منذ شهر أبريل الماضي، أنتظر بشغف قراء ومحبي أديب نوبل نجيب محفوظ صدور الطبعات الجديدة لأعماله الأدبية عن دار ديوان للنشر، بعد حصولها على حقوق طباعة الأعمال الكاملة للأديب الراحل بصورتها الورقية والصوتية بشكل غير حصري للطبعات الإلكترونية بين الدار الوليدة في عالم النشر، وأم كلثوم وريثة الأديب الراحل، في نوفمبر الماضي، إلا أن هذه الطبعات لم تصدر حتى وقت كتابة هذه السطور.
طبعات ديوان تحت عنوان «مشروع نجيب محفوظ»
في مايو الماضي تواصلت «البوابة نيوز» مع أحد مسئولي دار ومكتبة ديوان للاستفسار حول سبب التأخير، ولكن المصدر أكد أنه ليس هناك أي تأخير في إصدار الأعمال، مضيفًا أن «ديوان» وقعت عقد حقوق الملكية في ديسمبر الماضي، بعد مفاوضات طويلة، كما أن لجنة النشر التي تم تكليفها بمراجعة الأعمال فحصت الأعمال الكاملة، مشيرًا إلى أن بعض هذه الإصدارات في المطابع حاليًا، ومن المقرر إصدارها خلال نهاية يونيو الجاري وبداية يوليو المقبل.
وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، أطلقت دار «ديوان» تحت عنوان «مشروع نجيب محفوظ» حملة للترويج للأعمال المرتقب صدورها محددة هدفها قائلة: «يهدف مشروع نجيب محفوظ إلى تمديد أثر الأديب العالمي وفتح نوافذ جديدة لكل إبداع أصيل ومميز».
مصدر آخر داخل «ديوان» رفض ذكر اسمه، أكد لـ«البوابة نيوز» أن الأعمال التي تم الانتهاء من مراجعتها ودخلت إلى المطابع بالفعل هي 6 روايات فقط، أبرزها اللص والكلاب، السكرية، ثرثرة فوق النيل، وبين القصرين، والحرافيش، وقصر الشوق.
طبعات «هنداوى»: اعتمدنا على طبعات مكتبة مصر ولبنان
في الخامس عشر من مايو الماضي، بدأت «هنداوى» نشر الطبعة الإلكترونية لأعمال نجيب محفوظ عبر موقع، وتطبيق «هنداوى» بشكل مجانى، بموجب تعاقد بين الدار وأم كلثوم ابنة الأديب الراحل مقابل 6 ملايين جنيه، حرصت أم كلثوم من خلال هذا التعاقد على مواجهة الطبعات المقرصنة عبر مواقع الإنترنت، وحتى وقت كتابة هذه السطور نشرت المنصة خمس روايات فقط وهي قصر الشوق، بين القصرين، والسكرية، اللص والكلاب، والحرافيش.
وأخذ القراء على هذه الطبعات هو عدم وجود أغلفة تعبر عن أعمال أديب نوبل، والاكتفاء بتصميم بسيط بصورة «محفوظ» لكافة الأعمال من تصميم يوسف غازي، وهو الأمر الذي ميز طبعات الشروق من قبلها مكتبة مصر، ومكتبة لبنان «القلم- ناشرون».
وبالنسبة لتعدد الطبعات التي صدرت لأعمال محفوظ، يبقى السؤال ما الطبعة التي اعتمدت مؤسسة هنداوي على طرحها إلكترونيًا، خاصة أن هناك انتقادات طالت دار الشروق الناشر السابق لأديب نوبل، بسبب بعض الأخطاء اللغوية والإملائية وأقاويل أخري بتغيير في بعض الأعمال كان على رأسها رواية اللص والكلاب، التي صدرت طبعتها الأولى في عام 1961 عن مكتبة لبنان.
في عام 2019، انتبه القراء عبر موقع «جود ريدز» الشهير، لأخطاء طبعات دار الشروق، إذ كتب حساب باسم مصطفى أحمد حول خطأ في رواية اللص والكلاب، والتي نشرت لأول مرة وصدرت طبعتها الأولى عن الشروق في عام 2006 :«طبعة دار الشروق جاء في بداية الفصل العاشر: «ارتدي بدلة الضابط على سبيل التجربة فحدجته نورا رافعة يديها في تسليم وإن لم يكن شئ لا يمكن أن يهددها».
