كانت تجلس في وقار وهدوء، ويبدو على أساريرها التفكير العميق، سيدة عربية في عقدها الخمسين أو الستين، عندما اقتربت مني سائلة عن ثمة شئ داخل مطار القاهرة، فتجاذبنا الحديث وعلمت أنها من ليبيا الشقيق، فتمنيت لها الاستقرار لبلدها ولكنها قالت بكلمات مليئة باليأس أنها لا تري موعدًا محددًا للانتخابات بل أنها تخشى ألا ترى تلك الانتخابات الضوء، حينها أدركت - حقًا – أن مصر قطعت كثير من السنوات الضوئية!
ففي وسط إقليم يخيم عليه اليأس ويموج بالتوترات ومصر تتحدث عن نقطة عبور إلى الجمهورية الجديدة !، ولكن كيف صنعت مصر ذلك وكيف سيكون شكل الجمهورية الجديدة؟
لابد أن ملامح تلك الجمهورية ستعكس الجهود التي بُذلت في الدولة المصرية في العقد الأخير، ملامح تلك الجمهورية ستسهم بالتسويق للدولة وبإنجازات الدولة المصرية سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي، فتسويق الدولة المصرية لنفسها في الخارج هو جذب مزيد من الاستثمارات والريادة وتسويقها لذاتها داخليا هو سيادة ونقطة نظام، ولنا أن نتحدث عن الإعلام بمفهومه الجديد كما وجه السيد الرئيس، أن يكون شاملا ويتناول الصورة الكاملة الحقيقة دون اجتزاء موقف من السياق العام أو المزاج العام للدولة مما قد يبعث برسائل خاطئة للمواطن المصري أو يكون مضللا بعض الشئ، يأتي ملمح هام في المقام الثالث ؛ إلا وهو بناء الشخصية المصرية، فالمورد البشرى هو أهم عنصر في الجمهورية الجديدة، تلك الشخصية الفريدة التي تكونت عبر حقب زمنية مختلفة بركائز ثقافية ودينية كثيرة.
أما الملمح الرابع وهو امتلاك تلك الجمهورية الجديدة، آلية حوار يُفرز عن الحوار الوطني، فتمتلك الدولة المصرية أعظم وأقوى سلاح مستدام لا يصدأ ولا ينفذ ألا وهو كيفية التحاور بين كافة أطياف الشعب تجاه التحديات والمتغيرات العالمية.
توطين الصناعات والزراعة والتوجه نحو الاكتفاء الذاتي والسير بالتوازي في كل ذلك هو ملمح خامس مهم من ملامح الجمهورية الجديدة، ففي ظل عالم مضطرب وعلى صفيح ساخن، لن تنجو دولة إلا بامتلاك قوتها واستقلال قرارها وهو ما رأيناه في ظل نقص سلاسل وموارد الإمداد عقب الصراع الروسي الاوكرانى.
أما عن الملمح السادس وهو الذي يحمل في طياته نظرة مستقبلية تجاه التحدي القادم، ربما في شكل مركز دراسات إستراتيجية أو ذكاء اصطناعي، يستطيع التنبؤ بالكوارث الطبيعية والبيئية والبيولوجية والجائحة القادمة أمّا تهديد صحي أو بيئي أو حتى إلكتروني.
لا يمكن أن نعبر إلى الجمهورية الجديدة دون النظر إلى الخلف، وتقدير وتثمين كل المجهودات التي قامت بها الدولة لنعبر من هناك إلى الجمهورية الجديدة وهو الملمح السابع، حتى وان احتفظنا بكل ما يذكرنا ويذكر الأجيال القادمة بالفترة التي سبقت الجمهورية الجديدة في متٌحف يحكى الرواية المصرية التي يشهد عنها التاريخ.