أفادت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية بأن تباطؤ النمو والتضخم الحاد وارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة أدى إلى تكثيف الضغط على أداء الأسواق الناشئة وإذكاء المخاوف بشأن التعرض لأزمة ديون حادة في البلدان المنخفضة ومتوسطة الدخل.
وذكرت الصحيفة - في مستهل تقرير نشرته عبر موقعها الرسمي اليوم /الأحد/ - أن القلق تجلى بشكل خاص في ارتفاع عوائد السندات واستمرار تدفق رؤوس الأموال بالخارج في ضوء قرار المستثمرين بالخروج من البلدان الضعيفة لصالح عوائد أكثر أمانًا في أماكن أخرى، كما أن التوترات التي تصاعدت منذ بداية العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا تزداد سوءًا بالتدريج مع الاستمرار في تدهور آفاق النمو العالمي وتلاشي الآمال في تحقيق انتعاش سريع يخرج من طي معدلات تضخم غير مسبوقة.
ومما زاد من حدة الضغط، أعلن الاحتياطي الفيدرالي الأسبوع الماضي عن أكبر زيادة في أسعار الفائدة الأمريكية منذ عام 1994، في خطوة اعتبرت الصحيفة بأنها تخاطر بزيادة ديون الأسواق الناشئة ومشاكل التضخم عن طريق إضعاف عملاتها وتسريع تدفقات رأس المال الخارجة؛ حيث انخفضت بالفعل قيمة العملات من الريال البرازيلي إلى البيزو التشيلي بأكثر من 3% مقابل الدولار الأمريكي في الأسبوع الماضي حتى يوم أمس الأول، وخسر مؤشر الأسواق الناشئة MSCI، الذي يقيس الأسهم في 24 اقتصادًا ناشئًا، 4.7%.
وتعليقًا على ذلك، قال اقتصاديون ومستثمرون إن خطر عدوى الأزمات الاقتصادية وهروب المستثمرين إلى الخارج يبدو محدودًا في الوقت الحالي، لكنه قد يشتد إذا لم يتم بذل جهودا متجددة لتخفيف العبء على الحكومات المثقلة بالديون ودعم الأنظمة المصرفية الضعيفة، ففي دول من بينها سريلانكا وزامبيا ولبنان تعيش بالفعل في قبضة الأزمات وتسعى للحصول على مساعدة دولية للحصول على قروض أو إعادة هيكلة ديونها.
وأشارت "وول ستريت جورنال" إلى أن الضغوط على الأسواق الناشئة تُضيف إلى أزمات الاقتصاد العالمي هذا العام والعام المقبل بنحو يبدو معه العالم حاليًا مهيئًا لأضعف توسع له منذ عام 2020، وتوقع المتنبئون تباطؤً في عام 2023 أيضًا؛ لاسيما وأن التضخم المتسارع وارتفاع أسعار الفائدة يؤثران على النمو في الولايات المتحدة.
وفي هذه الأثناء، تتأرجح أوروبا من تداعيات العمليات الروسية، ويعاني اقتصاد الصين من تعثرات بسبب نهج الحكومة الصارم الذي لا يتسامح مع أي حالات للإصابة بـ "كورونا"؛ لتصبح الأسواق الناشئة عالقة وسط هذه التيارات المتقاطعة.
بدوره، خفض البنك الدولي هذا الشهر توقعاته للنمو في الاقتصادات النامية إلى 3.4% هذا العام من 4.6% سابقًا، مشيرًا إلى تداعيات ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة وتكاليف الاقتراض المتزايدة بسرعة في أعقاب زيادة أسعار الفائدة في الولايات المتحدة.
وذكر البنك، في تقريره الأخير عن الآفاق الاقتصادية العالمية، "يمكن أن ينتشر الضغط المالي عبر جميع بلدان العالم".
علاوة على ذلك، أوضحت الصحيفة أن عائدات السندات عادةً ما تقدم نظرة ثاقبة بشأن تقييم المستثمرين القاتم لآفاق بعض البلدان، حيث أن عوائد الديون طويلة الأجل لـ 23 دولة تبلغ حاليًا 8 نقاط مئوية أو أعلى قليلا من عوائد سندات الخزانة الأمريكية طويلة الأجل، وهي علامة تشير إلى الضائقة المالية، ارتفاعًا من 16 في بداية العام.
وبحسب شركة الاستشارات العالمية "أكسفورد إيكونوميكس"، فإن العائد على دين لبنان طويل الأجل يزيد بحوالي 32 نقطة مئوية عما يعادله بخزانة الولايات المتحدة.
وقال اقتصاديون إن العديد من البلدان التي تكافح كانت بالفعل مثقلة بالديون قبل أزمة وباء "كوفيد-19" بفضل الإنفاق الحكومي القوي الذي حفزته أسعار الفائدة المنخفضة والأموال الوفيرة من المقرضين من القطاع الخاص والدائنين الرسميين الجدد، وخاصة الصين.