اعتبرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية في عددها الصادر اليوم /الأحد/ أن الهجوم الأخير الذي شنه انتحاريون تابعون لحركة الشباب المسلحة ضد قاعدة عسكرية تستضيف قوات حفظ السلام في الصومال أنما يعكس قوة وصلابة الحركة وقدرتها على الاستمرار في شن الهجمات المميتة.
وأوضحت الصحيفة - في معرض تقرير نشرته عبر موقعها الرسمي في هذا الشأن - أن الانتحاريين فجروا ثلاث سيارات مليئة بالمتفجرات وقاموا بقصف المنشأة بنيران كثيفة وقذائف صاروخية، ما أسفر عن مقتل العشرات من قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي من بوروندي، مضيفة أن لقطات انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي أظهرت جثثا بزي عسكري متناثرة في أنحاء القاعدة.
وقال عضو البرلمان الصومالي الذي يمثل قرية الباراف، حيث كانت القاعدة صادق مختار عبد الله: "لقد تم اختطاف البورونديين وهم يجهلون... ثم قُتلوا بدم بارد... وهرب الآخرون".
ولفتت إلى أن الهجوم، الذي وقع يوم 2 مايو الماضي، أسفر عن مقتل أكثر من 50 شخصًا- وفقًا لمسئولين محليين وأفراد أمن غربيين في الصومال- ما يجعله الهجوم الأكثر دموية على مهمة حفظ السلام التي تدعمها الولايات المتحدة في مقديشو منذ ست سنوات، ويؤكد في الوقت نفسه نجاح الشباب في العودة وفرض تحديات أمنية جديدة ستواجهها القوات الأفريقية والأمريكية في احتواء الجماعة خلال الفترة القادمة.
وأشارت إلى أن الرئيس الأمريكي جو بايدن وافق -بعد أسبوعين- على إعادة نشر حوالي 450 جنديا أمريكيا في الصومال، في قرار ناقض قرار آخر أصدرته إدارة سلفه الرئيس دونالد ترامب في عام 2020 بإنهاء عمليات مكافحة الإرهاب الأمريكية في الصومال بعد أكثر من عقد، متابعة أن مسلحي الشباب يُسيطرون الآن على ما يقرب من 70 % من جنوب ووسط الصومال، وهي دولة بحجم ولاية تكساس تقريبًا، في حين أن الحكومة المركزية تحكم مقديشو وعواصم المحافظات، فإن حركة الشباب ومقاتليها البالغ عددهم 5000 إلى 7000 يشرفون على جزء كبير من الريف ويستخدمون في مناطق أخرى تكتيكات الخوف والمافيا لابتزاز المواطنين وأخذ الضرائب منهم مقابل توفير الخدمات الصحية والتعليمية والقضائية الضعيفة، في محاولة لتقويض الحكومة وبناء الولاء لهم.
وأشارت الصحيفة إلى أن هجمات الجماعة تضاعفت تقريبًا من عام 2015 إلى عام 2021 -وفقًا للبيانات التي جمعها مركز إفريقيا للدراسات الاستراتيجية في واشنطن-، مشيرة إلى أن في العام الماضي، اشتمل الكثير من أعمال العنف على مواجهات مع قوات الأمن وإذا استمرت الوتيرة الحالية حتى شهر ديسمبر، فستزداد الهجمات بنسبة 71 % بشكل عام في عام واحد فقط.
وأوضحت أن هذه الزيادة تزامنت مع اجتياح مميت للعنف في جميع أنحاء إفريقيا من قبل الجماعات المتشددة المرتبطة بتنظيمي "القاعدة" و"داعش" الإرهابيين، فكلاهما يسعيان إلى إحياء ثرواتهما في القارة السمراء بعد سقوط الخلافة المعلنة من جانب الأخير في العراق وسوريا وإضعاف تنظيم القاعدة في اليمن وأفغانستان، فيما شكلت حركة الشباب، أكثر من ثلث جميع الهجمات الإسلامية في إفريقيا في عام 2021.
ومن جانبها، قالت المديرة التنفيذية لمعهد حِرال- وهو مركز أبحاث يركز على الصومال والقرن الأفريقي- سميرة قايد، في تصريحات خاصة للصحيفة: "لقد رأينا توسعًا للشباب في الأراضي التي يحكموها، وأصبحنا نراهم أكثر جرأة"...
وبدوره، قال الجنرال ستيفن جيه تاونسند رئيس القيادة الأمريكية في أفريقيا داخل وزارة الدفاع "البنتاجون"، في فبراير الماضي خلال زيارة إلى مقديشو:" تظل حركة الشباب أكبر وأغنى فرع للقاعدة وأكثرها دموية، وهي مسئولة عن مقتل آلاف الأبرياء، بمن فيهم أمريكيون في مقديشو".
فيما قالت مجموعة الأزمات الدولية- وهي مؤسسة بحثية مقرها بروكسل، في تقرير لها نشرته الشهر الماضي-: "تمرد حركة الشباب الفتاك مستمر بلا نهاية تلوح في الأفق"،مضيفة: "تبقى المجموعة على الدوام متقدمة بخطوة على العمليات العسكرية المحلية والإقليمية. وإلى جانب الخلل الوظيفي والانقسام بين خصومهم، سمحت خفة الحركة للمسلحين بالاندماج في المجتمع الصومالي، ما يُصعب من مهمة الحاق الهزيمة بهم".