الثلاثاء 05 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ثقافة

إبداعات البوابة.. "بائع القلل" قصة قصيرة لطارق محرم

طارق محرم
طارق محرم
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

نهق الحمار، هكذا فجأة وبدون سابق إنذار. لم يكن نهيقا عاديا بل كان أشبه بالصراخ. لقد اعتاد مالكه البدين أن يلكزه لكزا عنيفا في كل مرة يركبه، وكأن وزنه الثقيل لم يكن يكفي. 

كان عند عرضه لبيع القلل يصرخ صرخة قوية تشبه نعيق البومة تؤذي أذنيه الطويلتين، كم يكره صوته. إن محاولته للركض السريع عندما يمتطيه سببها أنه يود أن ينتهي سريعا من مشاويره السخيفة لبيع القلل، وأيضا حتى لا يتعرض للكزه، ولكن يبدو أن مالكه كان يستمتع بذلك. 
وقت أن يراه قادما من بعيد تنزل أذناه الطويلتان ولا يستطيع أن يقيمهما. كانت "شي" تقال بصراخ يفزعه، فيركض موجوعا وخائفا وتتخبط ركبه. كم من المرات أخطأ الطريق التي يحفظها عن ظهر قلب وذلك لسرحانه. لقد رآه مرات عديدة يطبطب على حمير أصدقائه الآخرين بكل نعومة وكان يتعجب من كونه نفس الشخص الذي يتلذذ بتعذيبه. وفي أوقات كثيرة دارت في ذهنه أفكار للهروب منه ولكنه لم يقو على ذلك. 
في يوم ربيعي مشمس اضطر مالكه أن يبيعه لشخص آخر؛ لعوزه للمال، فذهب هكذا فجأة بلا عودة.
سعادته في ذلك اليوم لا توصف فكان نهيقه كالغناء. استقامت أذناه مرة أخرى واستعاد عافيته، وصار يتمشى بتؤدة مرة، وبالجري السريع بل والقفز مرة أخرى حتى أنه استغرب نفسه وأصبحت من هواياته أن يتغزل في الأفراس التي يراها.
شاهد مالكه القديم قادما من بعيد ومعه القلل التي أصبح يبيعها الآن على ظهره، فظهرت السعادة على وجهه، اقترب منه المالك وأخذ يطبطب عليه، فابتسم الحمار وأدار ظهره، ثم رفسه رفسة أطاحت به في الترعة القريبة، وكسرت وراءه القلل.