أكدت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، في عددها الصادر، اليوم/ الأحد/، أن مع اقتراب الأزمة الأوكرانية الراهنة من شهرها الخامس، بدا وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين متمسكًا بموقفه تجاه روسيا، والذي يتمحور حول "تجنب الحوار".
وذكرت الصحيفة - في مستهل تقرير نشرته، عبر موقعها الرسمي- أن بلينكين لم يعقد أي اجتماع أو مكالمة هاتفية مع مسئول روسي كبير طوال فترة الصراع، وهي ذات الاستراتيجية التي تابعها خلال اجتماعات وزراء خارجية مجموعة العشرين الكبرى التي انعقدت خلال عطلة نهاية الأسبوع في إندونيسيا، حيث كان نظيره الروسي سيرجي لافروف، متواجدًا أحيانًا في نفس الغرفة معه.
وقال بلينكين للصحفيين - في مؤتمر عقده، إن المشكلة تظل كما هي.. وحتى الآن لا نرى أي مؤشرات على الإطلاق حول استعداد روسيا للانخراط في دبلوماسية ذات مغزى.
وتعليقًا على ذلك، قال بعض الدبلوماسيين الأمريكيين المخضرمين- في تصريحات خاصة لـ "واشنطن بوست": إن الافتقار إلى قنوات الاتصال مع روسيا يعد خطأ فادحا بالنظر إلى مجموعة المصالح الواسعة للولايات المتحدة المرتبطة بموسكو، كما أن الحرب في أوكرانيا تسببت في مقتل عشرات الآلاف من المواطنين ودفعت أسعار الغذاء والطاقة العالمية للارتفاع علاوة على تصعيد التوترات العسكرية بين روسيا وحلف شمال الأطلسي "الناتو" إلى آفاق جديدة، ووسط ذلك، تسعى الولايات المتحدة أيضًا إلى عودة المعتقلين الأمريكيين البارزين من روسيا، بمن فيهم نجمة كرة السلة الأمريكية بريتني جرينير والمحارب المخضرم بول ويلان.
وقال توم شانون، مسئول كبير سابق في وزارة الخارجية يتمتع بخبرة حكومية تمتد لثلاثة عقود: "تتمثل الخطوة الأولى في فتح قنوات اتصال، حيث يمكنك قياس ما يبحث عنه خصمك، كما إنك لن تعرف الحقيقة ما لم تحاول".
وأضاف أن "التحولات في زخم الحرب يمكن أن تفتح فرصًا دبلوماسية. والولايات المتحدة بحاجة إلى اختبار شهية روسيا للخروج من المنحدر مع تطور الصراع. لقد فرَّ الروس عندما كانوا في شمال أوكرانيا ويسعون إلى الاستيلاء على كييف وكانوا يعانون من خسائر فادحة. ومنذ ذلك الحين، قاموا بتصحيح هذا الوضع ونقل القتال إلى الشرق والقتال إلى حد كبير من خلال المدفعية".
وقدم الدبلوماسيون عدة أسباب لعدم الحوار، بما في ذلك القلق من أنه قد يُنظر إلى ذلك على أنه غير مناسب لأن الكرملين مازال منخرطًا في عمليات وحشية، والشك في أن المحاولات الفاشلة لدول أخرى، مثل فرنسا وتركيا وإسرائيل، لإشراك موسكو سوف تتكرر مرة أخرى دون أي جدوى. وفي هذا، قال بلينكين: "انخرطت عدد من الدول الأخرى مع روسيا في الأشهر الأخيرة وأبلغوا عن نفس الشيء: لا يوجد مؤشر على أن روسيا مستعدة للانخراط في الدبلوماسية". مع ذلك، اعتبر نقاد بأن الاجتماعات بين المسئولين الروس والحلفاء الأجانب مقارنة ضعيفة!.
وقال جيريمي شابيرو، الباحث في شئون أوروبا والمسئول السابق في إدارة الرئيس الأسبق أوباما: "إذا لم تكن الولايات المتحدة حاضرة، فإن ما يحدث لا يعد محادثة جادة في أذهان الروس. ولا ينبغي أن يكون ذلك مفاجأة، فالولايات المتحدة تقدم الغالبية العظمى من المساعدة لأوكرانيا وهي زعيمة التحالف الغربي".
وأضاف: إن هذه نقطة مهمة، فوظيفة وزير الخارجية هي التحدث إلى الأصدقاء والأعداء لمعرفة ما يمكن فعله من خلال التفاوض".
وتابع: "صحيح أن لافروف ليس صانع قرار لكنه قناة تعكس بأمانة موقف الكرملين. وأنت لن تقابل لافروف لإبرام صفقة، لكن إذا كنت تريد أن تفهم مكان وجود الروس أو ترسل رسالة سرية إلى بوتين، فهو الرجل المناسب لك".
وجادل بعض الدبلوماسيين الأمريكيين بأن "الضعف النسبي للافروف داخل النظام الروسي يجعله شريكًا مفاوضًا غير منطقي"، لكن المدافعين عن ضرورة الحوار يقولون إنهم يفتقدون الغرض من المحادثات.
جدير بالذكر أن بلينكين لم يتحدث مع لافروف، منذ يناير، واختار عدم مقابلته في منتجع بالي على هامش اجتماعات العشرين، على الرغم من قربهما المادي وتجلى هذا التجنب عندما حثت مضيفة مجموعة العشرين زملائها الدبلوماسيين على بدء محادثات لإيجاد حل للصراع.