السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

مواجهة الإرهاب بالفن

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الاحتفال بعيد الفن وتكريم المبدعين والدعوة للارتقاء بالذوق العام، ومشاركة كبار رجال الدولة المصرية، كلها إشارات تؤكد أن مصر ما بعد 30 يونيو قد اختارت طريقها بوضوح ضد الإرهاب المتستر بالدين وضد التخلف وضد الفساد، ومضمون تلك الإشارات يمكن تلخيصه في رسالة واحدة وهي أن الشعب المصري احتمل الجوع والظلم والفساد عشرات السنين، ولكنه لم يحتمل تغيير هويته المصرية في زمن حكم الإخوانجية وثار عليهم بعد عام واحد من حكمهم.
والمؤكد هو أن كلا من تابع الاحتفال قد استرد بعضاً من روحه وهو يرى تاريخ بلادنا ماشياً على قدميه ثابتاً في مواجهة أعداء الحياة، وعلى سبيل المثال جاء تكريم اسم الموسيقي الراحل أحمد منيب ليرد الاعتبار لسنوات سجن الشيوعيين في الواحات لأكثر من عشر سنوات متواصلة وكان أحمد منيب هناك معتقلاً مع فؤاد حداد ومحمد حمام وغيرهم من أبناء الحياة البنائيين العظام.
وجاءت كلمة الرئيس عدلي منصور واضحة المعاني، بهية الشكل والمضمون يرد فيها على من أرادوا اختطاف مصر والرجوع بها إلى لسنوات التمييز والانحطاط، كما أوضح منصور أن الدور الكبير المنوط بالمبدعين لعبة هو الارتقاء بالذوق والوجدان العام، كانت الكلمة بليغة وكانت مصداقية منصور في أوجها.
والآن ونحن نواجه الرصاص والبنادق والمولوتوف ونعرف أن هذه المواجهة هي ثمن بسيط لتمسكنا بإنسانيتنا، نحن من علم العالم فنون الزراعة وربطنا بين تلويث النيل ومعصية الله، ولكن جاء بدون موعد من اعتقد أننا كمصريين قد نرضخ لأوهام استبداده المتأسلم، وكان الرد صاعقاً عليه وعلى العالم الذي وقف منتظراً تقسيم بلادنا ما بين مسلم ومسيحي، هذا الجاهل الذي لم يعرف حتى الآن معنى المواطنة في وطن بحجم مصر التي بناها مسلمون ومسيحيون ويهود جنباً إلى جنب، فصارت المصرية هوية وعلامة وتاريخ ومستقبل.
ومن المهم ونحن نتجه بخطواتنا نحو مواجهة الإرهاب بالفن أن نفتح بعض الشبابيك الموصدة والتي قد تحد من حرية الإبداع، فمازالت دعاوى الحسبة تلاحق المبدعين ومازالت مؤسسة الأزهر تطل برأسها في بعض الأمور التي لا علاقة لها بها، ولا زال التعامل مع صناعة السينما وكأنها دكان خاص، بينما رآها الاقتصادي الكبير طلعت حرب صناعة لا تقل أهميتها عن صناعة الحديد والصلب.
نعم.. لدينا مطالب وطموح لابد من مواجهتها بشجاعة وهو ما لا يتناقض أبداً مع بهجتنا بما تم في عيد الفن، فقط كل ما في الأمر هو اتساع الرؤية، حتى لا يتحول العيد القادم إلى مناسبة ركيكة يفر منها منتسبيها، وبالطبع الكرة ليست في ملعب المبدعين فقط ليتحملوا كامل عبء التنوير والتقدم والجمال، فالمبدعون محكومون بقوانين ومجتمع وإمكانيات، لذلك فلتتضافر الجهود من خلال منهج المشاركة والمسئولية وإدراك حجم المخاطر وتربص خصوم الحياة بهذا النهر المتدفق في بلادنا الذي اسمه الإبداع.