قبل ساعات انطلقت فعاليات الدورة الثالثة لمنتدى أسوان للتنمية والسلام المستدامين، والتي تستمر على مدار يومي 21و22 يونيو 2022، تحت عنوان "إفريقيا في عصر من المخاطر المتتالية وقابلية التأثر المناخي: مسارات لقارة سلمية، قادرة على الصمود، ومستدامة".
ويعد المنتدى منصة إقليمية تهدف إلى النهوض بالقارة السمراء، ويأتي انعقادها انعكاسا لحرص مصر على الدفع بأجندة العمل الإفريقي خلال المرحلة الدقيقة التي تشهدها العلاقات الدولية، ومن المقرر أن تتطرق نقاشات النسخة الثالثة إلى دعم التعاون من أجل مكافحة الإرهاب وتجاوز تداعيات جائحة كورونا وتحقيق الأمن الغذائي والدفع بجهود إعادة الإعمار والتنمية ما بعد النزاعات.
اهمية النسخة الثالثة من منتدى أسوان للتنمية والسلام المستدامين
وتكتسب نسخة المنتدى هذا العام مكانة خاصة لكونها محطة مهمة على صعيد الإعداد للدورة السابعة والعشرين لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ COP 27 الذي تستضيفه مصر في نوفمبر هذا العام، حيث ستسلط الضوء على تداعيات تغير المناخ على جهود تحقيق السلم والتنمية في إفريقيا، وذلك استنادًا إلى دور مصر الرائد في تعزيز التعاون الدولي والإفريقي في مجال السلم والأمن من ناحية، وفي مجال تغير المناخ من ناحية أخرى، وقد بدأت عملية الإعداد للنسخة الثالثة من المنتدى من خلال عدد من ورش العمل التي سينتج عنها توصيات محددة يتم تقديمها إلى المنتدى.
في مستهل فعاليات منتدى أسوان للتنمية والسلام المستدامين، قال الرئيس عبدالفتاح السيسي، "إنه لمن دواعي سروري أن أرحب بكم في الدورة الثالثة لمنتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامين، تلك المنصة الأفريقية التي تثبت يوما بعد يوم، منذ إطلاقها خلال رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي بعام 2019، أنها محفل أفريقي فعّال وجامع نناقش فيه معا مختلف التهديدات والتحديات التي تواجه القارة، ونسعى من خلاله لبلورة رؤية مشتركة توثق العلاقة بين السلام والتنمية المستدامة، وتعزز التعاون فيما بيننا ومع مختلف الشركاء الدوليين".
وأضاف الرئيس السيسي، خلال حديثه بفعاليات الدورة الثالثة للمنتدى، أن "المنتدى ينعقد هذا العام في توقيت بمنتهى الدقة، يعاني فيه المجتمع الدولي من توترات متزايدة لها عواقب بعيدة المدى على مختلف الأصعدة، التي تعكس آثارها كذلك على البلدان الأفريقية، لاسيما الأمن الغذائي وأمن الطاقة، والتداعيات الصحية والاجتماعية والاقتصادية الناتجة عن جائحة كورونا، والتي تعاني بلادنا من آثارها السلبية، الأمر الذي يقع على عاتقنا مسؤولية تضافر الجهود المشتركة لمجابهة التحديات وتعزيز قدراتنا على الصمود والعبور بقارتنا لبر الأمان".
قضايا محورية يناقشها منتدى أسوان للتنمية والسلام المستدامين
وعن أهمية المنتدى يؤكد الدكتور أحمد عبد الدايم، أستاذ الدراسات الإفريقية بجامعة القاهرة، إن منتدى أسوان للتنمية والسلام المستدامين له أهمية كبيرة حيث يأتي انعقاده بالتركيز على قضيتين محوريتين هما الأمن والتنمية كذلك التعبير عن القضايا الإفريقية، كما أن المنتدى يمثل حل جوهري يتماشى مع مبادئ الاتحاد الإفريقي.
وأضاف "عبد الدايم" في تصريحات لـ"البوابة نيوز" أن المنتدى يهدف إلى بناء قارة إفريقية قادرة على التنمية استدامتها والصمود في وجه الأزمات، مشيرا إلى أن تأثر القارة بالأزمة الغذائية العالمية جاء بعد جائحة كورونا، والحرب الروسية الاوكرانية يأتي نتيجة لعدم استغلال القارة لمواردها الطبيعية، متابع: " القارة الإفريقية لم تكن لتعاني من هذه الأزمة لو احسنت استغلال مواردها والإمكانيات الزراعية وتقوية اقتصادها وهو ما يحاول المنتدى أن يطرحه ويعمل على تطبيقع على أرض الواقع".
وأوضح أن مصر لها دور بارز في دعم جهود التنمية في إفريقيا، من خلال منع النزاعات وبناء السلام من أهم أدوار مصر في دعم الاستقرار والتنمية والاستقرار الإفريقي والقوات المصرية بالفعل تسهم في منع الصراعات والحروب في العديد من البقاع الإفريقية، فلا يمكن أن توجد تنمية حقيقية دون منع النزاعات والحفاظ على الاقتصاد الإفريقي".
وتابع: " مصر لها دور في بناء القدرات الإفريقية وتنمية الشباب الإفريقي، لذلك أصبح المنتدى منصة سنوية يشارك فيهعا الفاعلين الدوليين للتعبير عن صوت إفريقيا للمساهمة في إعادة الاستقرار للقارة السمراء".
القارة السمراء الأكثر تضررا بالتغيرات المناخية
من جهته يقول الخبير الاقتصادي الدكتور محمود عنبر، إن من أبرز القضايا التي يطرحها المنتدى هذا العام قضية التغيرات المناخية، حيث أن القارة الإفريقية تعد الاكثر تضررا من مخاطر التغيرات المناخية على الرغم من أن الدول المتقدمة هي المتسبب الرئيسي في تفاقم أزمة الانبعاثات الكربونية وغازات الاحتباس الحراري وارتقاع نسب التلوث في العالم.
وأضاف عنبر في تصريحات لـ"البوابة نيوز" أن الدول المتقدمة تتسبب في 80 % من الانبعاثات الكربونية، في الوقت الذي تحملت الدول النامية العبء الأكبر من أضرار تغير المناخ، في حين الدول تحاول المتقدمة فرض استراتيجيات على الدول النامية فقط من أجل تخفيض الانبعاثات، إلا أنه من الأولى أن تتحمل هذه الدول مسؤولياتها حول أزمة التغيرات المناخية والسعي بشكل جدي للحد من الانبعاثات الكربونية الضارة".
ولفت إلى أن قضية الأمن الغذائي أيضا والتي طرحها الرئيس عبد الفتاح السيسي اليوم في المنتدى تعد من أبرز القضايا التي تؤثر على القارة السمراء، مشيرا إلى أن المنتجات الغذائية اكتسبت أهمية أكبر بعد جائحة كورونا والأزمة الأوكرانية، حيث أصبحت مؤشر مهم للحفاظ على الأمن الغذائي وبالتالي ينعكس على الأمن القومي، بعد أن كانت تصنف كسلع استراتيجية فقط.
وتابع: "الدول المنتجة والدول الزراعية، ورصيد الدولة من الإنتاج الزراعي أصبح مصدر قوة للدول، ومن هنا فالدول الإفريقية لديها ميزة نسبية نتيجة لتوافر مساحات الأرض الممهدة للزراعة وامتلاك الأيدي العاملة القادرة على عمل نهضة زراعية وتكوين قوة إقليمية ودولية قادرة على النهوض وتنمية القارة السمراء".