يعتبر الدكتور ماجد بن علي النعيمي، من الشخصيات العربية التي فرضت احترامها في المحافل الدولية ولاسيما لدى منظمة اليونسكو، فهو قامة فكرية وثقافية راقية ، يشغل منصب وزير التربية والتعليم بمملكة البحرين.
وهو أكاديمي بإمتياز حيث أنه حاصل على الدكتوراه في التاريخ الاقتصادي من جامعة ويلز في بريطانيا، وعلى الماجستير في العلوم العسكرية من كلية القيادة والأركان بالمملكة العربية السعودية، وعلى الماجستير في تاريخ الخليج من جامعة عين شمس في مصر، وعلى البكالوريوس في التاريخ من جامعة الكويت.
تدرج في العمل الحكومي، وتقلد العديد من المناصب والمسؤوليات، منها رئيساً لجامعة البحرين، حتى أصدر الملك حمد بن عيسى بن سلمان آل خليفة مرسومًا ملكياً بتاريخ 11 نوفمبر 2002، بتعيينه وزيراً لوزارة التربية والتعليم فكان أفضل من يشغل هذا المنصب الهام بين وزراء التربية والتعليم العرب.
البوابة نيوز التقت به في منظمة اليونسكو حيث أناب عن جلالة ملك البحرين في حفل تسليم جائزة اليونسكو- الملك حمد بن عيسى آل خليفة لاستخدام تكنولوجيات المعلومات والاتصال في مجال التعليم وقام بتسليم الجوائز للفائزين بها بحضور ستيفاني جيانيني مساعدة المدير العام لقطاع التعليم بمنظمة اليونسكو، بالإضافة إلى السفير سانتياجو إيرازابال موراو رئيس المؤتمر العام، وكبار المسئولين بالمنظمة الدولية، والعديد من السفراء والإعلاميين والباحثين والمتخصصين في مجالات تكنولوجيا المعلومات والاتصال، و الطلبة البحرينيين الدارسين في الجامعات الفرنسية؛ وإلى نص الحوار…
في البداية، حدثنا عن حضورك اليوم في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة وعن جائزة اليونسكو التي سلمتها للدول الفائزة؟
في الواقع لقد شرفني حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم بالإنابة عنه للحضور وتسليم الجوائز، لأنه الذي يرعى جائزة اليونسكو- الملك لاستخدام تكنولوجيات المعلومات والاتصال في مجال التعليم قد أصبحت من الجوائز المتميزة التي تكرّم المبادرات الرائدة من خلال العناوين التي تحددها سنوياً، لتتناسب مع تطورات التكنولوجيا والاتصال التي يشهدها العالم، وتواجه أي ظروف قد يتعرّض لها التعلم.وأصبحت اليوم مرجعية تربوية تواكب العصر، حيث حقّقت نجاحاً كبيراً وأصبحت ذائعة الصيت.وقد سلمنا للدول الفائزة خلال الدورات الحادية عشرة والثانية عشرة، والثالثة عشرة، بعد أن تمّ تأجيل الاحتفال بسبب ظروف جائحة كوفيد-19،حيث أقامت منظمة اليونسكو بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم بمملكة البحرين هذا الحفل الكريم الذي شاهدتموه. حيث كرمنا الدول الستة الفائزة في اعوام 2019 و2020 و2021 وهم يمثلون ستة دول ( البرازيل واسبانيا والهند وفنلندا وتنزانيا والصين).
عن أي المواضيع فازت هذه الدول؟
كلها متعلقة بالذكاء الاصطناعي والابتكار والتكنولوجيا حيث فازت لعام 2019 دولتا البرازيل وإسبانيا عن موضوع : (استخدام الذكاء الاصطناعي للابتكار في التعليم والتدريس والتعلم)، وفاز بها برنامج " لتروس" لمهارات الكتابة الذي استحدثته شركة برازيلية ،ويعتمد على الذكاء الاصطناعي في ابداء ملاحظات بصورة آلية على الإنشاء الذي يكتبه الطلاب ، كما يهدف الى الحد من الأمية الوظيفية باللغة البرتغالية من خلال تحسين فرص التمرن المتاحة للطلاب والمعلمين في المدارس الثانوية، كما يساعد على تنمية مهارات الكتابة عبر حلقة تقييمية تدمج بين الذكاءين البشري والاصطناعي. وقد استفاد من هذا البرنامج اكثر من 65 الف طالباً في مختلف أنحاء الولايات البرازيلية الستة وعشرين.
