منحت الدولة ممثلة في وزارة الثقافة المسرحي الدكتور عمرو دوارة، جائزة الدولة للتفوق لهذا العام، تقديرا لإسهاماته المسرحية ومجمل أعماله الأدبية سواء في النقد، والـتاريخ، والتأليف، والإخراج، والذي يرى أن هناك شعورا عاما بالرضا والراحة النفسية بالنسبة لجميع الفائزين بالجوائز المختلفة النيل، والتقديرية، والتفوق، والتشجيعية.
يُشارك «دوارة» هذا العام أيضا للمرة الثالثة على التوالي بعضوية اللجنة العليا للمحاور الفكرية والندوات بالمهرجان القومي للمسرح المصري خلال فعاليات دورته الخامسة عشرة، التي تنطلق في الفترة من 24 يوليو حتى 8 أغسطس المقبلين، بتقديم دراسة عن مفاهيم الإخراج المسرحي ببدايات المسرح المصري المعاصر خلال الربع الأخير من القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين، بالإضافة إلى تقديم كتاب توثيقي عن راهبة المسرح أمينة رزق، إلى جانب إجراء بروفات الأوبريت الغنائي الاستعراضي الجديد «قمر نجمة الغجر»، وعودة فرقة «فرسان المسرح» من جديد بعد توقف أكثر من 5 سنوات، لتقديم عرض جديد بعنوان «أغاني وأمنيات».
التقت «البوابة نيوز» الدكتور عمرو دوارة، للحديث عن مشاريعه الأدبية والفنية المقبلة، وجائزة الدولة للتفوق.. وإلى نص الحوار.
ماذا تمثل جائزة الدولة للتفوق في الآداب بالنسبة لك؟
جوائز الدولة بصفة عامة أهم وأقيم وأسمى الجوائز ببلادنا، وجائزة الدولة للتفوق تعد من أهم الجوائز التي حصلت عليها في مسيرتي الأدبية والفنية، فرغم تكريمي وحصولي على عدد من الجوائز المتميزة ببعض المهرجانات العربية والعالمية وتكريمي من بعض الحكام ووزراء الثقافة العرب، إلا أن التكريم الرسمي في بلدي له مكانة خاصة ونكهة أخرى.
وتعد هذه الجائزة بمثابة اعتراف رسمي من الدولة ممثلة في وزارة الثقافة بتقدير إسهاماتي المسرحية وتميزها، خاصة أن الجائزة قد منحت لي عن مجمل أعمالي الأدبية في النقد، والـتاريخ، والتأليف، والإخراج.
وما أسعدني في هذا التكريم وحصولي على الجائزة أنني لم أسع إليها بل رشحت لها من قبل مجلس إدارة اتحاد الكتاب بالإجماع، ومظاهرة الحب التي انطلقت بمجرد بعد إعلان النتائج والتهاني الصادقة من المسرحيين هي دليل وتعبير عن ذلك الحب الحقيقي والتقدير لشخصي ولإسهاماتي على مدى نصف قرن من الزمان.
كيف ترى جوائز الدولة هذا العام؟
هناك شعور عام بالرضا والراحة النفسية بالنسبة لجميع الفائزين بالجوائز المختلفة «النيل، التقديرية، التفوق، والتشجيعية» هذا العام، تضمنت قائمة الفائزين على نخبة متميزة من المبدعين في مختلف المجالات الأدبية والفنية، يكفي أن نذكر أن القائمة شملت أسماء الأدباء والفنانين: إبراهيم عبد المجيد، داود عبد السيد، د. رجائي عطية، الأديب العراقي د. قيس العزاوي «جائزة النيل»، رشوان توفيق، د. سهير زكي حواس، د. كمال رحيم، د. يوسف نوفل، د. محمد أبو الفضل بدران، د. أحمد نبيل، د. محمد نعمان جلال، سعيد إسماعيل «التقديرية»، وجميعهم بلا استثناء مصدر فخر واعتزاز، حتى ولو افتقد بعضهم للشهرة والجماهيرية، فهم من خيرة العقول المصرية ومن رموز قوتها الناعمة، وهم لا يكشفون فقط ويؤكدون على قيمة الإسهامات المصرية في الحضارة الإنسانية المعاصرة ، بل ويؤكدون أيضا على فكرة تواصل أجيال المبدعين .
