اختتم وفد من الأرشيف والمكتبة الوطنية الاماراتية جولة في أشهر المكتبات العالمية في المملكة المتحدة وسنغافورا وجمهورية مصر العربية، وذلك بهدف محاكاتها في مكتبة الإمارات الوطنية التي يجري التخطيط لإنشائها وإثراء مزاياها لتكون مرجعاً وطنياً ومركزاً ثقافياً ومعلوماتياً يحفظ تراث دولة الإمارات العربية المتحدة، ويبرز تطورها العلمي والحضاري على غرار كبرى المكتبات العالمية.
استهل الوفد برئاسة عبد الله ماجد آل علي المدير العام بالإنابة رحلته إلى كبريات المكتبات في المملكة المتحدة، بزيارة بمكتبة برمنغهام التي تعتبر أكبر مكتبة عامة في المملكة المتحدة، ولها من مكانة مرموقة على خارطة المكتبات المميزة في العالم، وهي تتألف من 41 طابق وتستقطب ثلاث ملايين زائر سنوياً، وقد اطلع الوفد فيها على أفضل الممارسات المكتبية، وعلى السياسات والاستراتيجيات، والبنية التحتية الرقمية، واستفاد من التجارب المتقدمة والآليات المتطورة والمميزة المتبعة فيها.
وتفقد الوفد في مكتبة برمنغهام مركز الطفل ومكتبة الموسيقى، ومركز الأعمال ومركز التعلّم، ومكتبة الإعارة ومكتبة المراجع، وغرفة شكسبير والمقهى الداخلي والخارجي.
وتمتاز مكتبة برمنغهام بمبناها الصديق للبيئة، وبشكله الخارجي المميز، وبقاعاته المستديرة المترابطة والمتداخلة التي توفر الضوء الطبيعي والتهوية، وبانسجام المبنى مع طابع مدينة برمنغهام الصناعي.
وقد التقى وفد الأرشيف والمكتبة الوطنية أثناء زيارته الرسمية لمكتبة برمنغهام داون بيومونت رئيسة مكتبة برمنغهام لشؤون الخدمات، وعضو مجلس مدينة برمنغهام، حيث دار اللقاء حول مزايا التصميم الهندسي المثالي للمكتبات الكبرى، وأفضل الممارسات والتطبيقات، وسبل تعزيز الحلول المكتبية، وأحدث الخدمات الرقمية في المكتبات الكبرى.
وزار الوفد أيضاً مكتبة جامعة برمنغهام وبحث مع كل من البروفيسور آدم تيكل نائب رئيس جامعة برمنغهام، والدكتور طارق على نائب رئيس الجامعة للشؤون الاستراتيجية- دور مكتبة جامعة برمنغهام في توفير مصادر المعلومات التي تفيد الباحثين، وتدعم المناهج الدراسية، وأهم المزايا والخدمات المتطورة في المكتبة والتسهيلات التي تقدمها لروادها، وتفقد الوفد أثناء زيارته مركز المخطوطات في جامعة برمنغهام للتعرف على أفضل الممارسات في ترميم وحفظ المخطوطات، واطلع على أقدم مخطوطة من القرآن الكريم ومخطوطات أخرى نادرة.
ومن جامعة برمنغهام توجّه الوفد إلى المكتبة البريطانية في لندن، -والتي تعد المكتبة الوطنية للمملكة المتحدة- وذلك للاستفادة من تجربتها فيما تقدمه من خدمات للقراء والمثقفين ولروادها بمختلف شرائحهم وانتماءاتهم؛ حيث كان في استقبالهم أعضاء المكتب التنفيذي للمكتبة، وقد تجول الوفد في قاعات القراءة، وبين المعارض التخصصية والفنية الدائمة؛ وفي ركن المخطوطات العربية والإسلامية؛ حيث اطلعوا على أساليب حفظ المقتنيات بأنواعها وعرضها، وقواعد إتاحتها، واستمعوا إلى شرح عام عن البنية التحتية الرقمية للمكتبة الكبرى، وعن آليات البحث المتاحة فيها، واطلع الوفد أيضاً على السياسات والإجراءات الخاصة بالإتاحة والإعارة، وعلى العمليات الفنية لإدارة المجموعات التي تمتلكها المكتبة من الكتب المطبوعة والرقمية وغيرها.