فيما فازت اسبانيا عن طريق أداة "دايتكتيف" التي استحدثتها شركة إسبانية للكشف عن عسر القراءة لدى الناطقين باللغة الاسبانية وذلك خلال ربع ساعة، كما توفر هذه الأداة تمارين ترفيهية للمتعلمين للتغلب على صعوبات القراءة والكتابة، وقد استفاد من هذا التطبيق اكثر من 270 ألف طفلاً في 43 بلداً.
اما الفائزان للدورة الثانية عشرة لعام 2020 فكانتا الصين وفنلندة ،عن موضوع: (استخدام الذكاء الاصطناعي لتعزيز استمرار التعلم وجودته)، فاز بها المخطط الصيني "طالب جامعي لكل قرية" الذي يستخدم الذكاء الاصطناعي لتزويد المتعلمين في المناطق الريفية والنائية بفرص تعليمية جيدة عبر منصة ذكية تستخدم التحليل الصوتي والدلالي والتغذية الراجعة التلقائية وسجل المقالات الآلية وتحليل البيانات الضخمة، مما سمح للمتعلمين من المناطق الصعبة بالاستفادة من خبرات التعلم عالية الجودة. وقد استفاد من البرنامج أكثر من 800 الف متعلماً على مستوى الصين.
أما الفائز الثاني فكانت منصة التعلم التعاوني "فيلي" الفنلندية التي طورها مركز تحليلات التعلم بجامعة توركو، والتي تقدم مجموعة مخصصة من التمارين بناءاً عن أداء الطلاب وتوفر للمعلمين تقارير مفصلة ودقيقة عن تقدم طلابهم، ويضمن الأساس الأكاديمي القوي للمشروع استخدام البيانات القائمة على الأدلة وتحليلات التعلم بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي. وقد استفاد من هذه المنصة اكثر من 300 ألف طالباً و14 ألف معلماً.
فيما كان الفائزين لعام 2021 دولتي الهند وتنزانيا، عن موضوع: (استخدام التكنولوجيا من أجل توفير نظم تعلم شاملة وقادرة على الصمود في مواجهة الأزمات). وقدمت أبرز المبادرات التي توفر التعليم للجميع، فاز المعهد المركزي الهندي لتكنولوجيا التعليم بالمجلس الوطني للبحوث التربوية وللتدريب، لمساهمته في تقديم سلسلة من البرامج خلال فترة الجائحة، لضمان استمرارية التعليم وجودته، امتدت لتشمل أكثر من (1.5) مليون مدرسة و(240) مليون طالب و(8.5) مليون معلم، حيث تم توفير برامج التعلم الرقمي من خلال وسائل الإعلام المتنوعة، بما في ذلك التلفزيون والراديو ومنصات الانترنت للطلاب والمعلمين، مع مراعاة الاحتياجات الخاصة للطلاب ذوي الإعاق
والطلاب في المناطق الريفية في الهند.
أما المشروع الآخر الفائز في الدورة الحالية فهو مشروع " أوبونجو" اكبر فصل دراسي رقمي في قارة أفريقيا المقدم من مؤسسة تنزانية اجتماعية غير ربحية منتجة للتعليم الترفيهي الذي انطلق عام 2014، فقد ساهم في إعداد أكثر من (300) مادة تلفزيونية وإذاعية بثماني لغات محلية في (18) دولة أفريقية تقع جنوب الصحراء الكبرى، بهدف توفير محتوى تعليمي فعال وممتع للأطفال في سن المدرسة وأولياء أمورهم، باستخدام وسائل الترفيه والتقنيات، وتوجيهه خصوصاً للأطفال اللاجئين والأطفال الذين يتعافون من الصدمات.
