تفاقمت أزمة الجفاف في منطقة القرن الأفريقي، وبلغت مستويات غير مسبوقة، وأدت إلى آثار سلبية مروعة مع اقتراب الموسم الخامس من الجفاف في المنطقة التي يعاني فيها ملايين الأشخاص من آثار التغيرات المناخية، إلى جانب انعكاسات الحرب الأوكرانية التي جاوزت شهرها الخامس.
تعاني الشعوب في شرق أفريقيا خاصة الصومال وإثيوبيا وكينيا معاناة شديدة، وكشف تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسيف»، عن إقبال الأسر والعائلات على تزويج الأطفال للمساعدة في مواجهة أزمة الجفاف.
وقال التقرير الأممي إن فتيات لا تتجاوز أعمارهن 12 عاما أجبرن على الزواج وتشويه أعضائهن التناسلية، والأمر تزايد بمعدلات مقلقة، بسبب موجة الجفاف الأشد منذ أربعين عاما، والتي تدفع الأسر إلى حافة الهاوية، ففي بعض المناطق الإثيوبية الأكثر تضررا من الجفاف، تضاعف معدل زواج الأطفال، وأضاف التقرير أن الأطفال في كينيا والصومال وإثيوبيا أصبحوا أكثر عرضة لخطر التسرب من المدرسة، وترك أعدادا كبيرة من المراهقات في خطر أكبر.
وفقًا لشبكة الإنذار المبكر بالمجاعة، تقوم أعداد متزايدة من الآباء في الصومال بتزويج الفتيات لتأمين المهور للمساعدة في إعالة بقية الأسرة، أو على القل إطعام فم واحد، أو في محاولة لمساعدة العروس على دخول منزل ميسور الحال.
وأكد تقرير «اليونيسيف» أن العائلات في جميع أنحاء القرن الأفريقي، تواجه خيارات يائسة للبقاء على قيد الحياة مع اشتداد موجة الجفاف، الذي يعد انعكاسا مباشرا للتغيرات المناخية، إلى جانب ندرة مصادر المياه ومقتل الماشية، ناهيك عن تأثير الحرب في أوكرانيا الذي يؤدي إلى تفاقم أسعار الغذاء والوقود بشكل متصاعد.
وتابع تقرير المنظمة الأممية أن هناك أكثر من 1.8 مليون طفل في حاجة ماسة إلى العلاج من سوء التغذية الحاد الشديد الذي يهدد الحياة في المنطقة، ويُعتقد الآن أن 213 ألف شخص معرضون لخطر المجاعة في الصومال.
ويقول آندي بروكس، مستشار اليونيسف الإقليمي لحماية الأطفال شرق وجنوب أفريقيا، إن زواج الأطفال وتشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية يتسبب في إخراج الفتيات من المدرسة وتركهن أكثر عرضة للعنف المنزلي والفقر مدى الحياة، والأرقام التي لدينا لا توضح حجم المشكلة فهناك مساحات شاسعة من القرن الأفريقي ليس بها مرافق متخصصة حيث يمكن الإبلاغ عن الحالات فهذه أزمة أطفال، ونحن بحاجة ماسة إلى مزيد من التمويل لتوسيع نطاق استجابتنا في إثيوبيا وكينيا والصومال - ليس فقط لإنقاذ الأرواح على المدى القصير ولكن لحمايتهم على المدى الطويل.
وأشار التقرير إلى أنه في إثيوبيا، أكدت مصادر حكومية، زيادة نسبة زواج الأطفال بمتوسط 119% عبر المناطق الأكثر تضررًا من الجفاف وهي المنطقة الصومالية وولاية أوروميا في مقارنة بين يناير وأبريل 2021 والفترة نفسها من عام 2022، وفي نفس الإطار الزمني، زادت حالات تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية في جنوب البلاد بنسبة 27% بسبب تأثير الجفاف، وتدفع الأزمة أيضا الناس إلى ترك منازلهم، بما في ذلك الأخصائيون المجتمعيون والاجتماعيون الذين كانوا يدعمون الأسر لحماية الفتيات من زواج الأطفال وتشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية.
وفي تقييم أجري في أرض الصومال في يناير الماضي، أفاد ما يقرب من ربع الأشخاص الذين تمت مقابلتهم عن ارتفاع في العنف القائم على النوع الاجتماعي بسبب الجفاف، بما في ذلك زواج الأطفال والعنف المنزلي والعنف الجنسي، ووجد تقييم آخر للاحتياجات الإنسانية في منطقة بونتلاند في فبراير الماضى أن زواج الأطفال يمثل 59% من الحالات المبلغ عنها لمقدمي الخدمات.
وفي كينيا، تواجه الفتيات أيضا مخاطر أكبر من زواج الأطفال وتشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية في 14 من منطقة من أصل 23 هي الأكثر تضررا من الجفاف، وهي بالفعل مناطق ساخنة لتشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية، مع معدلات انتشار تصل إلى 98%، والفتيات في هذه المناطق معرضات الآن لخطر الختان في سن مبكرة، حيث تقوم العائلات بإعدادهن للزواج، وهناك أيضا تقارير عن فتيات يعشن في المناطق الحدودية يتم نقلهن إلى البلدان المجاورة من أجل الزواج من رجال أكبر سنا في البلدان المجاورة.
وأوضح التقرير أنه في جميع أنحاء المنطقة، تضطر النساء والفتيات في المناطق المتضررة من الجفاف إلى قطع مسافات أطول للوصول إلى المياه والموارد الأساسية الأخرى، مما يجعلهن عرضة للعنف الجنسي، ففي كينيا، تمشي النساء والفتيات أكثر من ثلاث مرات أطول من ذي قبل، حتى 30 كم في بعض المواقع، وفقًا لتحليل أجراه الصليب الأحمر الكيني.
وتسببت ندرة الأمطار للموسم الرابع على التوالي في تفاقم المجاعة في أنحاء القرن الأفريقي وتشير التوقعات إلى احتمال فشل موسم الأمطار الخامس من أكتوبر إلى ديسمبر، وتؤدي الحرب في أوكرانيا إلى تفاقم الأزمة حيث تستورد الصومال 92% من احتياجاتها من القمح من روسيا وأوكرانيا.