صرح الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، رئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب، أنه في ظل دولة المدينة تمتع غير المسلمين بالحرية العقدية والاستقلال الديني، وهو ما ظهر جليا في وثيقة المدينة التي عقدها الرسول "صلى الله عليه وسلم" مع أهل الديانات والأعراق المختلفة في المدينة، فلم يكره أحدا على الدخول في الإسلام، امتثالًا لما ذكره الله عز وجل في محكم التنزيل: (أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) [يونس:99]، وهو ما نجده واضحا حين أقر رسول الله كلا على دينه.
الرسول تعامل مع جميع الطوائف على أساس من العدل والمساواه والاحترام
وأوضح "جمعة"، أنه في إطار هذه الوثيقة تعامل الرسول "صلى الله عليه وسلم" مع جميع الطوائف على أساس من العدل والمساواة واحترام الآخر، فقد حفظ لليهود جميع حقوقهم الدينية والمدنية، وذلك من خلال بنود المعاهدة التي أبرمها مع القبائل اليهودية في المدينة، وقد حافظ الرسول صلى الله عليه وسلم والمسلمون على هذه العهود والمواثيق مع اليهود, وجرت بينهم معاملات شتى, حتى رهن الرسول درعه عند يهودي.
الدولة في عهد النبي الكريم تمتعت بأمان ديني واجتماعي واقتصادي حتى لغير المسلمين الذين راجت أسواقهم
وتابع رئيس اللجنة الدينية حديثة عبر حسابة الشخصي على فيسبوك قائلًا: وفي ظل هذا الأمان الديني والاجتماعي والاقتصادي الذي كفله الرسول لليهود، راجت أسواقهم، وكان نساء المسلمين يذهبن ليبعن ويشترين وحدهن، ورغم ذلك لم يلتزم اليهود بهذه المعاهدات والمواثيق، وخرجوا عنها، ونتج عن ذلك نماذج وتعامل الرسول مع كل نموذج وفق ما أقرته الوثيقة.
الرسول أضطر أن يخرج اليهود من الدولة بعد غدرهم للعهد مرتان
وقال الدكتور علي، إن النموذج الأول فيتمثل في يهود بني قينقاع، حيث كانوا أول من نقض المواثيق، حيث تعدوا على امرأة مسلمة في أحد أسواقهم، وكشفوا عورتها أمام السوق، فصاحت، فوثب رجل من المسلمين على الصائغ فقتله وكان يهوديا- وشدت اليهود على المسلم فقتلوه، فاستصرخ أهل المسلم المسلمين على اليهود، فغضب النبي "صلى الله عليه وسلم" لما وقع من يهود بني قينقاع الذي يدل على الخيانة والغدر ونقض العهد، وخرج ومعه المسلمون لمعاقبتهم فحاصروهم خمسة عشر ليلة حتى اضطروهم إلى الاستسلام والنزول على حكم رسول الله الذي قضى بإخراجهم من ديارهم جزاء غدرهم وخيانتهم، وكان ذلك في منتصف شوال من السنة الثانية للهجرة، وكان بنو قينقاع حلفاء للخزرج فقام عبادة بن الصامت الخزرجي وتبرأ من حلفهم، ولاية لله ورسوله، وعداء لأعداء الله ورسوله، أما عبد الله بن أبي الخزرجي بن سلول رأس المنافقين فوقف في صف اليهود مدافعا عنهم.
مردفًا: أما النموذج الثاني وهو يهود بني النضير فقد تآمروا إثر غزوة أحد على قتل رسول الله "صلى الله عليه وسلم" في أحد أسواقهم، وهو أمر خطير أن يتآمر جماعة من المواطنين على قتل رئيس الدولة، الذي ضمن لهم سبل العيش الآمن، وأنعش اقتصادهم وتجارتهم، فحاصرهم الرسول صلى الله عليه وسلم في ديارهم، فقذف الله في قلوبهم الرعب، وخرجوا من بيوتهم بعد أن خربوها حسدا للمسلمين أن يسكنها أحد منهم من بعدهم.