هل انتصرت جوائز الدولة لمستحقيها؟
أرى أن جوائز الدولة هذا العام انتصرت لمستحقيها بدرجة كبيرة، حيث اتسمت النتائج بالموضوعية والحيادية، ولم نسمع أي أصوات اعتراضية حتى من الذين ترشحوا لها ولم يحالفهم الحظ .. ويجب التنويه في هذا الصدد أنني ورغم عدم مبادرتي بترشيح نفسي إلا أن عددا كبيرا جدا من المسرحيين بمصر وبعض الدول العربية بادروا بالمطالبة بضرورة تكريمي وترشيحي للجائزة وذلك قبل فتح باب الترشيح، وربما كان هذا عاملا مؤثرا ومهما في ترشيح مجلس إدارة اتحاد الكتاب لي بالإجماع، وكذلك من أهم عوامل انطلاق مظاهرة الحب التي أسعدتني بمجرد إعلان الجوائز.
يذكر أن جائزة التفوق تتيح شروطها التقدم لها بشكل شخصي أو من خلال ترشيح إحدى الهيئات والمؤسسات الثقافية أو الجامعات، وبصفة عامة أن نظام التصويت بجوائز الدولة نظام محكم ويمر بعدة مراحل، على سبيل المثال – بعد انتهاء مرحلة الفحص – تم تصفية عدد 38 متقدما تتطابق أعمالهم مع شروط هذه الجائزة إلى عدد 20 مرشحا، ثم بمرحلة تالية تم تصفية هذا العدد إلى أربعة فقط، لتكون التصفية الثالثة والأخيرة بإعلان فوزي بعد ذلك من خلال اللجنة العليا، والتي تتكون من أكثر من 35 رائدا وعالما بمجالات الآداب والفنون، وفي حضور 16 قيادة ثقافية من قيادات وزارة الثقافة"، فيؤكد هذا الفوز على مدى تقدير أعضاء اللجنة لمجمل إسهاماتي الأدبية والفنية على مدى نصف قرن من الزمان.
ما آخر ما توصلت إليه موسوعة المسرح المصري المصورة في أجزائها المتبقية ومتى ترى النور؟
«موسوعة المسرح المصري المصورة» هي موسوعة غير مسبوقة عالميا، ويمكن من خلالها رصد أسماء جميع المشاركين في تقديم العروض المسرحية «المؤلفين، المخرجين، الممثلين، مصممي الديكور، ومؤلفي الموسيقى»، بالإضافة إلى دراسة حجم ونوعية الإنتاج المسرحي بكل مرحلة من المراحل التاريخية المختلفة، كما يمكن الاستفادة بتوظيف كثير من البيانات والمعلومات بها لرصد مدى تأثر الانتاج المسرحي بالظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية، تتضمن هذه الموسوعة سبعة آلاف وثلاثمائة عرضا مسرحيا – هي مجموع العروض الاحترافية التي تم إنتاجها منذ بداية المسرح المصري عام 1870 «يعقوب صنوع» وحتى نهاية عام 2015، والمقصود بعروض الفرق الاحترافية، هي جميع العروض التي شارك في تقديمها نخبة من الفنانين المحترفين، أعضاء نقابة المهن التمثيلية، وتم تقديمها للجمهور نظير مقابل مادي «شباك تذاكر»، سواء تم عرضها بالعاصمة أو ببعض الأقاليم، وكذلك سواء تم عرضها جماهيريا لفترات طويلة أو عرضت لليلة واحدة بهدف التصوير التليفزيوني.
وبالتالي فهي تضم جميع عروض الفرق الخاصة وأيضا فرق مسارح الدولة منذ تأسيس فرقة المسرح القومي عام 1935، وقد صدر حتى الآن 10 أجزاء فقط، والأجزاء الثمانية المتبقية تحت الطبع حاليا، بالإضافة إلى البدء في إعداد نسخة الكترونية، وكان من المفترض أن تصدر في سبعة عشر جزءا على أن يتضمن الجزء الأخير خمسة فهارس «باسم العروض، والفرق، وتاريخ الإنتاج، والمؤلفين، والمخرجين» وذلك بالطبع، بالإضافة إلى تسجيل رقم الجزء والصفحة، لكن نظرا لكثرة عدد العروض وكم البيانات والمعلومات بكل عرض اضطررنا إلى طباعة البيانات بصورة عرضية وليست طولية وبالتالي فقد تضخم حجم الفهارس الخمسة مما استلزم تقسيم الفهارس الخمسة على جزئيين "17، 18".