وتأتي أهمية المكتبة البريطانية بأسلوبها المميز في إدارة محتوياتها التي يزيد عددها على 150 مليون عنصر من المطبوعات والمخطوطات، والمواد الرقمية، والأعمال الفنية، والوسائط المتعددة بأنواعها، والدوريات والتسجيلات الصوتية، وهذه المقتنيات من مختلف أنحاء العالم، ويعود بعضها إلى ألفي عام قبل الميلاد، وتجذب هذه المكتبة أكثر من مليون زائر سنوياً، وهذه المزايا الباهرة جعلتها مع مكتبة الكونجرس الأمريكية أكبر مكتبتين في العالم.
وزار الوفد متحف "بيت ريفرز" في لندن، والذي تربطه اتفاقية حصرية بالأرشيف والمكتبة الوطنية، يستطيع بموجبها إتاحة مجموعة ويلفرد ثيسيجر "مبارك بن لندن" للباحثين الذين يرغبون باستخدامها في بحوثهم.
ومن مملكة المتحدة إلى مصر، حيث قام الوفد بزيارة مكتبة الإسكندرية، وكان في استقبالهم الدكتور شريف رياض رئيس قطاع العلاقات الخارجية والإعلام، وقد اطلع الوفد على الهيكل الإداري والتنظيمي للمكتبة، وتجول بين أروقتها، واطلع على مقتنياتها، وتفقد متحف المخطوطات والكتب النادرة، وأشاد بدورها كمنارة ثقافية وحضارية.
ومما تميزت به مكتبة الإسكندرية مكتبة الطفل، ومتحف الآثار الذي يضم آثاراً لموقع المكتبة القديم، وقطعاً أثرية تعود للحضارات البيزنطية والفرعونية، ومتحف المخطوطات الذي يضم وثائق ومجموعات نادرة من الكتب، بالإضافة إلى متحف الرئيس الراحل أنور السادات.
وأسفر اهتمام مكتبة الإسكندرية بأصحاب الهمم عن إنشاء مكتبة طه حسين التي تهتم بذوي الإعاقات البصرية؛ فتوفر لهم البرامج المكتوبة إلى مسموعة.
وتشهد مكتبة الإسكندرية على عظمة الحضارة المصرية، وعلى عراقة تاريخ مصر وثرائها الثقافي، وأن مكتبة الإسكندرية من أهم مراكز البحث عبر التاريخ.
وأشاد الوفد بمكتبة الإسكندرية -التي تأتي في عصر ثورة المعلومات وتقنيات الاتصال- كمنارة وإشعاع ثقافي، تحفظ للحضارة الإنسانية تألقها، وبأنها مشروع حضاري مصري يعيد للأذهان دور المكتبة القديم في الحفاظ على الثقافة الإنسانية، وبتجربتها المميزة في الإثراء الثقافي.
فريق آخر من الأرشيف والمكتبة الوطنية.. إلى سنغافورا
وعلى صعيد موازٍ قام وفد آخر من الأرشيف والمكتبة الوطنية بزيارة الأرشيف والمكتبة الوطنية السنغافورية؛ حيث التقى بمدير الأرشيف الوطني السيدة جوليا تشي، ونائب مدير المكتبة الوطنية السيدة جينيفر كوانغ، واطلع الوفد على استراتيجيات المكتبة والأرشيف، والمرافق والخدمات وأبرز الممارسات المتطورة، وأساليب الحفظ والإتاحة والإعارة التي يمكن الاستفادة منها في المكتبة الوطنية الإماراتية.
وتجدر الإشارة إلى أن المكتبة السنغافورية التي تم افتتاحها عام 1845م قد أنشئت لتكون داعماً وسنداً لحقل التعليم، وتضم ثروة ثقافية فريدة من بلدان وثقافات من كل أنحاء العالم، وتتضمن هذه الثروة التي تم رقمنتها صوراً وكتباً، ومخطوطات وخرائط، وتسجيلات سمعية ومجموعة أفلام.. وغيرها، وتعمل المكتبة بلا انقطاع منذ تأسيسها على تلبية متطلبات مستخدميها، ومما يميز المكتبة هو ذلك النظام الخاص بإعادة الكتب المستعارة؛ إذ لا يشترط إعادة الكتاب المستعار إلى نفس المكتبة التي تمت استعارته منها، ولكن يمكن إعادته إلى أقرب مكتبة، أو إعادته بشكل آلي عبر أجهزة إلكترونية وضعت لهذا الغرض في عدة مناطق.