أشاد خبراء اليونسكو بالجائزة وكذلك ثمنتها مساعدة المدير العام لقطاع التعليم بمنظمة اليونسكو فما قصة هذه الجائزة؟
- في الواقع، أتت هذه الجائزة بمبادرة كريمة من جلالة الملك المعظم حمد بن عيسى آل خليفة حفظه الله الذي يولي التّعليم أهمية كبيرة. فالاحتفال يقع تحت رعايته سنويًا الجائزة تأتي امتدادًا لمشروع الملك حمد لمدارس المستقبل. في سنة 2005، تبنّى هذا المشروع بحيث ينقل التّعليم من النمط التقليدي إلى النمط الذي يقوم على التعلّم عن بُعد والتعلّم الإلكتروني واللوحات الذكية داخل المدارس.وهي قصة نجاح وحضور عربي، قصّة هذه الجائزة ،فمنذ 17 عاماً كان الناس يتكلمون عن التكنلوجية فكنا من الاوائل المهتمين بذلك وهذا ما دفع الجائزة ان تكون متميزة في الحاضر وفي وقت مهم جدا حيث تعمل اليونسكو على اعداد استراتيجية لها ففي 2006 قدمنا مشروع الجائزة التي نالت تقدير العالم، وتمت الموافقة على أن تكون دورتها لمدة ستة سنوات، الشيء الطيب أنه حينما بدأنا بطلب تجديد الجائزة كان هناك ايضا اقبالا كبيرا عليها وفعلا اتت توصية المديرة العامة لليونسكو أودري أزولاي للمجلس التنفيذي للتجديد لدورة ثانية تشمل ستة سنوات وذكرت في تقريرها بأن هذه الجائزة تشكل إضافة مهمة لجوائز اليونسكو من حيث النوعية وحداثة المعلومات. واستمرينا على هذا الجانب من خلال مبادرات متميّزة لتطوير التّعليم والاقتصاد من خلال خدمة تعليمية تراعي كل عام "عنوانًا نجتمع مع منظمة اليونسكو لاختياره" مثلًا تتكلّم عن الذّكاء الاصطناعي وكيفية استعماله في التّعليم، وعن تدريب المتعلّمين، وأخرى تراعي الظّروف الإنسانية وما يشهده العالم من تطورات. فأصبحت الجائزة تتناسب مع المستجدات العالمية كما توقف عند الدور البارز الذي قامت به اليونيسكو خلال جائحة كورونا لمتابعة التعليم على مستوى العالم.
* ماهية آلية الجائزة هل لجنة التحكيم مكونة من خبراء بحرينيين؟
- بالنسبة الى آلية الجائزة، ليس للبحرين دخل في شئون اللجان الا عن طريق ممثل واحد فهم خمسة اعضاء محكمين دوليين اختارتهم المديرة العامة من كل القارات والمتخصصين في كل مجالات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ينظرون إلى المبادرات التي تأتي من دول العالم المرشحة لنيل هذه الجائزة وتعقد اجتماعاتها وبعد ذلك ترفع توصيتها للمديرة العامة لاعتمادها وتختار هيئة التحكيم الدولية مؤلفة من خمسة خبراء مرموقين فائزين اثنين بالجائزة سنوياً وتقدم توصيتها في هذا الصدد إلى المدير العام لليونسكو.
ويحصل كلَ من هذين الفائزين على مكافأة مالية قدرها 25000 دولار أمريكي، وكذلك على شهادة وتكريم يُقام لهذا الغرض. تهدف جائزة اليونسكو-الملك حمد بن عيسى آل خليفة استخدام تكنولوجيات المعلومات والاتصال في مجال التعليم إلى تكريم أفراد ومنظمات من الجهات القائمة على تسخير الوسائل التكنولوجية لزيادة فرص التعليم والتعلم مدى الحياة وإتاحتها للجميع وهذا العام 2022 نبحث موضوع تنسقه الوزارة مع اليونسكو حول ما هية المبادرات التي يمكن ان تعالج الآثار السلبية التي أحدثتها الجائحة على التعليم.
ما هي الرسالة وراء هذه الجائزة العالمية؟
- أنّ وراء هذه الجائزة رسالة تُختصر بنقطتين: الأولى رسالة من البحرين إلى العالم تظهر الجانب الإنساني للبحرين، أما الثانية فهي قدرة البحرين على الاستفادة من هذه البحوث للتطوير والاستفادة والتي تصل إلى مرتبات عالية وهي تتضمّن خبرات كبيرة. فتحاول المملكة تطبيق هذه المنظومات التربوية وقد استطاعت تجاوز الكثير من المحطات الصعبة خلال هذه الظروف.
*ماهي الدول التي فازت بهذه الجائزة؟
- في الحقيقة، الدول التي فازت بهذه الجائزة متنوعة وتشمل جميع القارات، حيث مُنحت منذ عام 2005 ،لأربعة وعشرين مشروعا مبتكرا خلال حفل دولي من البلدان التسعة عشر التالية: الاتحاد الروسي، والأردن، وإسبانيا، وألمانيا، والبرازيل، وبلجيكا، وبنغلاديش، وجمهورية كوريا، وسنغافورة، والصين، وفنزويلا وفنلندا، وكوستاريكا، ومصر، والمغرب، والهند، وهولندا، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة الأمريكية. وهي دول متقدمة جدا وكما شاهدتم كرمنا هذا العام ستة دول فازت كان لهذه الجائزة اجتماع عقد يحدد فيه موضوع كل عام، الدورتين الماضيتين بسبب الجائحة لم نسلم الجوائز لكن فازت بها 6 دول التي من كنا نتكلم عن المبادرات المتميزة لاستخدام الذكاء الاصطناعي في احدى المرات وضعنا كيف إيصال التعليم للطلبة الذين يعانون ويلات اما بسبب ظروف طبيعية او سياسية فكل عام ننسق مع اليونسكو ونختار موضوع جديد وحسب احصائيات اليونسكو تعاملت هذه المبادرات مع أكثر من 51 مليون شخص.
