أعتقد أن جريمة مقتل طالبة آداب المنصورة أمام الجامعة من قبل طالب زميل لها،والذي كان يعشقها بجنون كما يقول وعندما رفضته،قام بقتلها في وضح النهار وأمام المارين في الشارع الجامعي،دون أن يتدخل أحد لإنقاذها،بل اكتفوا بتصوير الجريمة بالمحمول، وكان من الممكن إنقاذها من القتل والذبح،حيث ذبحها القاتل بدم بارد،بعد أن طعنها عدة مرات في جسدها الضعيف،ورغم استغاثتها إلا أن أحد من المارة لم يستطيع التدخل لإنقاذ الفتاة من الموت،الا أن القاتل الذي كان يتعاطى المخدرات -كما أكدت التحقيقات- لم يخاف من المارة والشرطة الجامعية إلا أنه كان هدفه الذي كان يخطط له منذ فترة طويلة،وهو قتل حبيبته التي رفضت الارتباط به،بل وذبحها للانتقام منها،علي رفضها له.
وهذه الحادثة البشعة التي ابكت المجتمع كله وأثرت علي نفسيته بدرجة كبيرة،فضلا عن تدمير أسرة القتيلة نفسيا ومعنوية،قد أعطت رسائل من ورائها،من اول هذه الرسائل،هي مدي السلبية واللامبالاة التي وصل إليها المجتمع إزاء هذه الواقعة التي لم يتدخل فيها احد لكي ينقذ الفتاة من عملية الذبح البشعة-باستثناء فرد من أمن الجامعة تدخل متأخرًا- واكتفوا بالفرجة والتصوير بالموبايل وعمل فيديوهات علي اليوتيوب! بينما حياة الفتاة لا تساوي شيء لديهم. وثانيا: هو تراجع الشهامة ورجولة أهل البلد،والمتعارف عليها في هذه المواقف إلا أن هذه الحادثة لم تحرك رجولة وشهامة أحد لانقاذ فتاة تستغيث في الشارع وفي وضح النهار قبل ذهابها للامتحان بالجامعة !
ثالثا: أن الشخصية المصرية نفسها حدث بها تغيرات في الفترات الأخيرة،نتيجة انتشار مخدرات حديثة بجانب المخدرات التقليدية التي دمرت مخ الشباب وجعلتهم يفعلون اشياء غير طبيعية مثل الذبح في الطرقات والشوارع وأمام الناس والتماثيل بالجثث،مثلما حدث في هذه الواقعة البشعة مع فتاة المنصورة ومن قبلها واقعة ذبح رجل آخر في الاسماعيليه من قبل صديقه تم ذبحه بنفس الطريقة ولم يتدخل أحد لانقاذه! وهو ما يشير إلي سلبية المجتمع،فضلا عن إصابته بالاحباط الشديد الذي يعاني منه نتيجة ضغوط الحياة اليومية!
كان ممكن للفتاة أن تعيش،لكن ما حدث هو إدانته للمجتمع كله وللكل الأفراد في محافظة الدقهلية بالمنصورة؛ للأمن وأصحاب المحلات أمام الجامعة والأمن الجامعي نفسه وسائقي الميكروباصات وغيرهم من المواطنين الذين اكتفوا بالمشاهدة،والاستسلام لعنصر المفاجأة،والصمت العاجز الموافق قليل الحيلة !!
رابعا: رسالة الي رجال الدين وبعض من هم محسوبين علي الازهر الشريف،والذين يفتون بغير علم،ويريدون فقط الحصول علي اللقطة والترند فقط ودون مراعاة لأحوال أسرة الفتاة،الام المكلومة والاب الحزين،واحدهم القي باللوم علي الفتاة المذبوحة،معللا السبب في أنها غير محجبة! وهناك من القي التهم علي كل الفتيات الغير محجبات وهناك من دعي بارتداء الخيم والقفف لتغطية كل الرأس والجسد،حتي لا يقع التحرش،وغيرها من التصريحات الغير منطقية والهادفة فقط الي تحقيق الترند واعلانات اليوتيوب فقط علي حساب قيم وأخلاقيات المجتمع!
خامسا: لابد أن يتم وضع تشريع في مجلس النواب، يجرم كل من يصور فتاة أو واقعة وينشرها علي اليوتيوب او وسائل التواصل الاجتماعي بغرض التشويه وتحقيق الترند مثلما فعلت أحدي المواقع الإخبارية المصرية أمام هذه الواقعة التي هزت وادمعت قلوب المصريين جميعا،ولابد من التحقيق مع الصحفيين الذين يصورون الفتاة ويكتبون عنها بالسلب ويمجدون القاتل ويعتبرونه بطل ! وهو ما أشرت،انا، له شخصيا في رسالة الماجستير عن أخلاقيات نشر الجريمة،ومنها إظهار المجرم علي أنه بطل،فيجعل الآخرين يحاكونه ويقلدونه، بشكل أو بآخر في مواقف مشابه،الا ان مثل هذه الرسائل،نتائجها تظل حبيسة الإدراج في المكتبات الجامعية دون الاستفادة منها،الا بعد أن تقع الكوارث في مجتمعاتنا !
سادسًا: وهي الرسالة الأخيرة في هذه الواقعة والتي كان بطلها تناول القاتل المخدرات،وهي ما تدفع لارتكاب جرائم بشعة لا يتخيلها عقل انسان طبيعي،مثل واقعة طالبة المنصورة،وغيره،والسؤال هنا لماذا لا يتم التخلص من تجار المخدرات الذين عادوا الي نشاطهم بقوة مؤخرا والقضاء عليهم بضربة واحدة مثلما فعلت الدولة مع الإرهابيين في سيناء وغيرها،مع أنه لا فارق كبير بين الإرهابي وتاجر المخدرات،لان كلاهما مدمر للمجتمع واستقراره؛ والدولة ممثلة في الشرطة والجيش يستطيعون فعل هذا واكثر منه.
علي كل حال،هذه الرسائل ينبغي أن نتعلم منها،حتي نتلافي اي أخطاء قادمة،حتي نحفظ الدماء الغالية لنا ولابناءنا وشبابنا النقي الطاهر مثل فتاة المنصورة الطاهرة النقية والمجتهدة في دراساتها وكانت تحلم بمستقبل باهر لها في الطيران،إلا أن المجتمع باخطاءه وسلبياته،ابي أن يجعل حلمها يتحقق،بل جعل حياتها تنتهي علي يد مجرم قاتل لعين،دون أن يتدخل لإنقاذها أو انقاذ نفسه الامارةبالسوء!!