ما المشروع الأدبي الذي تعمل عليه الآن؟
هناك مشروع أدبي على المدى القصير، وهو المشاركة حاليا للمرة الثالثة على التوالي بعضوية اللجنة العليا للمحاور الفكرية والندوات بالمهرجان القومي للمسرح المصري، ومن خلال فعاليات دورته الخامسة عشرة، أشارك بتقديم دراسة عن مفاهيم الإخراج المسرحي ببدايات المسرح المصري المعاصر خلال الربع الأخير من القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين، بالإضافة إلى تكليفي بتقديم كتاب توثيقي عن راهبة المسرح القديرة أمينة رزق، وبالطبع يتضمن الكتاب بخلاف القوائم الكاملة لجميع إسهاماتها الفنية بالقنوات الفنية المختلفة رؤية نقدية لأهم أعمالها المسرحية.
أما على المدى الأطول نسبيا زمنيا أقوم بالمراجعة الأخيرة لأحدث موسوعة مسرحية أقدمها للمكتبة العربية وهي موسوعة «سيدات المسرح المصري»، التي تتضمن السيرة الذاتية، والفنية لعدد 150 سيدة تم تصنيفهن من خلال ثمانية فصول كما يلي: «الرائدات، وسيدات المسرح الغنائي، والمسرح التراجيدي، والمسرح الكوميدي، والمسرح من نجمات الإذاعة والتليفزيون، والمسرح بالأدوار الثانوية، وسيدات الأدوار الثانوية بالمسرح، والمسرح بالعصر الحديث».
ما المشروع الفني الذي تعمل عليه في الوقت الحالي؟
حاليا أستعد لبدء بروفات الأوبريت الغنائي الاستعراضي الكبير «قمر نجمة الغجر» عن نص قمر بنت الغجر للكاتب محمود مكي، وهو من إنتاج "الفرقة الغنائية الاستعراضية" والذي كتب له الأغاني شاعر العامية سعيد شحاتة، ووضع الموسيقى والألحان الفنان ماجد العرابي، ويقوم بتصميم استعراضاته الفنان ضياء شفيق، وبتصميم الديكورات د.محمد سعد، ويشارك ببطولته نخبة متميزة من الفنانين والمطربين.
وبعد توقف أكثر من خمس سنوات تعود فرقة «فرسان المسرح» وهي الفرقة المركزية للجمعية المصرية لهواة المسرح بالاستعداد لتقديم عرض جديد من إخراجي بعنوان "أغاني وأمنيات"، وذلك للمشاركة به وتمثيل مصر ببعض المهرجانات العربية.
ما الرسالة والنصائح التي توجهها للشباب المقبلين على جوائز الدولة؟
النصيحة الأساسية لكل المبدعين سواء كانوا مقبلين على جوائز الدولة أو لم يفكروا في التقدم لها بعد هي أن الجوائز بصفة عامة مهمة جدا بالنسبة لكل مبدع، لأنها تؤكد له صحة مساره ونجاحه في تحقيق التواصل المنشود من النخبة وكذلك الجمهور "القراء – المشاهدين"، ولكن يجب ألا يصبح الحصول عليها غاية وهدفا في حد ذاته، يسعى إليها ويتخذ كل السبل للحصول عليها حتى ولو بممارسة بعض الضغوط أو بالتوسل أحيانا، ولذا فإنني أنصح المسرحيين الشباب بأن يعشق كل منهم عمله ويخلص له، وأن يحرص دائما على الاطلاع على كل جديد من خلال القراءة والمشاهدات والتجوال، وألا يحاول أي منهم التعالي على الجمهور بل على العكس يجب بذل كل الجهد لتحقيق ذلك التواصل المنشود معه.
والمبدع الحقيقي لا يجب أن يركز جهوده في كيفية الحصول على الجوائز بل يجب عليه أن يستمتع أولا بعمله، وأن يضع في قائمة اهتماماته كيفية إسعاد الجمهور وكذلك كيفية تقديم خطاب درامي راق يتناسب مع الظروف الراهنة، التي تمر بها البلاد، ولكن من خلال تناول إنساني يمكن تقديمه بعد ذلك في كل زمان ومكان، فنحن كمبدعين - بمختلف التخصصات والمجالات – لا بد وأن نعي أننا ننتمي إلى دولة نامية وما زالت تواجه الكثير من التحديات، لذا يجب أن يقوم الفن بصفة عامة والمسرح بصفة خاصة بدوره المنشود في معارك التنمية، فيساهم في حمل شعلتى التنوير والتثوير، ويواجه جميع أشكال قوى الظلام المتمثلة في أشكال التطرف والإرهاب والرجعية وجميع الأمراض الاجتماعية كالانتهازية والسلبية، يجب ألا يجرفنا التيار تحت مسميات الحداثة وبعد الحداثة إلى تقديم عروض تجريبية ملغزة للنخبة فقط وقضايا فلسفية بعيدة عن واقعنا المعاصر ولا تستطيع الأغلبية الاستمتاع بها أو تحقيق التواصل معها.