قال الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، إن الإسلام يعني الاستسلام والخضوع والانقياد المطلق لله عز وجل ، فالمسلم الحقيقي هو من أسلم وجهه وأمره كله لله رب العالمين.
وتابع وزير الأوقاف حديثه عبر حسابه الشخصي على موقع فيسبوك قائًلا: غير أن قضية التسليم المطلق في حياة المسلم وعقيدته وقناعاته تبلغ أوجها وذروة سنامها في مناسك وشعائر الحج، فمذ أسلم الخليل إبراهيم (عليه السلام) وجهه لله وتل ابنه للجبين: " قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ، وَنَادَيْنَاهُ أَن يَا إِبْرَاهِيمُ ، قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ".
وقال "جمعة"، إنه حين نادته هاجر (عليها السلام) عندما تركها وولدها إسماعيل (عليه السلام) عند البيت الحرام بوادٍ غير ذي زرع آنذاك ، ونادته يا إبراهيم : آلله أمرك بهذا ؟ فأجابها بأنه أمر الله ، فقالت وباطمئنان شديد : " إذن لا يضيعنا ".
وأردف: وعندما يؤدي الحاج نسكه : طوافًا ، وسعيًا ، ورميًا ، ووقوفًا بعـرفـة ، ومبيتًا بمنى ، ومزدلفة ، ونحرًا ، وحلقًا أو تقصيرًا ، فقد يقف على بعض حكم هذه المناسك وقد لا يقف، لكن يبقى معنى التسليم المطلق لله أمرًا محوريًّا ومفصليًّا في حِكَمِ الحج وأسراره ومراميه .
ومن يعيش تلك المعاني السامية أو يؤديها بحق وصدق فإنها تكون حاكمة لحركة حياته كلها ، فيعيش بكل كيانه فاهمًا أن الأمر كله لله تعالى ، حيث يقول سبحانه: " مَّا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلاَ مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ " ، ويقول سبحانه : (وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ) ، ويقول سبحانه : " قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ " ، فيعيش من يستمسك بالإيمان بالله ويحسن تفويض الأمر له - في ذل وانكسار لله ربِّ العالمين - عيشة راضية قوامها الرضا والتسليم والإيمان الراسخ الذي يمنح صاحبه القوة والصلابة في الحق وعميق الرضا بالقضاء والقدر ، فينال جزاء الشاكرين في النعماء والسراء ، وجزاء الصابرين في البأساء والضراء، وهذا هو حال المؤمن كما حدثنا عنه نبينا الكريم (صلى الله عليه وسلم) .
واختتم وزير الأوقاف حديثة قائًلا: على أن التسليم المطلق لله الذي نتحدث عنه لا يتنافى أبدًا مع الأخذ بالأسباب ، إنما يكون داعمًا ودافعًا للأخذ بها ، وهذا هو صحيح التوكل على الله (عز وجل).