وجه البابا فرنسيس بابا الفاتيكان، رسالة أعرب في بدايتها عن سعادته للمشاركة في إصدار كتاب حول القداس حسب الطقس الكونغولي، هذا الحدث الهام بالنسبة للكنيسة في جمهورية الكونغو الديمقراطية والذي نُظم في إطار التحضير لزيارته الرسولية إلى هذا البلد الأفريقي والتي كان يزمع القيام بها في بداية يوليو المقبل، وذلك على مثال البابا القديس يوحنا بولس الثاني.
ثم ذكَّر البابا فرنسيس بما كتب البابا القديس في الإرشاد الرسولي "الكنيسة في أفريقيا" حين تحدث عن تجدد العنصرة في هذه القارة وعن إصغاء أبنائها إلى رسالة البشرى السارة التي هي لغة الروح القدس وكيف استقبلت قلوبهم للمرة الأولى هذه الكلمة.
وتابع القديس يوحنا بولس الثاني في وثيقته الهامة، مشيرا إلى ان الروح القدس هو مَن أرسل إلى القارة المبشرين الأوائل والذين توجهوا سنة ١٤٩١ إلى مصب نهر زائير في بيندا مطلقين بداية مرحلة إرسالية، وكان الروح القدس أيضا وبفضل عمله في قلوب البشر من دفع ملك الكونغو نزينغا نكوو إلى تشجيع وصول المرسلين لإعلان الإنجيل.
وواصل البابا فرنسيس رسالته حسب ما نشرته الصفحة الرسمية للفاتيكان، منذ قليل، متحدثا عن الإيمان بيسوع المسيح وقال إن هذا الإيمان ما من شيء أثمن منه، مضيفا أنه الخير الكبير الذي ورثه المسيحي من الأجيال السابقة والذي عليه أن ينقله إلى أجيال المستقبل.
وأشار قداسته إلى أهمية الليتورجيا التي هي ذروة وينبوع نشاط الكنيسة بالنسبة لنقل الإيمان، وذلك لأن محتواها يشكل الإيمان مثلما يحدد إيمان شعب عبادته من جهة أخرى.
وقال البابا إن الطقس الكونغولي للاحتفال الإفخارستي هو بالتأكيد ثمرة تعليم الإرساليين تحت الشمس الأفريقية والذي تم استقباله.
وأضاف أن كتاب القداس لأبرشيات زائير وانطلاقا من أمانته للإيمان والتقاليد الرسولية والطبيعة العميقة لليتورجيا الكاثوليكية، وأيضا للإبداع الديني والإرث الثقافي الأفريقي والكونغولي، هو كتاب القداس الروماني "المنثقف" الوحيد، والذي نشأ عن الإصلاح الليتورجي الذي قام به المجمع الفاتيكاني الثاني. هذا الكتاب هو بالتالي، حسب ما واصل الأب الأقدس، ثمرة سنوات طويلة من البحث والخبرة على أرض الواقع والتعاون الخصب بين الكرسي الرسولي والكنيسة في الكونغو. وأضاف أن كتاب القداس هذا قد بلغ الأهداف الموكلة إليه بالكامل، فهو يمَكن مؤمني الكونغو من الصلاة بلغتهم وجسدهم وروحهم ومن استخدام الرموز المعتادة بالنسبة لهم.
ثم ذكر البابا فرنسيس أنه يريد أن يقترح الطقس الكونغولي للاحتفال الإفخارستي كنموذج للكنائس الأخرى في البحث عن تعبير ليتورجي ملائم لإنضاج ثمار العمل الإرسالي التبشيري وثقافة وانثقاف الإنجيل.
وذكَّر قداسته هنا بما كتب في الإرشاد الرسولي "فرح الإنجيل: "لا يليق بنا تجاهل الأهمية الحاسمة التي تكتسبها ثقافة يطبعها الإيمان، لأن تلك الثقافة المبشَّرة بالإنجيل، وبغض النظر عن محدوديتها، لديها موارد أكثر بكثير من مجرد مجموعة من مؤمنين يواجهون هجمات العلمنة الحالية. إن ثقافةً شعبية مبشَّرة بالإنجيل تحتوي قيم إيمان وتضامن يمكنها أن تحفز تطور مجتمع أكثر عدلا وإيمانا، وتملك الحكمة الخاصة التي يجب التمكن من التعرف عليها من خلال نظرة مفعمة بالامتنان".
وتابع قداسة البابا أنه، ومثلما فعل البابا القديس يوحنا بولس الثاني في ٢٣ أبريل ١٩٨٨ في حديثه إلى أساقفة الكونغو خلال زيارتهم الأعتاب الرسولية، يحث على الالتزام فيما يتعلق بطقوس الأسرار التي تُعدها الكنيسة في الكونغو لاستكمال هذا الطقس. ثم ختم رسالته متمنيا للجميع قراءة مثمرة للكتاب الذي يتم تقديمه، وذلك من أجل إدراك أنه من الجميل الاحتفال معا بعجائب الله في ابنه يسوع المسيح مخلصنا.
الجدير بالذكر إلى أن قداسة البابا فرنسيس كان سيقوم بزيارة رسولية إلى كل من جمهورية الكونغو الديمقراطية وجنوب السودان من ٢ حتى ٧ يوليو، إلا أن آلام الركبة التي يعاني منها قد دفعت الأطباء إلى أن يطلبوا منه تأجيل هذه الزيارة.
ومع اضطراره إلى تأجيلها قرر قداسته أن يحتفل بالقداس الإلهي مع جميع الكونغوليين المقيمين في روما وذلك في بازيليك القديس بطرس في ٣ يوليو، وهو اليوم الذي كان يُفترض أن يترأس فيه القداس الإلهي في العاصمة كنشاسا. وستُرفع الصلاة في جميع أبرشيات جمهورية الكونغو الديمقراطية تزامنا مع هذا القداس الإلهي حسب ما أكد في حديث إلى إذاعة الفاتيكان المطران فيليسيان مواناما غالومبولولا أسقف لويزا.
وأكد من جهة أخرى الصلاة يوميا من أجل تعافي قداسة البابا فرنسيس إلا أنه لا ينكر مشاعر الأسف التي أصابت سكان ومؤمني البلد الافريقي بسبب تأجيل الزيارة الرسولية، وشدد على أن الجميع كانوا ينتظرون بلهف الأب الأقدس متعطشين إلى رؤيته، إلا أن قرار البابا الاحتفال مع الكونغوليين في روما بالقداس الإلهي قد خفف من هذه المشاعر، كما وأن هذه الخطوة قد أكدت أن البابا يحمل في قلبه وفي صلاته مشاكل شعبنا وآماله، حسب ما ذكر أسقف لويزا.