في نفس الطبعة لنفس العمل في مقدمة الفصل الثاني عشر جاء في طبعة الشروق : «ارتدي بدلة الضابط على سبيل التجربة فحدجته نور بدهشة لكنها لم تلبث أن قالت في توسل».
بينما النسخة الصحيحة للرواية حسب الطبعة الأولى في الرواية جاء في مقدمة الفصل العاشر: «يا للعدد العديد من المقابر. الأرض تمتد بها حتى الأفق، رافعة يديها في تسليم وأن يكن شئ لا يمكن أن يهددها».
عمرو عز الدين رئيس قسم التحرير في مؤسسة «هنداوى» قال في تصريح مقتضب لـ«البوابة» إن المؤسسة اعتمدت على طبعات مكتبة مصر ومكتبة لبنان ناشرون، في إخراج طبعاتها الإلكترونية المجانية من أعمال الكاتب الراحل، مضيفًا أن المؤسسة اعتمدت أيضًا على ما توفر من المخطوطات الأصلية لبعض الأعمال.
اتهامات تغيير أعمال «محفوظ» بين «مكتبة مصر» و«دار الشروق»
كان وزير الثقافة السابق الكاتب الصحفي، حلمي النمنم، هو أول ما لفت انتباه القراء للتغييرات التي لحقت بأعمال أديب نوبل خلال حياته، في مقال نشر في الهلال عام 1995، وحسب «النمنم» فإن أعمال محفوظ وقع بها 1000 تغيير، مشيرًا إلى أن رواية السمان والخريف وقع بها 119 تغييرًا، ورواية «بداية ونهاية» 88 تغييرًا.
وكانت دار ديوان قد حددت لجنة مكونة من الكاتب الصحفي محمد شعير، والروائي أحمد القرملاوي، الدكتور حسين حمودة أستاذ الأدب العربي بالجامعة الأمريكية، والدكتور محمد بدوي أستاذ الأدب العربي، والشاعر أحمد شافعي، والناقد مصطفى بيومي.
ورفض الكاتب ومنسق لجنة مراجعة أعمال محفوظ بدار ومكتبة ديوان أحمد القرملاوي، تحديد أسماء الروايات التي تم الانتهاء من مراجعتها ودخلت المطابع تمهيدًا لصدورها خلال الفترة المقبلة.
وتابع «القرملاوي» خلال تصريحات لـ«البوابة» للكشف عن كواليس المراجعة قائلًا إن اللجنة اعتمدت مبدأ أساسيا في جميع الروايات التي انتهت من مراجعتها، وهو الاطلاع على كافة الطبعات التي صدرت من نفس العمل، في طبعات مكتبة مصر القديمة ومكتبة القلم / ناشرون اللبنانية إضافة إلى ما نشر في حلقات منفصلة في بعض الجرائد. ومضيفًا أن اللجنة وجدت اختلافات كثيرة، بين جميع الطبعات شملت حذف بعض الجمل، الأمر الذي يرجعه «القرملاوي» إلى عدم تطوير آليات الطباعة قديمًا، وبالتالي وارد سقوطها سهوًا حسب تعبيره إضافة إلى اختلافات في بعض الجمل والكلمات الواردة في بعض الأعمال.
وأشار إلى أن اللجنة وجدت أيضًا حذفًا وتغييرًا في بعض الروايات لكلمات أو جمل كاملة مشيرًا إلى أن اللجنة حاولت «توقع» الكلمة الصحيحة في بعض المواضع وهو ما كان محل نقاش وجدال بين أعضاء اللجنة، وكان هذا هو سير عمل اللجنة للوصول إلى أدق نسخة مما كتبه نجيب محفوظ.
واختتم أن ديوان ستقدم مشروع نجيب محفوظ للقراء عبر كافة الوسائل من خلال تدشين موقع ونسخ ورقية وصوتية خلال الفترة المقبلة.