادرة من جناح الشرف في مطار أورلي لرئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بصحبة كاثرين كولونا وزيرة أوروبا والشئون الخارجية .
تميز العلاقات الفرنسية-الإماراتية:
إن العلاقة التي تربط فرنسا ودولة الإمارات العربية المتحدة علاقة قديمة تعود إلى استقلال دولة الإمارات في ديسمبر 1971، غير أن تلك العلاقة لها أيضًا جذور أقدم؛ فبعض الشركات الفرنسية النفطية مثل "توتال" كانت موجودة قبل ذلك بكثير، تحت اسم "الشركة الفرنسية للبترول" (CFP). ولقد نسج الرئيس جيسكار ديستان منذ البداية مع مؤسس دولة الإمارات الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله، علاقات استراتيجية متينة كشفت توجهاً إماراتياً مبكراً نحو رغبة القيادة الإماراتية في إرساء قواعد لهذا التحالف . في ما يخص مجال الدفاع، فإن العلاقات الثنائية واصلت نموها ضمن إطار اتفاقية الدفاع المبرمة بين الدولتين في عام 1995والتي توجت بإنشاء القاعدة العسكرية الفرنسية عام 2009. تعتبر الإمارات من أكبر بلدان العالم التي تستورد أسلحة فرنسية ولهذا تتمتع أبوظبي بعلاقات شديدة التميز عن بقية الدول الخليجية التي تعتمد أكثر على السلاح الأمريكي والبريطاني.
التعاون العسكري وصفقات السلاح:
ترتقي العلاقات الفرنسية الإماراتية الى مستوى التحالف فالبلدان في شراكة استثنائية قوية في مختلف المجالات. تسعى فرنسا لإبرام عقود تنافسية عن بقية دول الخليج الإمارات فهي ثاني دولة لها فائض تجاري مع فرنسا بعد المملكة السعودية . أما في مجال التسلح فقد وقعت الدولتان في ديسمبر الماضي خلال زيارة الرئيس ماكرون لأبو ظبي اتفاقية لشراء سرب من مقاتلات الرافال نحو 80 طائرة مقاتلة، حسب ما أعلنت الرئاسة الفرنسية في بداية جولته الخليجية.
كما وقعت أبوظبي اتفاقية لشراء 12 طائرة مروحية من طراز "كاراكال". ورأت الرئاسة الفرنسية أن "هذا إنجاز كبير للشراكة الاستراتيجية بين البلدين" الحليفين. وتعد هذه أكبر طلبية خارجية للطائرات الفرنسية المقاتلة منذ دخولها الخدمة في عام 2004.
وعلمت "البوابة نيوز" من وزارة الدفاع الفرنسية أنه سيتم تسليم الطائرات بدءا من 2027 وفق برنامج "إف 4" وهو عبارة عن مشروع قيد التطوير قيمته نحو ملياري يورو. ومن المقرر بدء العمل به عام 2024، وتقدمه باريس على أنه "قفزة تكنولوجية وصناعية واستراتيجية". ووقع الاتفاقية الرئيس التنفيذي لشركة داسو للطيران إيريك ترابيير.
وتهدف هذه الطلبية العسكرية إلى استبدال 60 طائرة من طراز "ميراج 2000-9" التي حصلت عليها الإمارات في عام 1998. وتأتي الاتفاقية بعد عشر سنوات من مفاوضات انطلقت بدعم من الرئيس السابق نيكولا ساركوزي ثم الرئيس فرانسوا هولاند، ومنذ ذلك الحين، حققت رافال نجاحا دوليا بعد أن كانت مصر الدولة المفتاح لهذه الصفقات العسكرية الهامة رغم المنافسة من الطائرات الأمريكية والأوروبية الأخرى. ولديها الآن ستة زبائن أجانب هم إضافة إلى مصر التي تملك سربا مكونا من (30 طائرة جديدة بالإضافة إلى 24)، وقطر (36 طائرة) والهند (36) واليونان وكرواتيا.
حلت الإمارات في المرتبة الخامسة من بين الزبائن الأكثر أهمية للصناعات الدفاعية الفرنسية في الفترة بين 2011-2020، مع طلبات شراء بلغت قيمتها 4,7 مليارات يورو، بحسب تقرير تم تقديمه للبرلمان حول صادرات الأسلحة الفرنسية لكنها تبدو في مقدمة الدول في عام 2022 بعد أن ارتفعت العقود إلى أكثر من 20 مليار دولار في الشؤون العسكرية ونحو 15 مليار دولار في القطاع الاقتصادي والتجاري.
استثمارات "الطاقة" الفرنسية في الإمارات:
يأتي توقيع الإعلان المشترك بين فرنسا والإمارات بتاريخ 16 يناير 2013، بين كل من "مصدر" ووزارة البيئة والتنمية المستدامة الفرنسية بمثابة تتويج للاستثمارات الفرنسية النوعية في دولة الإمارات، وتشمل الاتفاقية الجديدة مجالات التعاون المحتملة في "إطار الإعلان" من حيث تسهيل التطوير المشترك لتقنيات جديدة مجدية تجاريًا، وتبادل الخبرات في مجال السياسات العامة والقوانين، فضلاً عن تنمية رأس المال البشري. من ناحية أخرى، يفتح "الإعلان" الباب أمام إجراء بحوث مشتركة حول مشاريع الطاقة المتجددة وتقنيات الاستدامة، مع تعزيز التعاون القائم حاليًا بشأن الأطلس العالمي للطاقة المتجددة وجاري حاليا توقيع عقود جديدة في الطاقة لسد ماتحتاجه فرنسا لتأمين أمنها الاستراتيجي من الطاقة.