كان اجتماع جنيف الذي ترعاه الأمم المتحدة للتقارب بين مجلس الدولة ومجلس النواب قد انتهي بدون إنهاء نقاط الاختلاف الجذرية يين الجسمين التشريعيين في شرق ليبيا وغربها وهذا ما صعد من حدة الغضب الشعبي وخروج المواطنين للمطالبة بإجراء انتخابات مبكرة، حيث خرج الليبيين في الساحات بمختلف المدن الليبية، بما في ذلك طرابلس وبنغازي وسبها ومصراتة، وقام بعض المحتجين باحراق مقر البرلمان الليبي في طبرق.
ورغم التقدم الذي تم الوصول إليه في ثلاثة اجتماعات متتالية بالمسار الدستوري في العاصمة المصرية القاهرة، وما عرف باجتماعات الفرصة الأخيرة، والتي تبعها اجتماع برعاية أممية بين رئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح وما يعرف بالمجلس الاستشاري خالد المشري في جنيف، والذي انتظر الشعب الليبي من ورائه الاتفاق على النقاط الخلافية العالقة، إلا أن هذا لم يحدث.
ورجح خبراء ليبيون فشل المسارات التفاوضية إلى تعنت تنظيم الإخوان الإرهابي، ورغبته في تفصيل المواد لصالح مرشحيه.
وقال الدكتور يوسف الفارسي رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة درنة الليبية، في تصريحات صحفية، إن فشل المسار التفاوضي في جنيف، ناتج عن تعنت المشري والمجلس الاستشاري، في أمور جوهرية مثل شروط الترشح للرئاسة وازدواج الجنسية، وهي أمور جوهرية.
وأوضح أن هذا الطرف يريد المواد حسب رغبته، وتخدم التيار الذي ينتمي إليه ومرشحوه، وأهدافه وتوجهاته، وكان من المنتظر أن يفشل هذا المسار لأنهم يخشون من ترشح كثير من الوطنيين، وسيحاولون التضييق عليهم.
ولفت إلي أن الإخوان يتخوفون من ترشح العسكريين الذين يؤمنون بالدولة الوطنية، وأيضا أشخاص بعينهم لديهم شعبية هائلة قد يكتسحون الانتخابات حال ترشحهم، ولذلك يحاولون تفصيل المواد لصالح أشخاص وليس كسياسات عامة.
وأشار إلى أن المسار وصل إلى الانسداد الكامل خاصة بعد فشل التوافق على مستوى اللجنتين النيابيتين أو على مستوى رئيسي المجلسين، والمشري يحاول إملاء شروطه لأن خسارة منصب الرئيس يعني خسارتهم لكل شيء، ويضر بمصالحهم بل ببقائهم.
بينما قال السياسي والحقوقي الليبي محمد صالح اللافي أن تنظيم الإخوان لا يريد الاستقرار لليبيا، فهو مستفيد من الوضع الحالي، ويعلم أن ترشح شخصية وطنية يقصيهم نهائيا من المشهد.
وأضاف في تصريحات صحفية، أن تنظيم الإخوان لا يريد انتخابات، لأنه يعلم استحالة أن يفوز بأي انتخابات قادمة بعد تجارب الشعب الليبي المريرة معه، وسيخسر مجلس الدولة الاستشاري الذي يسيطر عليه، إلى جانب الرئاسة التي لن تتجه إليه حتميا.
وأشار إلي أن الإخوان يدركون أن بقاءهم كشريك إجباري في السلطة من خلال ما يعرف بمجلس الدولة والمليشيات التي تسيطر بالقوة على مفاصل العاصمة والاقتصاد أفضل من انتخابات رئاسية ونيابية سيتلوها توحيد المؤسسة العسكرية والمؤسسات السيادية والمالية ومراجعة أوجه الصرف وتجفيف منابعهم.
ولفت إلى أن الاشتراطات التي يشترطها تنظيم الإخوان في ليبيا في حواراته التفاوضية المختلفة ليس معنيا بها فقط تسهيل ترشح المقربين منهم ولا منع ترشح أعدائهم، بل أيضا هنالك اشتراطات فقط من أجل إفشال المسار التفاوضي والبقاء أفضل مدة ممكنة في السلطة.