في ظل التطور الهائل الذي يلف المعمورة من حولنا، وإعتماد الإنسان على قوة الآلة في جميع مناحي حياتنا، زادت معدلات الخسائر في الأرواح والمعدات في بيئات العمل المختلفة. الأمر الذي جعل وتيرة الإهتمام بدور السلامة والصحة المهنية في بيئة العمل يتزايد بصورة ملحة.
يلعب الوعي دورًا ذو أهمية بليغة في إدراك أهمية دور السلامة والصحة المهنية في الحفاظ على الأفراد والممتلكات وزيادة الإنتاج.
فمثلا لا حظنا أن المواطن البسيط الذي كان قديما يحتال على القانون لكي يسرق من الشارع الذي أمامه بضع أمتار ليضيفها إلى منزله، هو الآن أصبح لديه الوعي بأهمية أتساع الشارع، وكيف أن ثمن عقاره سوف يتأثر بالسلب والإيجاب قياسًا على إتساع الشارع المطل عليه العقار. و بهذا المفهوم الجديد صارت هناك مصلحة مشتركة بين المواطن الذي يرغب في بناية تطل على شارع متسع، وبين الجهة التي تشرف على بناء الشارع، وبين الحكومة التي تضع التشريع الذي تلتزم به الجهة التي تقوم بعملية البناء.
بهذه الأسلوب يمكننا أيضا أن نصحح المفاهيم الخاطئة التي ترسخت في الحد من أهمية ودور السلامة والصحة المهنية بيئة العمل. وذلك بتوضيح أن للسلامة والصحة المهنية دور مهما في الحفاظ على بيئة العمل بما تحتوية من العامل وما يحيط به. الأمر الذي يحقق سلامته من ناحية وزيادة الانتاج والحفاظ على الممتلكات من ناحية أخرى، وكل هذا يصب في إستقرار الحكومة التى ترعى ذلك، ويجعلها تسير قدما في درب تطورالدولة ونمائها.
، وذلك على عكس ما يترسخ في إذهان أصحاب الأعمال حيث أن بعضهم يعتقد أن السلامة والصحة المهنية لها دور ثانوي وأن الأمر لا يعدوا عن كونه تكاليف إضاقية على عاتق المنشأة من ناحية، وقيود شكلية لا تسمن ولا تغني من جوع. وعلى الجانب الأخر يعتقد بعض العمال من جانبهم أن تشريعات السلامة والصحة المهنية ما هي إلا عصا يستخدمها العامل ليقرع بها رأس أصاح الأعمال بحجية القانون، سواء ليستغل هذا في تحقيق مكاسب مادية أو معنوية مباشرة او غير مباشرة، دون النظر الى فلسفة هذه التشريع والأهداف السامية التي من أجلها سن المشرع قوانين السلامة والصحة المهنية والتي تهدف إلى تحقيق مصلحة العامل وصاحب العمل وهذا بدوره يصب في مصلحة الحكومة التى ترعى كل هذا. إن النظرة المحدودة الأفق من العامل تجاه صاحب العمل ومن صاحب العمل تجاه العامل، أو من الدولة تجاه العامل وصاحب العمل. لها دور رئيسي في ترسيخ المفاهيم الخاطئة والتي من شأنها أن تؤسس لبيئة عمل سلبية لا يمكنها بحال من الأحوال أن تفرز وسط إيجابي يساهم في نهضة وتطور المجتمع الأمر الذي من شأنه أن يؤخر تطور ونهضة الأمم. وهنا يبرز دور الحكومات في وضع آليات المراقبة والتفتيش على إنجاز دور السلامة والصحة المهنية في بيئة العمل دون إفراط ممل أو تفريط مخل، والعمل الدؤوب على تطوير هذه الآليات حتى تلبي الأمن المادى والمعنوي للعامل من ناحية ومن ناحية أخرى توفر لصاحب العمل بيئة تحافظ له على سلامة المعدة وزيادة الإنتاج، وكل هذا يصب في مصلحة الحكومة التي ترعى هذا وتصونه.
أن العلاقة المثلثية التي تربط بين الحكومة كمصدر للتشريعات الخاصة في هذا المجال والمراقبة علي تنفيذها، وبين صاحب العمل، والعامل، يجب أن يكون مناخًا إيجابيًا، مبني على توضيح أهمية الدور الذي يقوم به كل ضلع من أضلاع المثلث الثلاث. فالحكومة تشرع القوانين والقرارات التي من شأنها أن تضمن سلامة بيئة العمل التي تعني صاحب العمل، وسلامة العامل التي تعنيه بالضرورة. ومن ناحية أخرى تراقب تطبيق هذه القوانين والقرارات على الأرض بما يضمن مواكبتها لتجقيق الثمار المرجوة منها متوافقة في ذلك مع المعايير العالمية للسلامة والصحة المهنية والتي من شأنها أن تحقق مصالح العامل، ورب العمل، والحكومة التي ترعى ذلك.
آراء حرة
السلامة والصحة المهنية بين" الحكومة - العامل -صاحب العمل"
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق