تشهد صناعة السيارات فى مصر قفزات متتالية، ورغم أن عام 2022 لم يكن مختلفًا لقطاع السيارات فى مصر عن السنوات السابقة، فمشكلاته مستمرة، وآماله لا تزال قيد الإحباط، إلا أن إطلاق الحكومة استراتيجية تطوير صناعة السيارات، أعطى أملاً كبير للنهوض بقطاع السيارات ودعم الصناعة محلياً.
وجاء إطلاق استراتيجية لتنمية صناعة السيارات، بهدف جذب استثمارات أجنبية ضخمة لإقامة مشروعات لتصنيع السيارات والصناعات المغذية لها بالمنطقة الصناعية بشرق بورسعيد، لتوفير واردات السيارات البالغة 4 مليارات دولار سنويًا، وتصدير السيارات من مصر للأسواق الأفريقية مستغلة اتفاقيات التجارة الحرة.
وحسب إحصائيات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، بلغت قيمة واردات مصر من السيارات وأجزائها وقطع الغيار خلال الربع الأول من 2022 نحو 1.873 مليار دولار، حيث سجلت فى مارس فقط نحو 550 مليون دولار.
وهبطت قيمة واردات مصر من سيارات الركوب خلال الربع الأول من 2022 لتبلغ نحو 787.997 مليون دولار فى مقابل نحو 974.755 مليون دولار خلال نفس الفترة من 2021 بتراجع قدره 19.1%، ورغم ذلك تشهد مصر حالياً أفضل أحوالها فى الصناعات المحلية، وخصوصا صناعة السيارات، وذلك بفضل توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى أمر بتوطين صناعة السيارات، ومنذ ذلك الحين شهدت صناعة السيارات وسوق السيارات المصرية تطورات عديدة، من أهمها إنشاء مجمع تصنيع السيارات المشترك فى المنطقة الصناعية، وتدشين استراتيجية صناعة السيارات، وإحياء مصنع النصر من جديد، وإنشاء مدينة السيارات الجديدة على طريق العين السخنة.
حوافز
أكد المصنعون والعاملون فى قطاع السيارات، أن خروج استراتيجية صناعة السيارات، يعيد استقرار السوق مجددًا بعد حالة التذبذب والتخبط التى تمر بها منذ سنوات، علاوة على تشجيع المستثمرين لضخ استثمارات جديدة فى السوق المحلية، مما ينعكس إيجابياً على المستهلك.
وتعقيباً على خروج استراتيجية صناعة السيارات إلى النور، يقول المهندس حسين مصطفى، خبير صناعة السيارات، إنه لم يتم الإعلان عن التفاصيل الكاملة لاستراتيجية صناعة السيارات، ولكن ما أعلن هو مفهومها الذى يرتكز على تشجيع وتحفيز التصنيع المحلى عن طريق 4 محاور.
وأضاف مصطفى في تصريح لـ"البوابة نيوز"، أن المحور الأول يتمثل فى زيادة نسبة المكون المحلى لتعميق الصناعة المحلية، ويتم حسابها بالطريقة الصحيحة أى ما أضيف بالفعل فى جزء من الصناعات المغذية إلى تلك المكونات بإعطاء حوافز تزيد مع زيادة نسبة المكون المحلى.
وتابع خبير صناعة السيارات، أن المحور الثانى يتمثل فى وضع حوافز للإنتاج الكمى بحيث تزيد نسبة التحفيز بزيادة حجم الإنتاج وهذه النسبة يتم حسابها إلى القيمة الأصلية للمكون المحلى مع إعطاء نسبة لزيادة حجم الإنتاج تُنسب إلى القيمة المضافة وتضاف إلى قيمة الحوافز.
واستكمل مصطفى، أن المحور الثالث يتمثل فى زيادة حجم الاستثمار، بحيث عندما يتم إنشاء مشروع بقيمة 100 مليون جنيه مثلاً يعطى القيمة نسبة مئوية من الحوافز تزيد بزيادة قيمة استثمارات المشروع، أما المحور الرابع فهو تقديم حوافز للسيارات الكهربائية والصديقة للبيئة، تشجيع الحفاظ على البيئة من خلال تطبيق معايير الانبعاثات الأوروبية.
ولفت إلى أن مصر تنتج حوالى 100 ألف سيارة سنوياً، حيث يوجد فى مصر حوالى 18 مصنعاً للسيارات و80 مصنع رئيسى للصناعات المغذية و300 مصنع فرعى للصناعات المعاونة للصناعات المغذية، ويتم تصدير جزء من منتجاتهم للخارج، خاصة الضفاير وديسكات الفرامل وبعض الأجزاء الإلكترونية.
