نعيش في دنيا أعدت للبلاء لم يسلم منها حتى الأنبياء، فنجد حياة الإنسان دوما في مزيد من الصراعات مع غيره من البشر وتلك الصراعات وإن استمرت وأصابته في مقتل إلا أن اشدها وأكثرها فتكا بالإنسان صراعه مع نفسه، فصراعه مع الغير يجعله يقظا ومنتبها ولكن صراعه مع نفسه غير مرئى يفتك به دون وعي، فإن أعدى أعداء الإنسان هي نفسه التي بين جنبيه، فهي تقوده إلى الهلاك تدعوه لتحقيق مبتغاه دون النظر إلى كيفية الوصول إليه تحثه على الشهوات وإن خالفت أمر الله، وحقيقة الأمر أنك إن أطعت نفسك أهلكتك ولذا كان لزاما على بني الإنسان مجاهدة النفس والإمساك بزمامها والتمسك بالدين والإيمان، وأن يلجم نفسه بلجام التقوى، فجهاد المرء نفسه هو الجهاد الأكمل فإن استطعت فقد حققت نجاحا لا يضاهيه نجاح وفوزا عظيما في ميدان الجهاد، فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (المجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب) وقد كان من وصايا الصديق رَضى الله عنه للفاروق حين استخلفه: إن أول ما أحذرك نفسك التي بين جنبيك. وكان ابن القيم رحمه الله يقول: لا يسيء الظن بنفسه إلا من عرفها ومن أحسن الظن بنفسه فهو من أجهل الناس بنفسه. فلنهذب أنفسنا ولا نحسن الظن بها ونمنع أنفسنا عن الإتيان بالمعاصي ونتجنب الشبهات والمنكرات وحب الشهوات وحتى تصلح نفسك حدد أولا من تكون لتبدأ بالاصلاح وقد قرأت عن أنواع الأنفس ▪︎النفس الأمارة وهي التي تقود صاحبها للهلاك وتحثه علي المنكرات والمعاصي أعاذنا الله وإياكم ▪︎النفس اللوامة وهي النفس التي أقسم بها سبحانه في قوله: {وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ} وقيل انها التي تلوم صاحبها علي كل فعل يخالف أوامر الله وقيل ان المقصود بها المترددة التي لا تبقي علي حال ▪︎ النفس المطمئنه {الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ الله أَلَا بِذِكْرِ الله تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} وهي النفس التي تطمئن بالله جعلنا الله واياكم منهم وأهم سلاح نتسلح به هو الصبر فمن صبر على جهاد نفسه وهواه وشيطانه غلبهم وجعل له النصر والغلبة وتملك نفسه فصار عزيزًا أما من جزع ولم يصبر على مجاهدة نفسه غلبته وصار عبدًا ذليلا أسيرا فى يد شيطانه وجهاد النفس بالطاعات، فانغماسك في العبادات والطاعات والعمل يجعل النفس في حالة دائمة من الانصراف عن الرذائل لانشغالها بما هو أهم ( النفس إذا لم تشغلها بالطاعة شغلتك بالمعصية ) جهاد النفس عمل عظيم وطاعه لله يؤجر المسلم عليها من الله أجرا عظيما {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن اللَّه لمع المحسنين}. نسأل الله لنا الهداية والثبات وان يصرف عنا شتات أمرنا وييسر لنا أمورنا وأن يعيننا علي أنفسنا وأعلموا أننا سنلقى الله بقلوبنا يوم القيامة "إلا من أتى الله بقلب سليم" فما يكمن في القلب يظهر على الجوارح وقول أبو هريرة - رضي الله عنه - "القلب ملك والأعضاء جنوده فإذا طاب الملك طاب جنوده وإذا خبث خبث جنوده" فما تراه من فساد فيك وفي عباداتك وتقصيرك مع الله إنما هو خلل في قلبك وفساد في نفسك ولتستطيع الشفاء عليك أكتشاف المرض فأنظر لنفسك وقيم سلوكك وراقب تصرفاتك في السر والعلن اكتشف مرضك "تكبر - رياء - نفاق - سوء ظن بالله - بخل -شهوات-سرقة- حسد -كذب إلخ" وذلك يكون بمحاسبة النفس واختبار اقبالها على الطاعة واستماع النصيحة والنقد من الناصح الأمين وأول خطوه هي التوبة والندم على هذا التقصير فعليك بطمس كل سلوك سيئ بالنقيض (فإن كان بخلًا أكثر من الصدقة وإن كان قلة في الإخلاص فأكثر من أعمال السر وإن كان حسد فاذكر الله وامدح الناس واذكرهم وادعو لهم) و اصبر على ألم النزع فبالطبع لن يكون هين مجاهدة النفس حتي تستكين ستستثقله النفس في البداية ولكنها المجاهدة لننتقل في مراتب العبودية من الإسلام إلي الإيمان ثم الإحسان وأخيرًا الثبات والتحسين ادعو الله دائما بالثبات ولا تستكثر الطاعات بل أكثر منها سيرهقك جهاد نفسك ولكن النتيجه الفوز العظيم ألا إن سلعة الله غاليه ألا إن سلعة الله الجنة.
آراء حرة
جهاد النفس
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق