ذكرت صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية أن "صبر السريلانكيين في النهاية نفد"، مشيرة إلى أنه بعد أشهر من نقص الغاز والكهرباء، وبعد ساعات طويلة من الانتظار أمام محطات الوقود للحصول على بضعة لترات من البنزين، ترك السكان سأمهم ينفجر.
وأشارت الصحيفة - في مقال حول الوضع في سريلانكا - إلى "اقتحام مئات الآلاف من الرجال والنساء والأطفال يوم السبت القصر الرئاسي.. وحاولت قوات الأمن القبض عليهم بالغاز المسيل للدموع والهراوات. وسمع دوى بضع الطلقات. ولكن ليس لفترة طويلة. وتخلت قوات الشرطة والجنود عن الرئيس جوتابايا راجاباكسا، الذي ظل المتظاهرون يطالبون باستقالته منذ أكثر من ثلاثة أشهر".
وأضافت أن "الحشد استولى على القصر في طريقة للتخلص من التوتر في الأشهر القليلة الماضية؛ فقد استنفد البنك المركزي احتياطياته من النقد الأجنبي في بداية العام. لم تعد الجزيرة قادرة على استيراد الوقود والغاز والأدوية وبعض المواد الغذائية الأساسية. وتسببت الأزمة في شلل الاقتصاد وانهيار مستوى المعيشة. وفي العاصمة كولومبو، لم يعد المواطنون يتحركون سوى بالدراجات فقط".
وتابعت الصحيفة "تعرض منزل رئيس الوزراء هو الآخر لاقتحام. وأشعل المتظاهرون النار فيه يوم السبت، معربين عن غضبهم من السلطات التي لا تتأثر بمعاناتهم في رأيهم. وقال بيريندرا، الطالب في العشرينات من عمره الذي انضم إلى الحركة المناهضة لجوتابايا في مهدها "لم يظهر الرئيس سوى القسوة واللامبالاة بينما يأكل الكثير من الناس وجبة واحدة في اليوم. خلال الجلسة البرلمانية الأخيرة، كان يضحك مع رئيس الوزراء".
وأوضحت أن "المد البشري الذي اجتاح القصر الرئاسي ورئيس الوزراء جاء من المناطق الجنوبية والوسطى. وصعد المحتجون على متن الحافلات والقطارات التي لا تزال تعمل، وانضموا إلى المتظاهرين الذين احتلوا شوارع العاصمة".
ولفتت صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية إلى أن "هذا الحشد الذي لا يمكن التنبؤ به يرعب الطبقة السياسية في سريلانكا الآن. يقال إن الرئيس جوتابايا راجاباكسا قد هرب على متن فرقاطة بحرية سريلانكية تبحر قبالة ميناء هامبانتوتا، بالقرب من الساحل الجنوبي. يرى الكثير من السياسيين أن الموقف السياسي على الأرض يتغير بسرعة من تحت أقدامهم. أُحرقت منازل البعض خلال أعمال العنف في 9 مايو. إنهم خائفون، لأن الجيش والشرطة لم يعودوا يحمونهم" كما لاحظ مراقب أجنبي".
وذكرت أن "البلاد لم تسقط في الفوضى. ولم تحدث عمليات نهب. على الرغم من أحداث السبت، كانت معظم شوارع العاصمة هادئة في نهاية هذا الأسبوع. ولكن إلى متى يستمر ذلك؟".
وأضافت الصحيفة أن "الاستيلاء على القصر الرئاسي يمثل، إلى جانب استقالة شقيق جوتابايا، ماهيندا راجاباكسا، من منصب رئيس الوزراء في 9 مايو، نهاية عهد ونقطة تحول في التاريخ الوطني. فقد حكم الاثنان سريلانكا لأكثر من ثلاثة عشر عامًا منذ العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. وحذر شهار أنيز، المحرر في موقع /إيكونومي نيكست/ الإخباري الاقتصادي ومقره كولومبو (لم يعد بإمكان الرئيس أن يحافظ على بقائه في المنصب. وإلا فستكون هناك أعمال شغب) في البلاد".
وأوضحت أنه "نتيجة لذلك، دخلت الجزيرة في مرحلة من عدم اليقين السياسي. أبلغ جوتابايا راجاباكسا رئيس البرلمان أنه سيتنحى في 13 يوليو. ووعد رئيس الوزراء رانيل ويكرمسينج بفعل الشيء نفسه: "لقد قبلت توصية قادة الحزب بإفساح المجال أمام حكومة وحدة وطنية. وقال في حسابه على تويتر يوم السبت "سأستقيل".
وتابعت الصحيفة أنه "بما أن الجيش لم يعرب في الوقت الحالي عن نيته الاستيلاء على السلطة، فإن الأمر متروك لرئيس البرلمان لتولي منصب الرئيس المؤقت للسلطة التنفيذية. وفقًا للدستور، أمامه ثلاثون يومًا لإجراء انتخابات تشريعية بحيث ينتخب النواب رئيسًا جديدًا للدولة والاتفاق على ائتلاف. سوف يتطلب استرضاء الرأي العام المزيد".
وأردفت الصحيفة "يطالب المحتجون بأكثر من استقالة الرئيس. إنهم يريدون إصلاحًا شاملًا للمؤسسات: إلغاء النظام الرئاسي، وإعطاء المزيد من الصلاحيات للبرلمان، وإنشاء آليات رقابية للقضاء على الفساد واختلاس الأموال العامة. وقال بيريندرا، الطالب في العشرينات من عمره الذي انضم إلى الحركة المناهضة لجوتابايا في مهدها"وعد جوتابايا راجاباكسا ليس انتصارًا بالنسبة لي. سأصدقه عندما يرحل. سنشعر بالرضا عندما يلغى النظام الرئاسي. نحن بحاجة إلى انتخابات عامة لتجديد الطبقة السياسية".
وأشارت إلى أن "الوحدة الوطنية التي نشأت حول ما يسمى بحركة /جوتا عد إلى منزلك/ لا تزال غير مكتملة. لم تنس الأقلية التاميلية الجرائم التي ارتكبها جيش الأغلبية السنهالية في نهاية الحرب ضد حركة استقلال نمور التاميل في عام 2009".
وبيّنت الصحيفة أنه "لا يزال الجيش يحتل مناطق التاميل. وحذرت صحيفة "تاميل جارديان" التي تنشر على الإنترنت في افتتاحيتها قائلة "يتوقع الكثيرون بزوغ فجر جديد. (...) لكن لدى التاميل في الشمال الشرقي سبب وجيه للشك. من بين المطالب التي قدمتها المنظمات الستين التي تناضل من أجل رحيل جوتابايا راجاباكسا، لم يذكر أحد تجريد مناطق التاميل من السلاح، والمطالبة بالعدالة واللامركزية. إن استبدال زعيم هذه الدولة الإثنوقراطية المتعفنة بآخر من نفس النوع لن يحدث أي تغيير".