بدوره يقول اللواء رأفت مسروجة، رئيس مجلس الإدارة الأسبق للشركة الهندسية لصناعة السيارات، والرئيس الشرفى لمجلس معلومات سوق السيارات "أميك"، إن صناعة السيارات فى مصر تبدو صناعة واعدة نظرا لجهود الحكومة فى الفترة الأخيرة والتى تسعى إلى جذب وضخ استثمارات أجنبية ومحلية جديدة فى القطاع.
وأضاف مسروجة في تصريح لـ"البوابة نيوز"، أن المستقبل للسيارات الكهربائية وستكون مصر رائدة فى هذا القطاع فى أفريقيا والشرق الأوسط، متوقعا أن تصبح مصر من أكبر 5 أسواق فى الشرق الأوسط.
وأوضح أن مصر جاهزة لاستهلاك نحو مليون و250 ألف سيارة سنويا وحال تحقيق ذلك ستكون مصر من أكبر الأسواق فى الشرق الأوسط قائلاً: "لازم نوصل لاستهلاك 250 سيارة لكل 1000 مواطن".
ومن جهته قال المهندس خالد سعد، الأمين العام لرابطة مصنعى السيارات، إن صناعة السيارات تواجه تحديات كبيرة فى الآونة الأخيرة، مما انعكس سلبيًا على القطاع وأدى إلى ارتفاع أسعار السيارات.
وتابع سعد لـ"البوابة نيوز"، أن خروج استراتيجية صناعة السيارات للنور، خطوة جيدة وبداية حقيقية لضبط سوق السيارات المصرية، كما أنها ستشجع المستثمرين على ضخ استثمارات جديدة فى القطاع.
وأشار إلى أن الاستراتيجية ستحد من السيارات المستوردة وستصبح داعمًا قويًا للإنتاج المحلى، كما أنها تضمن حماية المكون المحلى والمصنعين دون التمييز بين المصانع الكبيرة على حساب الصغيرة، لافتًا إلى أن "صفر جمارك" على الواردات الأوروبية والتركية أثرت بشكل كبير على سوق السيارات.
ولفت سعد إلى أن مصر بها نحو 13 مصنعًا لتجميع السيارات، والطاقة الإنتاجية لبعض المصانع لا تتعدى 7 آلاف سيارة سنويًا، وهذه الكمية ليست مشجعة على الاستثمار فى صناعة السيارات، لافتًا إلى أن تصدير السيارات المصنعة محليًا للأسواق المحيطة يواجه صعوبة نظرًا لارتفاع أسعارها، وبالتالى لا يمكنها المنافسة فى الأسواق الخارجية.
تعميق المنتج المحلي
ومن جهته، أشاد أسامة بودى، رئيس مجلس إدارة مجموعة بودى جروب ووكيل سيارات شانجى وبايك وكيمبو فى مصر، بجهود الدولة المصرية لتوطين صناعة السيارات، والصناعات المغذية لها، وتعميق المنتج المحلى، والتى كان آخرها توقيع مذكرة تفاهم بشأن إنشاء مجمع تصنيع السيارات المشترك فى المنطقة الصناعية بشرق بورسعيد بقدرة استيعابية لتصنيع 75 ألف مركبة سنوياً كمرحلة أولى.
وأكد بودي، أن النهوض بصناعة السيارات يتطلب الاهتمام بدعم وتطوير الصناعات المغذية فى المقام الأول، وتقديم الحوافز اللازمة لها، لخلق صناعة حقيقية وليس تجميعية، خاصة أن مصر يتوافر لديها جميع مقومات النجاح اللازمة لذلك بدايةً من الاستقرار الأمنى والسياسى، مروراً بتوافر جميع المواد الخام، ووصولاً إلى وجود ملايين الأيدى العاملة، وجميعها إمكانات قادرة على تحويل مصر إلى مركز إقليمى مهم لتصنيع وتصدير السيارات.
وصرح رئيس مجلس إدارة بودى جروب، أن الحرب الروسية الأوكرانية، وما صاحبها من تداعيات وقرارات فى مقدمتها رفع سعر الفائدة عالمياً، وتحريك سعر الدولار، أثر بالسلب إلى قطاع السيارات، وتسبب فى نقص حاد فى الكميات المعروضة من العلامات التجارية المختلفة، وأمتد أثره كذلك إلى قطع الغيار ومكونات الإنتاج.