سلطت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية في عددها الصادر اليوم /الإثنين/ الضوء على أخر التطورات السياسية في سريلانكا، التي تمر حاليًا بأسوء أزمة اقتصادية وسياسية منذ عقود طويلة دفعت الرئيس جوتابايا راجاباكسا ورئيس وزراءه لإعلان التنحي عن السلطة..مؤكدة بأنه بالرغم من ذلك، لا تزال الفوضى هي السائدة في البلاد.
وأوضحت الصحيفة (في سياق تقرير نشرته عبر موقعها الرسمي في هذا الملف) أن الرئيس راجاباكسا أعلن صباح اليوم عزمه على التنحي تمامًا عن السلطة بعد يوم غد الأربعاء، لكن المتظاهرون لا يزالون يحتلون المقر الرئاسي ويتنزهون داخل حدائق القصر وبناياته..وقال مكتب الرئيس إن القرار نُقل إلى رئيس الوزراء، وذلك بعد أيام من تدفق عشرات الآلاف من الناس إلى شوارع كولومبو للمطالبة بإسقاط راجاباكسا بسبب السياسات الاقتصادية الكارثية التي دفعت البلاد إلى الانهيار.
وقال نوان بوبيجي، وهو متطوع مرتبط بحركة الاحتجاج، لصحيفة واشنطن بوست إن المحتجين سيحتلون منازل الرئيس ورئيس الوزراء حتى يستقيلوا رسميًا. وكانت الحشود الغاضبة اقتحمت يوم أمس الأول المقر الرئاسي والمكتب واحتفلت بفوزها بالغطس في حمام السباحة والاستلقاء على سرير راجاباكسا. وبحلول الليل، أبلغ راجاباكسا قراره بالاستقالة إلى رئيس البرلمان وهرب من قصره ولا يزال مكانه مجهولًا. وبدوره، عرض رئيس الوزراء رانيل ويكرمسينج الاستقالة لتهدئة الاضطرابات المتزايدة، لكن عرضه لم يُرض المحتجين الغاضبين الذين أشعلوا النار في منزله.
تعليقًا على ذلك، اعتبرت الصحيفة أن قرارات الاستقالة كانت بمثابة فوز كبير للمتظاهرين، لكنها أغرقت الدولة التي تقع في جنوب آسيا في اضطراب سياسي تلاشت معه ملامح المستقبل، فيما قال فيزر مصطفى، وهو عضو في حزب معارض كان متحالفًا مع راجاباكسا سابقًا:" لقد كان رئيسًا فاشلًا وحكومة فاشلة". وأضاف: أن الشعب الذي طالت معاناته سيطر على البلاد وبات متحكمًا في مصيره.
وأكد هاريني أماراسوريا، عضو المعارضة في البرلمان، أن بلاده تعيش "لحظة تاريخية، حيث أنهى نضال المواطنين الحقيقي حكم حكومة غير شعبية وغير جديرة بالثقة" /بحسب قوله/. وفي اجتماع لجميع الأحزاب عُقد قبل ساعات، قرر المشرعون تشكيل حكومة مؤقتة حتى يمكن إجراء الانتخابات ولا تزال المناقشات جارية لتعيين رئيس للوزراء قبل استقالة الرئيس يوم الاربعاء.
وأعادت الصحيفة الأمريكية إلى الأذهان تصريح آلان كينان، المحلل في مجموعة الأزمات الدولية، لها في ابريل الماضي بأن "سريلانكا ستعاني من أزمة طاحنة حتى لو لم تكن هناك حرب في أوكرانيا، مع ذلك تسببت الأزمة الأوكرانية في تفاقم جميع أزمات سريلانكا، ما تجلى في نقص الوقود والمواد الغذائية الأساسية، وحتى لو تمكنت الدولة من صياغة خطة إنقاذ، فانها سوف تشتري طعامًا أقل ووقودًا أقل وأدوية أقل"!.
وقالت الصحيفة: حتى في الوقت الذي تحاول فيه المعارضة بناء إجماع حول الخطوات السياسية التالية، يظل الوضع متقلبًا وخطيرًا لاسيما مع نفاد صبر الناس وعدم توافر حلول سريعة لأزماتهم المعيشية. وامتد الغضب من الضائقة الاقتصادية القائمة منذ فترة طويلة بقوة أكبر وشهدت الأسابيع الأخيرة نقصًا حادًا في الوقود وانقطاعًا مطولًا للتيار الكهربائي وارتفاعًا هائلًا في أسعار المواد الغذائية بنحو أُجبرت معه السلطات على إغلاق المدارس والمكاتب ومطالبة موظفي الحكومة بأخذ اجازة لزراعة الطعام في الساحات الخلفية لمنازلهم.