*لاحظ خبراء اليونسكو بأن مملكة البحرين ضمن الدول القليلة التي لم تتأثر بجائحة كورونا؟
- لله الحمد هذا بفضل سياسة وحكمة القيادة الرشيدة، ففي البحرين مثل كافة دول العالم، كان الذهاب الى المدرسة مقيداً خلال الجائحة بسبب الإجراءات الاحترازية لكننا كنا ننطلق من مبادرة مهمة جدا فقد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه أسس عام 2005 مشروع مهم والذي حدثتكم عنه ألا وهو مشروع الملك حمد لمدارس المستقبل، القائم على استخدام المنظومة الإلكترونية واللوحات الذكية في كل المدارس فأصبحت عندنا خبرة تراكمية فحينما جاءت الجائحة أحدثت ربكة في العالم لكن كانت لدينا قاعدة صلبة فأنشأنا بوابة تعليمية إلكترونية ،نزلنا عليها دروس مركزية ومواد تعليمية الكترونية وحلقات نقاشية، المفارقة أنه زار البوابة اكثر من 134 مليون شخص من دول العالم شملت الزيارات طلبة ومعلمين حيث عوضت دور المدرسة، فقد تعاملنا مع الجائحة وانشأنا 14 قناة تعليمية على اليوتوب من المرحلة الابتدائية من ضمنها قناة لذوي الاحتياجات الخاصة وكذلك قناة للمواد العملية في التعليم الفني والمهني مع حلقات تلفزيونية تبث الدروس يوميا على تلفزيون البحرين بالتعاون مع وزارة شؤون الإعلام وفي المساء كنا نعيد الدروس للطلبة حتى يتابعها الجميع بما فيهم اولياء الامور، لقد بذلت جهود كبيرة جدا.
*كيف كانت الفكرة؟
- في الحقيقة كانت مبادرة شخصية من جلالة الملك حفظه الله ورعاه وتم تدشين المشروع في أقدم مدرسة نظامية عام 1919 كان التعليم اهلياً واليوم نعمل على إنشاء جامعة جديدة اسمها عيسى الكبير الهداية الوطنية، على اسم جد جد جلالة الملك التي شهدت البحرين على عهده الاستقرار السياسي والمالي تخليدا لذكراه وفي نفس الوقت ارتبطت الجامعة باسمه وباسم الهداية الخليفية نسبة لأول مدرسة أسست فلما مر مائة عام على التعليم النظامي في المملكة أمر جلالة الملك إنشاء هذه الجامعة التي تشكل أنموذج على الصعيد العالم العربي لأنها 51% ملك الدولة و49% قطاع خاص وفي نفس الوقت نستضيف برامج من جامعات فرنسية انجليزية من شرق اسيا بحث تتخصص في اربعة مجالات الذكاء الاصطناعي والتكنلوجية والطاقة المتجددة وفي نفس الوقت تخصص في الشئون اللوجستية نحن لا نريد ان نبدأ من البداية فقد عملنا تحالفات ونستضف جامعات وشراكة معنا من الاسماء العريقة في هذه المجالات فسيمتد مداها على مستوى الخليج وليس فقط البحرين . وسوف يكون هناك احتفال يوم غدا الاثنين في الكويت حيث ستتسلم مملكة البحرين جائزة فازت بها وزارة التربية والتعليم سمو الشيخ سالم العلي البحري.
كيف هي علاقتكم باليونسكو؟
- بدأنا مع اليونسكو علاقة متميزة وذلك منذ بداية الاستقلال مباشرة. ثم في عام 2003 دخلنا في المجلس التنفيذي لليونسكو وحصلنا على أعلى الأصوات في المجموعة العربية عبر الانتخابات وفي هذه الفترة وثقت البحرين علاقاتها مع اليونسكو، اليوم توجد ثلاثة مراكز في المملكة، مركز إقليمي لتكنولوجيا الاتصال والمعلومات وهو أول مركز من الفئة الثانية يعمل خارج مقر اليونسكو واستضافته البحرين وعندنا مركز ثاني للتعليم الفني والمهني يهتم أساسا لتدريب المعلمين في هذا المجال ولدينا في مجال التراث حيث لدينا مركز التراث العربي الذي يهتم بالحفاظ على التراث في عالمنا العربي.