يعد المخرج المسرحي والسينمائي البريطاني بيتر بروك، الذي رحل عن عالمنا مساء، أمس الأحد، عن عمر ناهز 97 عاما، أحد أهم فناني المسرح العالمي المعاصر، وأكثرهم حضورا وتأثيرا كبيرا.
أخرج "بروك" العديد من المسرحيات العالمية، والأوبريتات، وأفلام السينما، بالإضافة إلى تصميم المناظر ووضع موسيقى بعض عروضه المسرحية، فكانت مسرحيته الأولى بعنوان "خاب سعي العشاق" الذي أخرجها عام 1964، حتى أتبعها بعدد كبير من المسرحيات لكبار كتّاب المسرح العالمي، الذي من بينهم: "شكسبير، وسينيكا، وتشيكوف، وأنوي، وميللر، وسارتر، وأليوت، وآردون، وبيتر فايس، وزدرينمات... وغيرهم.
أسس "بروك" المركز الدولي لأبحاث المسرح في باريس عام 1970، وكون خلاله فريقا من الممثلين من مختلف الجنسيات والثقافات المنوعة، وكان معهم على ارتحال دائم يقدمون عروضهم المسرحية في إفريقيا، وأستراليا، وأماكن أخرى في أوروبا، وآسيا، وأمريكا، فقدم مجموعة متنوعة من العروض المسرحية المثيرة في المسرح المعاصر من بينها: "أورجاست" في عام 1971، و"الأيك" في العامين 1975، 1976، و"اجتماع الطير" في العام 1979، و"المهابهاراتا" عن الملحمة الهندية العظمى، في العام 1987 وغيرها.
يُشير بروك، إلى أن القوة الدافعة للمسرح الكلاسيكي والتجاري ظلت لمئات السنين على السواء هي أحداث أثر في الجمهور، وجاء رد فعل المسرح التجريبي اليوم كي يمضي لأقصى النقيض، من أجل أن تظل الآلة المسرحية دائرة بكفاءة، وأن العلاقة بالجمهور هي السيور التي تربط أجزاء الآلة معا، فحين تصبح كل جوانب الثقافة مواجهة بالتحدي، فإن تلك الأحداث حتى وأن كانت على مستوى محدود تعيد الينا الإحساس بأن المسرح يمكن أن يصبح مفيدا بل وضروريا.
أخرج "بروك" العديد من الأفلام السينمائية عن مسرحيات سبق إخراجها قبل ذلك للمسرح، وكان لكل منها تجربة إخراجية مختلفة، فقد حاول "بروك" أحيانا استخدام المعرفة بالموضوع التي توفرت له في المسرح، وذلك لإعادة تكوينها للسينما بوسائل مختلفة، فعلي سبيل المثال فقد صور "الملك لير" بعد ما يقرب من ثماني سنوات من إخراجها للمسرح، فكان التحدي هو إعداد الفيلم دون التعليق بأي صورة من صور صياغتها المسرحية، ويشير المترجم فاروق عبدالقادر في كتابه "النقطة التحولة.. أربعون عاما في استكشاف المسرح" لبيتر بروك، إلى رئيس الفنانين المتحدين ديفيد بيكر أنه قدم ميزانية متواضعة بـ250 ألف دولار إلى المخرج الإنجليزي ميشيل بريكت، وبيتر بروك لإعداد فيلم "مارا – صاد" بحرية كاملة في المدة المحددة له 15 عاما، وكان هذا تحديا كبيرا، مما يجعل التجربتين مختلفتين كل الاختلاف، فإن حقيقية الصورة هي ما تعطي للفيلم قوته وتضع له حدوده الخاصة، ثم وقع "بروك" في فكرة إخراج رواية "موديراتو كانتابيل" لمارجريت دورا للسينما، وكذلك فيلم "أحك لي الأكاذيب" وهو عن مسرحية "يو – إس" لفرقة الرويال شكسبير، ثم فيلم "اجتماعات مع رجال مرموقين"، وغيرها.
ثقافة
بيتر بروك.. النقطة المتحولة في المسرح العالمي المعاصر
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق