فوجئت بالشاب المثقف والفنان المبدع/يحيى الهرميل -منذ عام تقريبا- وهو يضع الزيت المستخدم فى التحمير فى زجاجة بلاستيكية!..تعجبت وسألته لماذا؟..قال لنستبدله بهدية رمزية، فزاد تعجبى وقلت وهل نحن فى حاجة لذلك؟!..قال:الموضوع ليس إحتياج، ولكن مصلحة الدولة التى تصرف المليارات فى تنقية المياه، وتلك الزيوت تصعب من عمليات التنقية وتكلف الدولة المنهكة مزيدا من الاموال، بالإضافة لما تسببه من إنسداد لأنابيب الصرف الصحي!..وفى نفس الوقت تعمل بعض الشركات على إعادة تدوير هذا الزيت، وتستخدمه فى تصنيع المنظفات أو زيوت المحركات..إندهشت لثقافته ووعيه وإلمامه بالمشكلة، وتمنيت أن يرتفع وعى أولادنا منذ الصغر بمشكلات الوطن، لينموا داخلهم الإحساس بالمسؤولية والإنتماء، ونساعد دولتنا فى خلق أجيال أفضل حظا يرتكزون على الثقافة والعلم والمعرفة..أما مادفعنى للكتابة فى هذا الأمر هو كثرة تداول معلومات على شبكات التواصل الاجتماعي ترهب الناس من تغيير زيت الطعام المستخدم بزيت آخر جديد، أو الحصول على قيمته المادية كثمن لهذا الزيت الذى نتخلص منه فى الأحواض أو المراحيض، وهو الخطأ الشائع منذ سنوات عديدة بسبب قلة التوعية..ولكن بعد إزدياد وعى الكثيرين بأهمية تجميع الزيت، حرصا على مصلحة الدولة ومواردها، وأيضا منفعة شخصية لمن يداوم على التجميع والإستبدال، بدأت حملات شرسة منذ عدة أسابيع
تحذر من بيع أو تبديل الزيت، بدعوى أن هناك من يعيده إلى لونه النقى ويعبأه من جديد، ويباع للجمهور على أنه زيت جديد سليم!..وأن مطاعم الغذاء الشعبى(الفول والطعمية) يستخدمون هذا الزيت السيئ المحروق!..والذى يعالج بالغليان وإضافة مادة النشا التى تسحب اللون الأسود وتعيد إليه شكل الزيت النقى!..وهو ما يسبب خطورة بالغة لمن يتناوله!..لأن زيت القلى بعد وصوله لدرجة الغليان، لا يجب إستخدامه مرة أخرى لما يسببه من أمراض خطيرة..تلك الحملة أشعرها ممنهجة ومفتعلة، وخاصة أنها تضرب عصفورين بحجر واحد، من ناحية أن يتوقف الناس عن تجميع الزيت، ويعودون إلى التخلص منه فى مياه الصرف الصحى..ومن ناحية أخرى تدريب أصحاب النفوس الضعيفة على طرق تنقية الزيت المستخدم، وهى بالقطع تنقية ظاهرية، وذلك بتقديم فيديوهات صوت وصورة، تصور بكل دقة عملية الغش، وتنشر بين الناس حالة هلع من الزيت المتاح فى الأسواق، فى ظل أزمة تعانى منها دول العالم، بسبب تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية..ولا أعتقد أن هذا الحديث المتداول صدفة وبلا ترتيب!..لذلك أناشد المسؤولين في الدولة بإصدار بيان واضح يطمئن الناس ويحثهم على الإستمرار فى تجميع زيت الطعام المستخدم، وخاصة مع تلك الأزمة التى نعيشها والتى لانعرف متى تنتهى، وهو ما يوفر قدرا كبيرا من الزيت الذى يستخدم فى صناعات عديدة..والأمر الآخر أن تتولى الدولة مسؤولية تجميع هذا الزيت المستخدم، وإعادة إستخدامه فى الصناعة، مع تشديد الرقابة على المطاعم ومصانع زيوت الطعام.
ولا نترك الأمور لعبث العابثين ولا لجشع تجار لايرحمون!..أما القضية الأخرى التى أريد إلقاء الضوء عليها، فهى الشائعات التى كثرت وملأت البيوت، عن عمليات الخطف التى تتم عن طريق عصابات منظمة يقوم أحد افرادها(وغالبا من راكبى الميكروباص)بالجلوس بجوار الضحية، ويشكها
شكة بسيطة تصيبها بالإغماء، ثم يصطحبها الخاطف على أنه من أقاربها، ويبدأ كما يشاع نقل الضحية لإجراء عملية سرقة الاعضاء!..هذه الشائعات تنغص حياتنا، وتملأ نفوس الآباء والأمهات بالخوف والقلق الشديد على أبنائهم، مما يجعلهم يضيقون عليهم فى تحركاتهم، ويسبب للأبناء حالة نفسية سيئة، رغم أنهم فى أجازتهم السنوية بعد مجهود الدراسة والإمتحانات..أى أن مروج الشائعة يريد تعكير صفو الأسر فى أكثر أوقات العام حرية وإنطلاق، ويصور بلدنا الآمن بأنه بلا أمن وأمان..ويقلل من مجهود وزارة الداخلية التى تعمل ليلا نهارا على توفير الأمن، ويواصل أبناؤها بذل الروح فى سبيل تحقيق هذا الهدف..ورغم نفى المركز الإعلامى لمجلس الوزراء لتلك الشائعات، بعد تواصلهم مع وزارة الداخلية، التى نفت تلك الأنباء جملة وتفصيلًا، وأكدت أنه لم يتم رصد أى شكاوى أو بلاغات بأى من المحافظات على مستوى الجمهورية بشأن وقائع خطف مماثلة، وأن كل ما يتم تداوله فى هذا الشأن ما هو إلا ادعاءات زائفة تستهدف إثارة البلبلة..إلا أن الشائعة مازالت تروج، وزادت فى الأيام الاخيرة، مما يستوجب إصدار بيان واضح من الداخلية، وتكراره بشكل مكثف فى الإعلام، حتى يطمئن الناس، وتنطفئ النيران التى تأكل صدورهم..ويخرس كل من يتطاول على بلدنا بإطلاق مثل هذه الشائعات..وستظل مصر بلدنا المعشوق أم الدنيا، وكما قال عنها العلى القدير فى سورة”يوسف”:”َادْخُلُوا مِصْرَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِين”.
آراء حرة
زيت مدلوق وشكة دبوس!
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق